دائما ما يرتبط لدينا الصيام بتقلب المزاج والعصبية وعدم القدرة على التحمل، هذا الاعتقاد الخاطئ اعتدنا على سماعه فى شهر رمضان المبارك، ولكن الحقيقة على العكس تماما، فالصوم يعمل على تهدئة الأعصاب ويعطى شعورا بالتوازن النفسي كما أثبتت الدراسات أن الامتناع عن الطعام والشراب لفترة من الوقت، كالصوم، يعد وسيلة من وسائل العلاج النفسى لمقاومة الأمراض النفسية ولتحسين الحالة المزاجية. هذا ما أكده د.مجدى دهب أستاذ الأعصاب بطب الأزهر والذى أوضح ذلك بقوله إن الأعصاب هى المايسترو الذى يستقبل الإشارات من كل أجزاء وحواس الجسم، وهو أيضا الذى يصدر توجيهاته بالحركة و السلوك إلى الأطراف والمخ عموما، فالصيام يدرب المخ على الصبر على احتياجاته الضرورية حتى أنه يستطيع فى اليوم الثالث من أيام الصيام التعود والتكيف على نقص كمية السوائل والطعام خلال ساعات النهار، كما إنه يساعد أيضا على تقوية العزيمة، ويقلل من الإحساس بالصداع وعدد نوبات الشقيقة (الصداع النصفي)، ويساعد مرضى التهاب الأعصاب الطرفية الناتجة عن اضطراب سكر الدم فى تقليل الإحساس بالتنميل، وانضباط ضغط الدم الشريانى وانتظام ضربات القلب، كما أن المخ أثناء الصيام يفرز مادة “النيوروتروفينات” المهمة لنمو وتطور الأعصاب والتى تحمى المخ من التلف. وقد ترجع عصبية البعض فى فترات الصيام إلى إدمانهم التدخين, فعندما يعتاد المدخن على نسبه النيكوتين المعتادة فى الدم وينقطع فجأة عنه لعدة ساعات، تبدأ أعراض الحرمان من النيكوتين فى الظهور فيشعر بالعصبية وسرعه الانفعال وضعف التركيز واضطرابات النوم. التخلص من السموم ومن جانب آخر نجد أنه فى الأيام الأولى للصيام يتم التخلص من كمية كبيرة من السموم وبواقى الهضم فيصبح الفم له رائحة مميزة، ويغطى اللسان يتغطى بطبقة سميكة، ثم تبدأ المرحلة الثانية فى التخلص من السموم بتنظيف الجسم من بعض الدهون والخلايا الميتة والمريضة ومن السموم البسيطة، وتزداد عملية التخلص من السموم بالتدريج حتى نصل إلى التخلص من تلك التى تراكمت فى الجسم منذ الطفولة، وبعد عدة أسابيع تبدأ عملية التخلص من السموم فى الأوعية الدموية فى المخ.. وبالتخلص من كل هذه السموم يسترجع الجهاز المناعى نشاطه. وأضاف د.مجدى أن ممارسة الرياضة مهمة جدا، وتعمل على تهدئة الأعصاب كما أنها تساعد على إزالة الكوليسترول ذو الدهون الثلاثية من الدم، وتعيد تنسيق وتوزيع الدهون بالجسم و تقوى عضلات القلب وتساعد على استرخاء الأعصاب وتهدئ من الحالة النفسية، وينصح أثناء الصيام بممارسة الرياضة فى الوقت مابين صلاتى العصر والمغرب، وهى أفضل فترات النشاط فى الصيام ولمدة ربع ساعة يوميا أو نصف ساعة يوم بعد يوم، وأقلها وأيسرها هى رياضة المشي. وعن كيفية صيام من يعانى من النوبات الصرعية أو الجلطات المخية وأيضا لمن يعانوا من التهابات الأعصاب، يقول أنه لامانع من الصيام، إذا استطاعوا تنظيم تناول الدواء لمنع التشنجات، وذلك يكون على جرعتين عند الفطور وقبل السحور، بل ينصح بالصيام إذا لم يشعر المريض بالدوار الناتج عن نقص السكر بالدم، أما مريض الجلطة فمعرض هو الآخر فى أى وقت للانتكاسة فى جلطة ثانية أو ثالثة، وبالتالى فعليه تناول أدوية تساعد على سيولة الدم، و يمكنه الصيام طالما أنه مستمر فى تناول العلاج ويقضى معظم نهاره فى جو ملائم ولا يشعر بالعطش، وإن شعر به أو بجفاف بالحلق فعليه بقطع الصيام فورا و تناول السوائل. تخفيف الوزن ولأننا على أبواب شهر كريم فيقدم د.مجدى بعض التوصيات للحفاظ على الحالة العصبية والنفسية منها تخفيف الوزن و الاعتدال فى تناول الطعام والابتعاد عن المأكولات الدسمة التى تزيد من تصلب الشرايين، مع تجنب التدخين أو الامتناع عنه، حيث إنه يساعد على حدوث جلطات بالمخ والقلب على حد سواء والادمان هو نهاية المطاف، مع أهمية ضبط سكر وضغط الدم، فكلاهما له الأثر السيء على الأعصاب و نزيف المخ و تخثر شرايينه، وأيضا يفضل ممارسة الرياضة وأبسطها المشي، وذلك لتنشيط عضلات الجسم والمحافظة على الدورة الدموية فى أفضل حالاتها وإفراز مادة الاندورفن بالمخ مما يزيد الإحساس بالسعادة. ويفضل أيضا تناول النعناع مع الشاي، فهو من المهدئات البسيطة للأعصاب، و يمنع تقلص المعدة و الأمعاء المصاحبة لعدم الهضم الجيد للأطعمة، فقد أثبتت الأبحاث أن تناول النعناع مع الأكل يقلل من العصبية التى تصيب البعض فى الساعات الأخيرة من فترة الصيام، وفى النهاية يقول إنه على مريض الأعصاب أن يتخد من شهر الصوم فرصة لتقوية مناعة جهازه العصبى والنفسي.