لا نستطيع أن ننكر غزو اللغة الإنجليزية لجميع نواحي الحياة، فقد أدي إنبهار الشباب بها إلي إنتشارها، ففي إعتقادهم أن هذه اللغة هي طريقهم إلي النجاح. ولكننا لا نستطيع أن نلقي باللوم كله علي مستخدميها، إذ أننا لا يمكن أن نتجاهل واقعاً نعيش فيه، فاللغة الإنجليزية هي اللغة الأساسية في المجالات التكنولوجية و التجارية و السياحية، وهي لغة الأبحاث العالمية والمؤتمرات الدولية، ففي عام 1980 وُجد أن 85% من أبحاث علم الأحياء والفيزياء، و73% من الأبحاث الطبية، و69% من أبحاث الرياضيات، و67% من أبحاث الكيمياء مكتوبة باللغة الإنجليزية، كما أنها لغة حوالي 90% من مادة الإنترنت. وبالتالي بُني جدارا بين الشباب وبين اللغة العربية، بل واخترعوا لغة عربية جديدة تُكتب بحروف إنجليزية. وفي إعتقادي أن الدولة ساعدت علي ذلك بطريق غير مباشر، فنجد قائمة الطعام لعدد كبير من المطاعم باللغة الإنجليزية، وأتذكر موقف لي مع إحدي صديقاتي، والتي تجيد اللغة الإنجليزية إجادة تامة، عندما ذهبنا لتناول الطعام في إحدي هذه المطاعم، وفوجئت بها تتناقش مع العاملين هناك حول هذه القائمة، ولماذا هي مكتوبة باللغة الإنجليزية، مع أن معظم مريدين هذا المكان مصريين، وأنه موجود أساساً في دولة عربية، وتقوم هذه المطاعم والكافيهات أيضاً بتشغيل موسيقي أجنبية، وعندما أستفسرت منهم عن سبب ذلك برغم وجود عباقرة عندنا في هذا المجال، مثل موسيقي محمد عبد الوهاب وعمار الشريعي وعمر خيرت، وفوجئت بردهم بأنها أوامر من الإدارة الأم والتي تكون مقرها في إحدي الدول الأجنبية، وتأكدت يومها من وجود أعداء يريدون طمس هويتنا العربية، وكذلك معظم أسماء المحال التجارية والقري السياحية والشركات والأحياء السكنية باللغة الإنجليزية أيضاً، حتي في مواقع التواصل الإجتماعي نجد أن كل الناس يكتبون أسمائهم باللغة الإنجليزية !!! ولكن هناك دول شعرت بالخطر الذي تشكله اللغة الإنجليزية علي لغتهم القومية، فأصدرت قوانين تعمل علي ترسيخ اللغة الأم، ففي روسيا أصدر مجلس الدوما قراراً بجعل إجادة اللغة الروسية شرط للمواطنة، ومنع إستخدام كلمات مستعارة من اللغة الإنجليزية، وكذلك وضعت الأكاديمية الفرنسية قانوناً يعاقب كل من يستخدم كلمة إنجليزية لها ما يقابلها باللغة الفرنسية حتي ولو كانت الكلمة الإنجليزية أكثر إستخداماً من الكلمة الفرنسية. إن حماية اللغة العربية من سيطرة اللغة الإنجليزية لن يكون سوي بالتوعية وترغيب الأجيال القادمة فيها، فلابد من جعل اللغة العربية مصدر الثقافة والعلم والتكنولوجيا والتفكير والتعبير. [email protected] لمزيد من مقالات دعاء جلال