أثار البيان الذي أعلنته وزارة الداخلية عن ضبط كمية من الهواتف المحمولة داخل سجن وادي النطرون، بينها هاتف يستخدم في الاتصال بقناة فضائية دأبت بث أخبار كاذبة عن مصر، العديد من التساؤلات، وكان كالصاعقة التي حلت علينا أو كزلزال دمر نسائم الأمان بداخلنا، لأنه يحمل اعترافا صريحا جدا بالتقصير الأمني داخل سجون مصر وضعف القدرة علي الضبط والسيطرة. والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف دخلت تلك الهواتف التي تنقل تكليفات أعضاء الجماعة لتنفيذ عمليات إرهابية في مصر في غفلة من مسئولي السجن؟ وهل أصبحت عمليات تهريب الممنوعات للسجون سهلة إلي حد انتشار الهواتف المحمولة والمخدرات والأموال والأسلحة البيضاء وغيرها بين أيدى السجناء السياسيين والجنائيين؟ وماذا عن الحملات الأمنية اليومية علي السجون التي تتصدر الصحف، هل هي وهمية أم مجرد إجراءات روتينية كي تبدو الجهات الأمنية أنها تقف علي قدم وساق لمواجهة الجريمة؟! يقول اللواء مصطفي باز مساعد وزير الداخلية السابق لقطاع السجون، إن وجود خط تليفون محمول مع مسجون سياسي كارثة أمنية وفجيعة كبري، لأنه يستطيع أن يبث سمومه من داخل السجن لأعوانه في الخارج، ويقدر أن يدير معركة من داخل السجن بواسطة الهاتف المحمول ولابد من مواجهة الضباط وأفراد الأمن المقصرين الذين تسببوا في دخول الهواتف المحمولة لعنابر المسجونين السياسيين أو الجنائيين وإحالتهم للتحقيق واتخاذ إجراءات رادعة ضدهم. تغيير حراس الإخوان ويقترح تغيير الحراس المكلفين بمراقبة المساجين السياسيين مثل عناصر جماعة الإخوان مرة كل 15 يوما، حتي لا يحدث نوع من التقارب والترابط بين المسجون وحارسه، خاصة أن جماعة الإخوان لديها وسائل وأساليب احترافية في كيفية التعامل مع الحرس واحتوائهم، وبث أفكارها المسمومة في عقول الحراس مما يدفعهم الي التعاطف معهم والتستر علي جرائمهم داخل السجن، وقد يصل الأمر الي ارتكاب الحارس ومخالفات لمساعدة أعضاء الجماعة في السجن، لذلك لابد من تغيير الحراس بصفة دورية للحد من مخالفات المسجونين السياسيين. إلغاء الإشارات التليفونية ويعترف اللواء مصطفي باز بوجود هواتف محمولة داخل السجون المصرية، ويقر باستحالة منع دخولها وتهريبها مادامت هناك نفوس ضعيفة من جانب أفراد الشرطة، ويري أن الحل الوحيد لمواجهة ذلك الخطر هو إلغاء الإشارات والترددات التليفونية داخل السجون بالتنسيق مع شركات المحمول الثلاث، بحيث يفقد الهاتف أهميته ووظيفته داخل السجن وهذا الإجراء تم تطبيقه في منطقة سجون طرة «ب» بعد ضبط هواتف محمولة مع أبناء مبارك ورموز النظام الأسبق، ونجحت التجربة وعجز السجناء عن الاتصال بذويهم ويطالب بتعميم ذلك الإجراء علي باقي السجون في القاهرة والمحافظات وخاصة التي تضم عناصر جماعة الإخوان. بوابات دخول إليكترونية ويعترف اللواء مصطفي باز بصعوبة السيطرة علي عمليات تهريب الهواتف المحمولة والمخدرات والأموال الي المسجونين عن طريق ذويهم الزائرين، أو حتي عن طريق بعض أفراد الأمن من ضعاف النفوس، وذلك لأن العقل البشري المصري لا يقف عن التفكير في كيفية الخروج عن القانون، ويري ضرورة تفعيل أجهزة أشعة (X ray) وبوابات الدخول الإليكترونية والكلاب البوليسية التي تكشف عن المخدرات علي بوابات دخول الزائرين للسجون، بالإضافة الي تزويد تلك البوابات الإلكترونية بعناصر بشرية مدربة مع ضرورة احكام الترقابة الأمنية عليهم، وذلك لضبط أي ممنوعات داخل الأمتعة والمأكولات. منع دخول مأكولات من الخارج ويري مساعد وزير الداخلية السابق، عدم دخول أية مأكولات للسجناء من الخارج بواسطة ذويهم لأنها في الغالب تحمل ممنوعات، إلا أنه يقترح أن توفر إدارة السجن مأكولات مناسبة وأطعمة مختلفة بتكلفة يدخلها السجين من الأموال المودعة باسمه في خزينة السجن، وهذا الإجراء يحد من عمليات تهريب الممنوعات بشكل كبير لأنها دائما يتم دسها في المأكولات بطرق يصعب اكتشافها، وفي هذه الحالة لن يكون أمام المسئولين عن السجون سوي تفتيش الملابس والمتعلقات الأخري، ويكون من السهولة عليهم ضبط الممنوعات. عدم دقة التفتيش ويؤكد اللواء مصطفي باز، أن وجود ممنوعات داخل السجون لم يقتصر علي المخدرات والهواتف المحمولة والأموال، بل يمتد الي الأسلحة البيضاء أيضا ويعترف بعدم الدقة في تفتيش أهالي المسجونين والأمتعة التي تدخل السجن، وذلك بسبب بدائية عمليات التفتيش وقلة أعداد ضباط وأفراد الأمن المسئولين عن تفتيش الأمتعة وخاصة في الأعياد والمناسبات، مما يدفعهم الي إلقاء نظرة سريعة علي الأمتعة من الخارج أو فحصها بالأيدي من الخارج دون فتحها. ويتساءل في استغراب شديد، هل من المعقول أن يقوم خمسة أشخاص بفحص المئات من الكراتين والأجولة والحقائب خلال ساعات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، فمن أين يأتون بالمجهود البدني والذهني؟ لذلك لابد من زيادة أعداد القائمين علي عمليات التفتيش واحكام السيطرة عليهم وتنشيط دور ادارة البحث الجنائي في مراقبتهم وتتبعهم واستبعاد الفاسدين منهم وتقديمهم للمحاكمة العاجلة. مكافآت لمنع الرشوة ويقترح صرف مكافآت مجزية للضباط وأفراد الأمن، الذين يتمكنون من ضبط مخالفات وممنوعات داخل السجون، لتحفيزهم وتشجيعهم علي تطهير السجون من المخالفات، وكذلك لمنع ضعاف النفوس من أفراد الأمن من تقاضي الرشاوي لغض أعينهم عن أي مخالفات. مصيبة التكدس ويعترف اللواء مصطفي باز بوجود مشكلة كبري داخل السجون تصل إلي حد الكارثة، وتلك المشكلة هي سبب المشكلات داخل السجون، وهي مصيبة التكدس داخل السجون، الذي يترتب عليه مشاجرات ووفيات وجرائم غير أخلاقية، بالإضافة الي عدم القدرة علي التصنيف العقابي واختلاط المسجونين الذي ينجم عنه تعلم واحتراف كل الجرائم وأساليب ارتكابها وتنفيذها.ويري أن تلك المشكلة مزمنة وحلها يحتاج إلى سجون جديدة ضعف السجون الحالية. تحسين وجبات السجناء كما يعترف اللواء مصطفي باز، بأن الأطعمة التي يتم تقديمها للسجناء غير مناسبة، وتحتاج الي تحسين وتنويع لأن ذلك من أبسط حقوق السجناء، لذلك لابد من زيادة ميزانية السجون لتحسين وجبات السجناء، بالإضافة إلي ضرورة زيادة فتحات التهوية والشفاطات والمراوح داخل عنابر السجناء، التي تستوعب أعدادا مضاعفة بكثير عن الأعداد المسموح بها، مما يترتب عليه انتشار الأمراض المعدية والأوبئة وإصابة السجناء المرضي وكبار السن بأزمات قلبية وتنفسية قد تودي بحياتهم. حملات نمطية لا تضبط شيئا!! ويضيف اللواء محمد نجيب مساعد وزير الداخلية السابق لمصلحة السجون، أن عمليات تهريب الممنوعات داخل السجون موجودة علي مستوي العالم، سواء من جانب أهالي السجناء أو أفراد أمن منحرفين ومرتشين ومنعدمي الضمير، ويتم عمل حملات يومية نمطية علي السجون، إلا أنها في الغالب لا تسفر عن شئ بسبب زيادة عدد السجناء وقلة عدد وامكانات أفراد الحملة، ويكون الاعتماد الأكبر علي الحملات المكبرة التي يترأسها مدير إدارة البحث الجنائي ومجموعات من الضباط مزودين بكلاب بوليسية ويتم تحرير محاضر للسجناء المخالفين وعرضهم علي النيابة. غرامة 10 جنيهات؟! ويفجر اللواء نجيب مفاجأة وهي أن عقوبة ضبط ممنوعات، خاصة الهواتف المحمولة والأموال داخل السجن عقوبتها الغرامة التي قد تصل الي عشرة جنيهات أو الحبس لمدة ستة أشهر، اذا كانت العقوبة مغلظة، وتمتد تلك العقوبة الي الأشخاص الذين يقومون بالتهريب سواء كانوا من أهالي السجين أو العاملين في السجن. ويري ضرورة تشديد العقوبة علي السجين والأشخاص الذين قاموا بتسهيل دخول الممنوعات له، بالإضافة الي ضرورة توقيع جزاء إداري علي السجين المخالف، وذلك بمنع الزيارة عنه ووضعه في حبس انفرادي وتغريمه مبلغا ماليا كبيرا وإجبار أسرته علي دفعه، بالإضافة الي وضع عقوبات صارمة علي أفراد الشرطة الذين يسمحون بدخول ممنوعات وذلك بإيقافهم عن العمل والتحقيق معهم وحبسهم وعزلهم من وظيفتهم وحرمانهم من جميع مستحقاتهم الوظيفية. ويؤكد اللواء محمد نجيب، أن الزيارة اللصيقة داخل السجون من أخطر ما يكون، خاصة مع أعضاء جماعة الإخوان، لأنه يتم من خلالها استلام وتسلم رسائل وخطابات تحمل توجيهات وتنفيذ عمليات إرهابية، وتتضمن تلك الرسائل شفرات وحروف تكون معلومة لدي أعضاء الجماعة خارج السجن، لذلك يري ضرورة وضع حاجز زجاجي بين السجين والزائر من خلال كبائن زجاجية يتم ووضع السجين بداخلها بمفرده وتشاهده أسرته من الخارج، وذلك للحد من عمليات التهريب. لا.. للاستثناءات ويطالب اللواء محمد نجيب بضرورة تنفيذ القانون وتطبيقه علي جميع السجناء السياسيين دون تمييز ودون خشية من مجالس حقوق الإنسان، وضرورة الحزم المتبصر في معاملتهم ولا تكون هناك هوادة أو تهاون في معاملتهم، مع ضرورة الاستعانة بضباط ذوى خبرة في السجون لاكتشاف عمليات التهريب بسهولة، وزيادة الحملات علي السجون وتغليظ العقوبات علي المخالفين ولابد أن يكون الحبس وجوبيا لهم.