هذا الموضوع شائك والحديث فيه أصبح شغل الكثير من البيوت المصرية.. لكن علينا أولا أن نعترف أن هناك مشكلة وتتفاقم كل يوم.. ولحلها لابد من تقديم بعض التنازلات من جميع الأطراف. الآن، وبعد الزيادة في الأسعار وغلاء المعيشة في كل شيء، البعض من الشباب (اليائس) يظن أن مسألة الزواج باتت مستحيلة، ففي الماضي القريب لم يستطع الشاب تحقيق حلمه في الاستقرار وبناء أسرة براتب يتقاضاه من الحكومة أو من أي وظيفة حتى إذا كانت خاصة، فهو أيضا لا يستطيع تحمل نفقات وتكاليف الزواج التي ترهقه بها الأسر المصرية. أما الآن، ومع ارتفاع الأسعار في كل شيء، فمجرد التفكير في هذا الموضوع أصبح من وحي الخيال. هناك أطراف شاركت في ما وصل إليه الشباب من يأس وحيرة بل وفي القضاء على أحلامهم... فمثلا أهل العروس عندما يتقدم شاب (محدود الدخل) لخطبة ابنتهم، يعني شاب براتب ومعه شقة إيجار وليس ملكا، فما الرد الذي سينتظره؟ طبعا الرفض بالثلث، لماذا؟ لأن الآباء والأمهات هذه الأيام لا يبحثون سوى عن المادة التي تحقق أحلام بناتهن.. أما مسألة (بنشتري راجل) التي سمعتها من والدي، رحمة الله عليه، حذفت من قاموس الآباء هذه الأيام.. مع الأسف المادة أعمت قلوب كثيرة.. والنتيجة طبعا: إضافة عانس جديدة في المجتمع، كل ذنبها في الحياة أنها تابع لوالديها، ولم تنشأ على سماع صوت عقلها لتستطيع المناقشة، بل تجدها تقول: اللي يشوفوا بابا وماما هو أكيد الأحسن، طبعا الأب والأم رأيهما يأتي من الخبرة، لكن المهم ألا يكون مبنيا على شكليات وماديات تفسد عقول بناتهم.. لذا لا تستقم العلاقات ولا تصلح الزيجات في معظم من الأحيان.. لأن ما بني على خطأ فهو خطأ. بعض الآباء ربما يغضب مني بعد قراءة هذه السطور، لكنني أؤكد لكم أنكم إذا راجعتم أنفسكم، وبحثتم في الجوهر وبحثتم عن رجل يصون إبنتكم ويراعي الله فيها، ستختلف الرؤى والمفاهيم. إذا نظرنا لكم العوانس التي أصبحت في مصر، نتاج ميراث من التفكير السائد والخاطئ، سنجد أن الأهالي ظلموا بناتهم بهذا التفكير، ولأن البنات تشبعن بهذا التفكير، سنجد أنهن أصبحن لا يفكرن في مسألة الزواج، بل وأن المسألة أصبحت غير مهمة عند كثيرات، سنجد أن الفتاة تتخرج، وتبحث عن وظيفة، والزواج يصبح مسألة ثانوية لن تضيف لها كثيرا.. أعرف كثيرات يفكرن بهذه الطريقة الآن.. فتقول الفتاة لنفسها، لماذا أتزوج؟ أنا أعمل وأتقاضى راتبا وأستطيع الاعتماد على نفسي، فلماذا أتزوج وأضيف مشاكل لحياتي؟ الكثير من الفتيات الآن، تجدهن يرتدن المقاهي التي انتشرت في مجتمعنا، وأصبحن لهن حياة خاصة مستقلة ولا تشغلهن مسألة الزواج، لكن عندما تجد أن الوقت سرقها، وربما إذا نظرت لصديقاتها المتزوجات والمستقرات في بيوتهن، تبدأ في الشعور أن قطار الحياة قد فاتها، وتبدأ في التنازل بعد سن معين، وحينها تكون النتيجة الزواج في سن متأخرة، والحياة تبدأ بعد فوات الأوان. الشباب أصبح في حالة يأس مستمر، تارة من غلاء المعيشة وتارة من الفتيات وكثرة طلباتهن التي في غير محلها، وتارة أخرى من مشاهد البنات في المقاهي التي لا تفكر في الزواج.. والنتيجة أن معظم الشباب يعزف عن الزواج، أو يبحث عن ضالته في بنات المجتمعات الأخرى (الأرخص ماديا)، سواء أجنبية أو عربية، أو أي جنسية أخرى، المهم ألا تكون العروس مصرية.. إذن، لابد من مساعدة هؤلاء الشباب، لاستقرار المجتمع ولصلاح حاله. ومن قلبي: أقول لكل الآباء اتقوا ربكم في بناتكم، سيحاسبكم الله عما تفعلون بهن، فالحياة الرغدة مطلوبة ولكنها ليست أساس كل شيء، الحياة البسيطة الكريمة وتحمل المسئولية والمشاركة من الطرفين أفضل بكثير ويباركها رب العالمين.. وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.