البلشي يطلق حملة لتعديل المادة 12 من قانون الصحافة واستعادة الكارنيه كتصريح وحيد للعمل    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 لجميع المراحل والصفوف في الإسماعيلية    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    الإحصاء: 18% ارتفاعًا في الصادرات المصرية إلى الدول العربية خلال 2024    سرقة أكثر من 200 مليون جنيه.. تفاصيل جديدة في واقعة أكبر سرقة كهرباء بأكتوبر    بروتوكول تعاون بين "مياه الجيزة" و"هندسة عين شمس" لتعزيز البحث والتطوير في قطاع المياه    تطورات جديدة بشأن "سكن لكل المصريين 5".. أعداد المتقدمين بكل مدينة وموعد "رسائل الأولوية"    التنمية المحلية: إزالة 4161 حالة تعدٍ على أراضي الدولة والأراضي الزراعية خلال الأسبوع الأول من الموجة ال26 خلال أسبوع    نقيب البيطريين: نعمل على منع انتقال الأمراض من الحيوان إلى الإنسان عبر الرقابة الدقيقة على الغذاء    غرفة السياحة: لجان مشتركة مع الوزارة بالمنافذ لمتابعة رحلات الحج البري    توريد 499 ألف طن من القمح لصوامع وشون الشرقية    لحين حل الدولتين، مسودة إعلان بغداد تطالب بقوات حفظ سلام في فلسطين    كوريا الشمالية تنتقد أمريكا لإبقائها في قائمة الدول التي لا تتعاون في مكافحة الإرهاب    عاجل- ترامب: اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان منع حربًا نووية    السلطات الأمريكية: هروب 10 سجناء في نيو أورليانز عبر فتحة بجدار زنزانة    رئيس الإسكواش: أبطالنا على الطريق الصحيح وبطولة العالم خير دليل    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    تأكيدًا لمصراوي.. السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى    قرارات النيابة لكشف ملابسات هتك عرض 3 أطفال داخل حمام مسجد بمدينة نصر    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    رياضة السنطة تنظم قافلة رياضية بقرية الرجبية بالغربية (فيديو)    الداخلية: ضبط 478 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    وزارة التعليم تحدد سن التقدم للصف الأول الإبتدائي.. يبدأ من 6 سنوات    اليوم.. استئناف ربة منزل على حكم إعدامها بتهمة قتل زوجها بمساعدة عشيقها    للمسافرين اليوم.. مواعيد قطارات الإسكندرية- القاهرة السبت 17 مايو 2025    موهبة لا أكل عيش!    منال سلامة عن الزعيم في عيد ميلاده: " عادل إمام من مدرسة فؤاد المهندس ومدبولي"    وزارة الثقافة تفتح المتاحف مجانًا للجمهور احتفاءً باليوم العالمي للمتاحف    أول رد من جورج وسوف على شائعات وفاته    انطلاق مهرجان «المهن التمثيلية» للمسرح المصري 1 أغسطس    لرفع الوعي.. محافظ أسيوط يقرر تخصيص طابق كامل بالوحدة المحلية بأولاد إلياس لإقامة قصر ثقافة    بث مباشر.. انطلاق أعمال القمة العربية ال 34 بمشاركة الرئيس السيسى    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    وسط ارتفاع درجات الحرارة، عاملات النظافة بالإسماعيلية يتقاسمن زجاجات المياه الباردة (صور)    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    مسئول أممي: الأمم المتحدة لديها القدرة لتقديم المساعدات في غزة    سبع دول أوروبية تطالب إسرائيل برفع الحصار عن غزة    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    لو مريض سكر وضغط.. 11 خطوة تجنبك أي مضاعفات فى الموجة الحارة    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    متحدث "الحكومة العراقية": القمم العربية أصبحت منصة لتقريب وجهات النظر ومواجهة الانقسامات    موعد مباراة الزمالك وبتروجت في الدوري والقنوات الناقلة    محام: أحكام الشريعة الإسلامية تسري على المسيحيين في هذه الحالة    اللقب مصرى.. مصطفى عسل يتأهل لمواجهة على فرج فى نهائي بطولة العالم للاسكواش    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    أموريم: شيء واحد كان ينقصنا أمام تشيلسي.. وهذه خطة نهائي الدوري الأوروبي    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى الكرامة
الشعب المصرى ساند أجهزة الدولة ودفع الثمن لاسترداد سيناء من العدو الإسرائيلى
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 07 - 2014

فى أغلب الصراعات والحروب بين دولتين متجاورتين لا يحدث تغير بشكل كبير على طبيعة المنطقة، او تتدخل اطراف اخرى فى الصراع، او تتكاتف القوى العظمى لوضع خطط للتآمر على دولة ضد الاخرى.
لكن فى حرب مصر ضد إسرائيل فى عام 1973، تآمرت جميع الدول العظمى على مصر من اجل الحفاظ على أمن واستقرار اسرائيل إلا أن القوات المسلحة المصرية، والشعب المصرى وقفوا امام تلك المخططات، بل أفشلوها جميعها وبقيت مصر القوة العسكرية التى استطاعت ان تحطم وهم القوة الاسرائيلية والمخططات الغربية لتقسيم وتدمير منطقة الشرق الاوسط.
ان ما يحدث فى فى منطقة الشرق الاوسط فى الوقت الحالي، هو نتاج طبيعى للمخططات التى وضعها الغرب بعد حرب العاشر من رمضان ،ومعرفة قدرة المقاتل المصرى على تحقيق الصعاب، بل والمعجزات، وانهيار القدرة العسكرية الإسرائيلية التى لا تقهر تحت اقدام الجنود، وإدارة المعركة بالفكر العسكرى السليم، هذا بجانب تكاتف الدول العربية مع مصر وقطعها البترول عن الدول التى تساند إسرائيل فى اثناء الحرب، وقدرة مصر فى السيطرة على المجرى الملاحى لجنوب البحر الأحمر وقناة السويس.
أدركت الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ان القدرة العسكرية المصرية بالتعاون مع الدول العربية والمساندة الإفريقية، قادرة على تحقيق المستحيل والوقوف فى وجه أى مخططات تضرب استقرار المنطقة، لذا تم التخطيط لمحاولة وجود القوات الامريكية والحلفاء فى منطقة الشرق الاوسط، ليس لشئ ولكن للمحافظة على مصالح تلك الدول فى المنطقة، وبالأخص البترول العربي، والعمل على استمرار تدفقة، دون اية عوائق، وبدأت المؤامرة عندما تمت الوقيعة بين كل من العراق والكويت بدعم من السفيرة الأمريكية بالعراق التى أبلغت صدام حسين أن بلادها لن تتدخل فى حال احتلاله دولة الكويت، وللاسف الشديد بلع صدام حسين الطعم، وكان بمثابة الذريعة التى بسببها دخلت القوات الأمريكية والغربية الى منطقة الخليج العربى بهدف الدفاع عن الكويت، ومن بعدها الدخول فى اتفاقات الدفاع المشتركة مع أغلب دول المنطقة وبذلك ثبتت اقدامها بوضع قواتها داخل دول الخليج العربي.
ولم تقف أمورها عند هذا الحد، بل حاول الغرب بالتعاون مع إسرائيل التغلغل داخل القارة الإفريقية، وذلك بعد الدعم الذى قدمته تلك الدول إلى مصر بعد الحرب مباشرة ووقوفها بقوة داخل الامم المتحدة، وهذا التغلغل الاسرائيلى جعل لها دور وأعوان كثر فى بعض الدول من خلال دعمها للمشروعات، وضخها للمليارات فى سبيل ولاء تلك الدول لها، بجانب مساندتها لإريتريا لاحتلالها جزر حنيش اليمنية فى البحر الاحمر، كما حاولت الولايات المتحدة السيطرة على منطقة القرن الإفريقى المهمة خلال تدخلها فى الصومال.
الأخطر من كل ذلك حاولت الولايات المتحدة والغرب تدمير الجيوش العربية، وهو الأمر الذى تم البدء فى تنفيذه عام 2003 بعد احتلال الولايات المتحدة للعراق، والقرار المستفز بحل الجيش العراقي، ومن بعدها تفكيك القدرة النووية التى كان يزمع تنفيذها فى ليبيا، ثم بدأ المخطط الكبير خلال ثورات الربيع العربى والعمل على كسر الجيوش العربية وتفكيكها من خلال دخولها فى صراعات مسلحة مع عناصر إرهابية مدعومة من أطراف خارجية، كما حدث فى ليبيا واليمن وسوريا.
مع كل ذلك وجميع التقلبات التى حدثت فى المنطقة بقى الجيش المصرى العظيم يتابع ويراقب تلك المؤامرات التى تنفذ فى المنطقة لتدميرها، ولكنه وقف متماسكا فقد حقق العبور فى العاشر من رمضان، وحقق النصر للدولة المصرية، وكما هو الحال الآن يعبر الجيش المصرى بالوطن إلى بر الأمان بعد محاولات ومؤامرات داخلية وخارجية، لتدميره وتقسيمه، ولتظل القوات المسلحة المصرية هى الدرع الواقية للوطن، كما سيذكر التاريخ أن حرب العاشر من رمضان هى التى غيرت وجه التاريخ.




شهدت حرب العاشر من رمضان «1393ه - 6أكتوبر 1973» أكبر عملية إعداد للدولة لمواجهة العدو الصهيونى، وذلك من خلال تطوير واستخدام جميع القدرات والإمكانيات المتيسرة للدولة، فى جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والبشرية، من أجل تحقيق النصر، واسترداد سيناء المغتصبة. وقد تطلبت عملية إعداد الدولة للحرب مشاركة أجهزة ومؤسسات عديدة، واشتراك القيادات، بكل مستوياتها، ومشاركة الشعب بمختلف طوائفه، وإنفاق المال والجهد، واستخدام كل الإمكانات المتاحة، والطاقات الممكنة، الفعالة والكامنة فى كل أبعاد قوى الدولة المادية والمعنوية.
ويقول اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية إن مفهوم إعداد الدولة للحرب متسع ومتشعب، ولكن إذا توافرت مع هذا الإعداد حسن الإرادة والقيادة الرشيدة فإن الدولة تضع نفسها فى صفوف الدول المتقدمة، وأن عملية الإعداد تشمل ستة محاور هى الإعداد السياسى، والاقتصاد الوطنى، وإعداد القوات المسلحة، وإعداد أرض الدولة كمسرح للعمليات، وتهيئة الشعب، وإعداد أجهزة الدولة.
وقال إن دور إعداد الدولة للدفاع يشمل عملية التطوير والإستخدام الجيد للقدرات المختلفة للدولة، وهى ما تعرف بالقدرات الشاملة للدولة (الكتلة الحيوية، والقدرة العسكرية، والقدرة الاقتصادية، والقدرة الدبلوماسية الخارجية، والقدرة المعلوماتية، والامكانيات التكنولوجية، والقدرة الإعلامية، والقدرة السياسية الداخلية).
وأوضح اللواء الغبارى أن هناك عدد من الاعتبارات يجب على الدولة وضعها فى الاعتبار أثناء فترة الاعداد أهمها المتغيرات والتوازنات والتكتلات الدولية والإقليمية، وأهدافها ومصالحها فى المنطقة أو بمعنى أدق "المسرح السياسى الدولى والإقليمى" ويجب دراسة هذا "المسرح" دراسة جيدة قبل اتخاذ قرار الحرب، فمثلا إذا اتخذنا قرارا بالحرب مع إسرائيل فإنه لا يمكن أن تتجاهل الدولة وجود تحالف بين إسرائيل وأمريكا والإتحاد الأوروبى، وكذلك أيضا يجب الوضع فى الاعتبار التغيرات التى تحدث فى خريطة التكتلات والقوى السياسية، فمثلا كان هناك ما يسمى بالإتحاد السوفيتى كقوة عظمى، الا أنه لا وجود له الآن.
وقال إن الدولة فى مرحلة الإعداد يجب أن تنظر أيضا الى طبيعة التهديدات والتحديات المنتظرة من هذا القرار، وقد كانت هناك دراسات مستفيضة قامت القيادة السياسية بتجهيزها قبل حرب العاشر من رمضان لرصد التهديدات التى كانت تواجه خطة الحرب، والتى بناء عليها تم اتخاذ القرار، وأشار الى أن عملية الإعداد ترتبط أيضا بمدى قدرة وكفاءة وإمكانيات ودرجة استعداد القوات المسلحة للدولة، فمثلا إذا كنا بصدد الحرب مع إسرائيل، فإنه لايمكن أن يتم اتخاذ قرار الحرب دون جاهزية القوات وقدرتها على المواجهة العسكرية والدفاع عن تجهيزاتها وتحصيناتها على أرض العمليات التى يتم تجهيز المعدات طبقا لظروفها التى تختلف من مكان الى آخر، فإذا كانت حرب العاشر من رمضان مثلا مع دولة أخرى على الحدود الغربية أو الجنوبية فإن طبيعة مسرح العمليات تكون مختلفة وبالتالى يتم تجهيز القوات المسلحة بأسلحة أخرى غير التى تم استخدامها فى الحرب التى دارت على أرض سيناء.
وأكد الغبارى أن موقف وتقييم "قوى الدولة الشاملة" ومدى تحقيق التفوق والتوازن مع القوى المضادة للعدو أحد أهم ركائز إعداد الدولة وكذلك أيضا الإرادة الوطنية وروح التحدى وحرية اتخاذ القرار السياسى والعسكرى، والقدرة على مواجهة صور الصراع الحديث المتمثلة فى استخدام المعلومات والجواسيس المسماة "حروب الجيل الرابع، والحروب الاجتماعية والثقافية والأيديولوجية.
الإعداد السياسى
وقال اللواء الغبارى أن كل ما تقدم يمثل البنود الأساسية لإعداد الدولة للدفاع عن نفسها فى الحروب، وأن فترة إعداد الدولة المصرية لحرب العاشر من رمضان ضد إسرائيل بدأت عقب هزيمتنا فى حرب 1967 مباشرة، وذلك من خلال سعى مصر السياسى والدبلوماسى الى المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، والى الدول العظمى خاصة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، وقد حققت مصر مكاسب دبلوماسية من هذه التحركات تمثلت فى إدانة العدوان الإسرائيلى على مصر والأراضى العربية، وإصدار القرار رقم 242 من الأمم المتحدة، الذى يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضى المحتلة، الا أن اسرائيل لم تنفذ القرار واستمرت فى الاحتلال، كما استمر سعى مصر لقبول مبادرات السلام التى أعلنت فى ذلك الوقت مثل مبادرتى "يارنج" و"روجرز"، بالإضافة الى مبادرات مصرية عديدة للسلام، إلا أن اسرائيل أعلنت من جانبها رفضها هذه المبادرات.
وأضاف أن مصر بدأت فى تجميع القوى العربية للضغط على المجتمع الدولى وتوصلت الى شعار "ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة" فى توصيات مؤتمر القمة العربية فى الخرطوم، الذى عقد فى 29 أغسطس 1967، بمشاركة رؤساء إحدى عشر دولة عربية، هى دول المواجهة الأربع (مصر والأردن وسورية وهى الدول التى هزمت فى الحرب، فضلاً عن لبنان الذى لم يشارك فى الحرب)، ودول العمق الخمس (العراق والكويت والمملكة العربية السعودية والسودان وليبيا، وتسمى أحياناً دول الطوق)، وثلاث دول من المغرب العربى (تونس والجزائر والمغرب). وقال إن الرئيس الراحل أنور السادات قام بدور دبلوماسى كبير واستطاع أن يوحد القوى العربية فى تحالف واحد قوى والتنسيق معه على تنفيذ الحرب واستعادة الأرض فى ظل تعنت إسرائيل ورفضها كل سبل السلام، وتجلت تحركات السادات وعصمت عبدالمجيد فى الأمم المتحدة وكواليسها للتغطية على استعدادات مصر للحرب.
إعداد القوات المسلحة
أكد اللواء الغبارى أن مصر استطاعت أن تعيد بناء القوات المسلحة وتكوين قيادات ميدانية جديدة، كما تم استحداث الجيشين الثانى والثالث الميدانيين، وإعداد القيادات التعبوية الجديدة، وإعادة تشكيل القيادات فى السلاح الجوى، وإدخال نظم تدريب على كل ما هو أساسى للحرب، وكذلك التدريب على مسارح مشابهة لمسرح عمليات الحرب فتم انشاء سواتر ترابية مماثلة لخط برليف على ضفة النيل وتدريب القوات على عبورها، كما احتفظت القوات المسلحة بالقوة الرئيسية من المجندين دون تسريحهم بعد انتهاء فترة تجنيدهم حتى أن بعض المجندين استمروا فى تجنيدهم لمدة 7 سنوات، وأوضح أن القوات المسلحة استعدت للحرب بكل ما هوحديث فى تكنولوجيا التسليح وقامت بتطوير أسلحة المشاة واستبدلت الدبابات القديمة طراز t34 و t54 بالدبابات طراز t62 وكذلك تم إحلال المدفعية القديمة بأخرى متطورة وتم الدفع بطائرات حديثة فى سلاح الدفاع الجوى وإدخال طرازات جديدة من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى مثل sam6 الى جانب الصواريخ طويلة المدى وكذلك تطوير معدات المهندسين العسكريين وأجهزة الكشف عن الألغام وإدخال أسلحة غير تقليدية ابتكرها مهندسون مصريون مثل قاذفات اللهب المحمولة على الأكتاف ومسدسات المياه التى استخدمت فى هدم خط بارليف الرملى.
وأوضح أن القيادة العامة أصدرت توجيهاتها قبل الحرب للتدريب على العمليات بدأ من إعداد الجندى للقتال حتى إعداد الوحدة والوحدة الفرعية للتشكيل للحرب، والتدريب على أسلوب اقتحام الموانع المائية والنقاط القوية المشرفة على حمايتها، وأسلوب الدفاع عن مناطق التمركز والوحدات والمعسكرات لمواجهة عناصر "المتكال" المتمركزة خلف خطوط الدفاع الإسرائيلى، وكذلك إجراء المشروعات سواء على مستوى القيادة التعبوية والإستراتيجية، أو المشروعات التكتيكية للجنود على موضوعات الهجمة المنتظرة من العدو، واستمرار وتكرار هذه المشروعات ضمن ما سمى ب "خطة الخداع الاستراتيجى" التى وضعها المشير محمد عبدالغنى الجمسى والتى أوحت للعدو وقتها عدم جدية مصر فى اتخاذ قرار الحرب.
الاعداد الاقتصادى
تحول الاقتصاد المصرى قبل حرب العاشر من رمضان الى "اقتصاد الحرب" وبحسب اللواء محمد الغبارى عميد كلية الدفاع الوطنى الأسبف فإن هذا يعنى تعبئة جميع المصانع ومنتجاتها لاستيفاء اجتياجات القوات المسلحة أولا، فمثلا شركة المحلة للغزل والنسيج كانت تنتج شبكات التمويه والمشمعات الخاصة بالمعدات الحربية ولم تكن تنتج الشركة هذه المنتجات قبل ذلك، وكذلك شركة الحديد والصلب استعدت للحرب بانتاج بعض التجهيزات الهندسية و "الخوز" الخاصة بالجنود وأيضا شركات الأغذية والمعلبات استخدمت فى انتاج "التعيينات" الميدانية للضباط والجنود، وأشار الى أن الشعب المصرى بالكامل دفع الثمن بمعاناته من تحويل الاقتصاد الى الحرب وتحمل تكلفتها، كما كان لتحويل الاقتصاد الى الحرب أثرا مباشرا على الصناعة المدنية.
وأوضح أن الدولة لجأت ضمن خطتها فى خداع العدو الى توقيع تعاقدات دولية لتوريد السلع الاستراتيجية مثل القمح على مدد زمنية غير منتظمة حتى لا تلفت انتباه العدو الى أن الدولة تقوم بتخزينها، وقد تم تحقيق الاحتياطى اللازم من هذه السلع ليكفى احتياجات الدولة لمدة 6 أشهر قبل الحرب مباشرة.
مسرح العمليات
تم إعداد أراضى الدولة كمسرح لعمليات حرب العاشر من رمضان – أكتوبر 73 – من خلال إنشاء الطرق اللزمة لتحرك القوات، وقد اشتركت كل قطاعات الدولة المدنية والعسكرية فى إنشاء هذه الطرق، وكان يتم وقتها الاعلان عن إنشاء شبكة الطرق طبقا للخطة الخمسية لوزارة النقل والمواصلات، فتم إنشاء شبكة طرق كبيرة ومدقات لخدمة المناطق الجبلية فى الضفة الغربية، كما تم إنشاء شبكات كبارى صنعت خصيصا لتتحمل عبور المعدات الثقيلة مثل الدبابات والمدرعات وناقلات المعدات الحربية، وكذلك كبارى حديدية مؤقتة لهذه المهمة وكذلك إنشاء التحصينات على أرض المعركة وزرع الألغام اللازمة لتأمين مسرح العمليات من العدو، ويقول اللواء محمد الغبارى، أن الدولة استعدت بإنشاء مطارات عسكرية جديدة وقريبة من الضفة وتحصينها ب "الدشم" وإنشاء شبكات المواصلات السلكية واللاسلكية وخطوط الإمداد بالوقود والمياه فى مسرح العمليات لتسهيل عملية العبور الى الضفة الشرقية، وإنشاء الملاجئ للمدنيين فى المدن والقرى لحمايتهم من تأثير نيران العدو حول الأهداف الحيوية التى قد يستهدفها فى تلك المناطق.
إعداد الشعب للحرب
تم إعداد الشعب المصرى لحرب العاشر من رمضان بدءا من إصدار القوانين المنظمة للعلاقة بين الشعب فى جميع فئاته والقوات المسلحة والدولة، مثل إصدار قانون التجنيد وتعديل شروطه وقانون التعبئة العامة للأفراد والمعدات والمنشآت، ويستطرد اللواء محمد الغبارى: " فالأفراد الذين خرجوا من القوات المسلحة ويخضعون لخطة التعبئة والتدريب تم استدعاؤهم للجيش قبل الحرب، كما تم تعبئة الجيش بأفراد مدنيين يمتهنون مهنا معينة مثل الأطباء والممرضين ومهندسين فى بعض التخصصات، وكذلك فقد استدعت القوات المسلحة العديد من وسائل النقل المدنية للحرب، حيث تمت تعبئة سيارات النقل والأتوبيسات العامة ووضعها ضمن خطة التعبئة الشعبية، فمثلا كانت تستخدم معدات شركة المقاولون العرب فى نقل معدات الحرب الى مسرح العمليات، وكذلك فقد تم إعداد الوعى الشعبى لدى المصريين قبل الحرب من خلال مناهج التعليم فى المدارس والجامعات، ولعب الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية دورا وطنيا مهما فى تعبئة الشعب ورفع روحهم المعنوية، وأيضا استخدمت الدولة وسائل الإعلام والتليفزيون فى بث الروح الوطنية من خلال الأناشيد والأغانى الوطنية.
وأضاف أنه تم أيضا إعداد الشعب للحرب من خلال برامج أعدتها وزارة الصحة لتدريب المواطنين على استخدام الأدوية والإسعافات الأولية والأمصال الضرورية، كما لعبت وزارة الشئون الاجتماعية دورا كبيرا فى إعداد الشعب للحرب من خلال توفير الاحتياجات والإعانات لقطاعات من الشعب مثل أصحاب المعاشات والفقراء، وكذلك وزارة التعليم العالى من خلال إرسال شباب الجامعات الى الجبهة لعمل معايشات مع القوات المسلحة لمدة 15 يوما للإحساس بمعاناة الحرب والتضحيات التى تبذلها الدولة فى سبيل مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم.
اعداد أجهزة الدولة
أنشأ الرئيس الراجل جمال عبد الناصر مجلس الدفاع الوطنى عام 1968 وكان يتكون من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء و5 وزارات أساسية هى (الدفاع، والداخلية، والخارجية، والإعلام، والمالية) بالإضافة الى باقى الوزارات وعدد من الجهات السيادية، وكان الهدف من إنشاء هذا المجلس هو وجود تنسيق فعلى بين مؤسسات الدولة لتذليل العقبات فى سبيل اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة والابتعاد عن الاجراءات الحكومية الروتينية المعروفة، وتسهيل كل العقبات التى تواجه أى خطوة فى الحرب، فمثلا إذا كان هناك قرار بإنشاء كوبرى يمر فوق إحدى الممرات المائية أو الترع لمرور القوات من فوقه أصبحنا هنا أمام 3 جهات معنية بالأمر، الجهة الأولى وزارة النقل باعتبارها منفذ المشروع، ووزارة الرى التى تقوم بوضع مخاضة من الحجر الجيرى لمنع انسداد الترعة حال انهيار الكوبرى، وأخيرا القوات المسلحة التى ستستخدمه، ووجود هذا التنسيق بين الجهات الثلاث يعنى إنجاز المشروع فى أقصر وقت ممكن، وهكذا كان يتم التنسيق بين كل مؤسسات الدولة من خلال مجلس الدفاع الوطنى لخدمة الحرب وإعداد الدولة بكامل طاقتها وصولا الى الانتصار الكبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.