داخلهن سخط لا شعوري على الرجال فوبيا الزواج تجتاح عقول بنات العشرين محيط- فادية عبود: لم يعد الرجل "سندها" كما كانت تؤكد لها جدتها ، فها هي ترى أختها المتزوجة تقاسي الأمرين بسبب زوجها ، وتشاهد أبيها يعنف أمها ، وإن لم يكن الوضع هذا ولا ذاك فهي لا تجد رجلاً يحترم عملها قبل عقلها ، لذا أصيبت بنت العشرين ب "فوبيا" الزواج. آمال السعوديات العملية بعد عصور الكبت والانفصال عن العالم التي عاشتها المرأة السعودية ، أصبحت تبحث عن تحقيق كادرها الوظيفي حتى ولو أتى ذلك على حساب تكوينها للأسرة ، خاصة وأن الرجل الشرقي لا يقدر قيمة عمل المرأة، لذا أصبحت فكرة الزواج تشكل "فوبيا" بالنسبة إليها . كشقري- 27 عاماً - تعمل موظفة خدمة عملاء, تقول: "تحقيق النجاح في عملي وإثبات ذاتي من أهم الأسباب التي تجعلني لا أفكر بالزواج حالياً، إضافة إلى الخوف من أن يكون الزوج غير متفهم لطبيعة دراستي وعملي، فضلا عن خوفي من الارتباط بشخص لا يعي مفهوم المسؤولية الأسرية، لكن إذا وجد حب فلا بأس من الفكرة!". ولكن بسمة خليل ، 28 عاماً, تخشى الزواج لأسباب أخرى ، فتقول: "أخاف من الفكرة لأسباب كثيرة منها المشاكل، فانا عشت طفولة قاسية بسبب انفصال والدي وأنا في سن مبكرة، ودائماً أسأل نفسي: هل بمقدوري أن أسعد زوجي وأكون أما ناجحة لأولادي؟ وهل يوجد رجل يستحق أن أطمئن إليه بسبب ما حدث بين والدتي ووالدي؟" من ناحيتها تحكي - رندة.ع 35 عاماً - عن سبب رفضها الزواج قائلة: والدي يخاف أن يكون العريس المتقدم للزواج بي طامعا بنا، فنحن من أسرة ثرية, لذلك أصبحت أشك في أي رجل يحاول التودد إلي أو يحدثني عن الارتباط . غض للبصر وحصن للفرج يؤكد الشيخ أبو بكر الشاطري، إمام مسجد بالسعودية ، على أهمية الزواج ، قائلاً : "الإسلام حث على الزواج ورغب فيه وأمر به فقال عليه الصلاة والسلام "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، أي حماية من الوقوع في الحرام، بل ونهى الإسلام الشباب عن العزوف عن الزواج إذ إنه سنة وسبب لحفظ النسل البشري، وعليهم أن يبحثوا عن الدين والخلق والأسر الكريمة، ولا مانع من الاهتمام بالجمال والحسب والنسب. وعلى الفتاة إذا جاءها الكفء من الرجال أن لا تتردد، بل أن تجعل أمرها بيد الله، وأنصح أولياء الأمور بأن يتقوا الله في بناتهم وأن يتذكروا بأنهن أمانة عندهم، وأن الله سائلهم عن هذه الأمانة فعليهم أن يصونوها عن السوء وأهله، ولا يقفوا ضد زواجها. طول مدة التعليم وعلي أرض الواقع ، وبعيداً عن الإحصائيات الرسمية ، أقامت مجلة " سيدتي " استطلاعاً للرأي على 100 فتاة وسألتهن عن أسباب تأخرهن في الزواج، وكانت النتائج كما يلي: 73% من الموظفات يؤكدن أن العمل لا يقلل من فرص زواج الموظفة. 26.1 % عملهن قلل من فرص زواجهن. 22.9 % طول مدة التعليم قلل من فرص زواجهن. من ناحية أخرى كشفت دراسة سعودية عن أن هناك عوامل أخرى لتأخر زواج الفتيات السعوديات العاملات في القطاع الحكومي منها: 11.9 % عمل المرأة جعلها تبدي رأيها في الأمور المتعلقة بها. 7.4 % وصولها إلى مراكز مرموقة أعلى من مراكز بعض الرجال! 57% من الحاصلات على الدكتوراه لآبائهن علاقة مباشرة في تأخر الزواج. وحسب إحصاءات وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية نهاية 1999 تبين أن عدد المتزوجات في السعودية بلغ مليونين و638 ألفا و574 امرأة، من مجموع عدد الإناث البالغ أربعة ملايين و572 ألفا و231. غلاء المهور في الإمارات في الإمارت أظهر استقصاء لمجلة "سيدتي" أجري على 100 فتاة وتبين أن خوفهن من الزواج يعود إلى : * غلاء المهور. * عدم ثقتهن بجمالهن. * التحصيل العلمي العالي * المستوى العائلي للعريس. بينما يوضح الدكتور أحمد فلاح العموش أستاذ علم الاجتماع، بجامعة الشارقة ، أن ظاهرة خوف الفتاة من الزواج شكلت "فوبيا" في مجتمعاتنا العربية في العقدين الماضيين، بسبب التحولات الاجتماعية الأسرية. وأرجع أسبابها إلى: التكوين الفسيولوجي: حيث شكلت الفتاة في داخلها نمطية للفتاة المثالية المقبلة على الزواج، وذلك من خلال مظهرها وجمالها وهذه النمطية فرضها الإعلام والانترنت، وفقدانها احترام ذاتها يجعلها دائماً في حالة توتر وقلق وفي نهاية المطاف ينتهي بها الأمر إلى الانسحاب من المجتمع، إضافة إلى وجود بعض الإعاقات لدى الفتيات، فبعضهن يرين أن الزواج سيكشف هذه العيوب وسيدفع بحياتهن إلى التعاسة. التكوين النفسي: تعيش الكثيرات في عزلة اجتماعية بسبب بعض الموروثات القديمة وقد يصل الأمر بها إلى محاولة الانتحار، فالعزلة تشكل مصدر خوف من الزواج، التكوين الاجتماعي: وسلبياته مثل الزواج بالإكراه أو الزواج المبرمج الذي يضع الفتاة تحت خطورة الخوف من الزواج. خوف الفتاة من الشباب المتهور: تخشى الفتيات اليوم من الزواج لتهور الشباب وعدم جديتهم فهم يبحثون عن المتع الزائفة بعيداً عن العلاقة الجدية. خوف المصريات من المجهول بعدما دخلت نحوأربعة ملايين فتاة مصرية تحت لقب عانس ، فهن لم يخشين اللقب قدر خشيتهن من فكرة الزواج نفسها . تسرد كاميليا الديب، 26 سنة، أسباب خوفها من الزاوج قائلة : "أسباب كثيرة جعلتني خائفة من تجربة الزواج، منها أنني وبنات جيلي نسعى لتطوير أفكارنا باستمرار, بينما الشاب يعتمد على أن ثقافة المجتمع تدعمه" . أما نبوية سيد، 26 سنة، فتقول: "بعض الفتيات ممن أعرفهن اكتشفن بعد الزواج أن الشباب الذين تزوجن منهم شخصياتهم مختلفة تماماً عما كانوا يظهرونه أثناء الخطوبة، وهذا يجعلني مرعوبة من الفشل" . ولكن بسنت، 25 سنة، أستاذة اللغة الفرنسية بجامعة فرنسية في مصر، مرتبطة بعملها أكثر من أي رجل آخر ، فقالت : " أعشق عملي بدرجة تجعلني لا أجد وقتاً للتفكير في شيء آخر, وأخشى أن أتزوج ثم أفاجأ بزوجي يطلب مني التفرغ للبيت" . أما هدى شاهين، 25سنة، مدرسة لا تحتمل رتم الحياة الجافة بعد الزواج ، بينما صفا تاج ، 29 سنة، فضلت التفرغ لدراستها, ثم انشغلت في إعداد رسالتي الماجستير والدكتوراه, إذ تقول: "هذا لا يجعلني أجلس في انتظار العريس الذي ربما سيحاول أن يملي عليَّ شروطه وحالياً لا أشغل بالي بأمر الزواج". خوف مرضي يعلق الدكتور سيد جاد أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، على هذه الظاهرة قائلاً : " هناك نوعان من الخوف أحدهما مرضي دون مبرر، والثاني: الخوف الطبيعي وهو خوف الفتاة من المجهول بعد الزواج ويرجع ذلك إلى النمطية في حياة الفتاة الشرقية بصفة عامة، لأنها لا يقدر لها أن تختار من تعيش معه، ولكن هناك منظوراً آخر أن هذا الخوف هو تبرير لقلة فرص الزواج، وبزوالها يزول الخوف". أما الطبيب النفسي ناجي جميل، فأكد أن "الفتاة التي تخاف من تجربة الزواج, تكون غير ناضجة عاطفياً, أو تحمل سخطاً لا شعورياً على الرجال نتيجة رواسب تمكنت منها, كأن يكون هناك نوع من التفكك الأسري، وهناك أيضاً الفتاة المغرورة التي تعتقد أنها تستحق الأفضل، ويجب أن نضع في الاعتبار عند تحليل هذه الظاهرة التطور الذي جعل من مجتمعاتنا العربية مزيجاً متناقضاً ومتفجراً من موروث قديم وانفتاح لا مناص من الاعتراف به, كما أن المرأة المستقلة اقتصادياً تستطيع العيش وحدها، وهي مع تقدم السن تصبح مقبولة اجتماعياً". ليست عانساً
سواء كان رفض الفتاة للزواج باختيارها ، أم لم تتزوج لظروف خارجة عن إرادتها ، فإنها في النهاية توضع في مصنف العوانس ، ولكن الدكتور محمد فكرى مدرس مساعد الطب النفسي بجامعة عين شمس، أكد لشبكة الأخبار العربية "محيط" ، أنه من الظلم أن يطلق على البنت المتأخرة في سن الزواج عانس ، ومن الظلم أن يطلق نفس اللقب على الرجل أيضاً ، فتأخر الزواج لا يعني نهاية المطاف بالإنسان ، وإنما يعني أنه لم يجد الشخص المناسب . مشيراً إلى أن التروي في الاختيار أفضل مليون مرة من ارتباط خاطئ يكون الانفصال نتاجه أو الخوف من الانفصال بسبب نظرة مجتمعاتنا الشرقية إلى المطلقة ، ووسط هذه الظروف ينشأ الأطفال معقدين نفسياً . تجميد البويضات هل يكون حلاً؟ ماذا إذا لم تستطع البنت المضربة عن الزواج الصمود طويلاً أمام حلم المومة ، قد يحالفها الحظ وتحقق حلمها ، وقد يأتي ذلك بعد فوات الأوان ! قد يكون الحل وقتها هو ما روجت له الصحف البريطانية بعملية " تجميد البويضات " لتضمن المرأة الإنجاب وقتما وافقتها الظروف . فتجميد البويضات هو الحل السحري لتبعات العنوسة وتأخر سن الزواج ، حسب وصف مجلة "الكوزموبوليتان" البريطانية لنظرة النساء إلى تقنية تجميد البويضات التي هي محل حديث الصحف والجرائد في بريطانيا في الوقت الحالي ، فرغم أنها ليست حديثة العهد ، لكن الإقبال الشديد عليها هو الذي جعلها تحت دائرة الضوء ، حيث تشير التقارير إلى تهافت النساء من كافة الأعمار على تجميد بويضاتهن لأسباب ليست لها علاقة بالصحة ، فالغالبية من هؤلاء يفعلن ذلك لأسباب بحتة وهذا يتنافى تماماً مع الغرض الأساسي لإقرار هذه التقنية كواحدة من أساليب علاج العقم. تتلخص التقنية في تخزين البويضات غير المخصبة في سائل النتروجين عند 169 درجة مئوية تحت الصفر ، والاحتفاظ بها إلى أن تقرر المرأة الانجاب . ويرجع تاريخ أول حمل بهذه الطريقة إلى عام 1986 وكان الغرض الأساسي من تطويرها فرصة الحمل للنساء المصابات بالسرطان والمعرضات إلى خطر فقدان الخصوبة بسبب العلاج الكيميائي والإشعاعي. ووفقاً لنتائج أول دراسة تتعلق بأسباب تهافت النساء على خدمة تجميد البويضات تبين أن الغالبية العظمى منهن وجدن فيها حلاً سحرياً لمشكلة الخوف من العنوسة والتأخير في الزواج لعدم إيجاد الشريك المناسب ، فقررن الاحتفاظ بفرصهن في الإنجاب خلال تجميد بويضاتهن لتكون جاهزة بانتظارهن إذا ما حالفهن الحظ بالزواج . فهل يمكن أن تنتقل هذه الصيحة الطبية إلينا في الشرق ؟ وهل يمكن أن تكون دواء تأخر الفتيات في سن الزواج ؟!