لم يشهد أهل السياحة المصرية مثل مايشهدونه اليوم من احباط يسود الجميع.. حتي في أسوأ الظروف التي تعرضت لها السياحة من قبل وأكثرها قسوة وعلي رأسها مذبحة الأقصر الشهيرة عام1997. فقد كانت الحالة وقتها توصف بأنها حوادث ارهابية وسيتم القضاء علي مرتكبيها ولذلك كنت أري الاصرار علي المواجهة وفي نفس الوقت نظرة تفاؤل للمستقبل. أما ما نحن فيه اليوم.. فقد تبدلت نظرة التفاؤل بنظرة من اليأس والاحباط والكل لايعرف متي تنتهي هذه الحالة من الانفلات الأمني والمظاهرات وحوادث قطع الطرق التي أثرت سلبا علي السياحة المصرية بشكل كبير. فالفضائيات لاتكل ولاتمل من نقل الأحداث وبالطبع بعضها يبالغ ويظهر مصر وكأنها في حرب أهلية مثل مانسمع عنه في دول أخري.. مع أن الأمر غير ذلك لمن يعرفون مصر.. فميدان التحرير ليس هو كل مصر.. ومع هذا نقول ان من حق السائح بالفعل ان يخاف مما يشاهده أو يسمعه عن مصر.. وبالطبع نحن نعرف أن السياحة لاتتواجد ولاتنمو أو تزدهر إلا بوجود الأمن والاستقرار.. ومن هنا ومن كثرة ماتنقله الفضائيات فإن الخبراء وأهل السياحة يؤكدون أن الأحداث الأخيرة بداية من أحداث هويس إسنا وأحداث وزارة الداخلية ثم مجزرة بورسعيد كلها أثرت بالفعل علي السياحة المصرية بشكل كبير جدا. فنسبة الاشغالات حاليا لاتتعدي20% في القاهرةوالأقصر وأسوان أو40% في الغردقة وشرم الشيخ. لكن المشكلة ليست في ذلك بل ان المشكلة في الحجوزات الجديدة فموسم الصيف الذي توضع جداول الطائرات الشارتر له حاليا لاتوجد مؤشرات مع كل هذه الأحداث تقول انه يسير بشكل جيد بل اننا نستطيع أن نقول انه في علم الغيب.. فالحجوزات الجديدة ضعيفة جدا بل ان هناك مايمكن ان نسميه انهيارا في الحجوزات والأخطر من ذلك الأسعار التي تباع بها برامج السياحة المصرية خاصة في أوروبا هي الآن بمثابة أسعار الأوكازيون, أي أسعار بنصف الثمن ووصلت بسعر الفرد في الغرفة المزدوجة الي10 دولارات بالإقامة الشاملة( فنادق5 نجوم) أي نوم واكل وشرب فهل هذا( معقول)؟ والأهم ان انهيار الحجوزات الي مصر تبعه بالضرورة انتقال الحجوزات والطائرات في الصيف المقبل إلي دول غير مصر, وفازت بها تركيا واسبانيا. يتزامن مع ذلك أنه مع كثرة الحوادث وعدم الاستقرار والانفلات الأمني وقطع الطرق ظهرت أو تزايدت مشكلة التحذيرات التي تصدرها الدول المصدرة للسائحين الي مصر خاصة أمريكا وكندا واليابان وأوروبا الغربية إلي مواطنيها بعدم زيارة مصر أو توخي الحذر وهي بالضبط نصائح أو ارشادات أو تحذيرات كلها تصب في خانة تراجع الحجوزات المستقبلية للسياحة المصرية. وهنا من المهم أن نشير الي ان روسيا مازالت هي المنقذ الأكبر لتصدير السياحة الي الغردقة وشرم الشيخ, ونرجو الا تصدر الحكومة هناك أي تحذيرات من السفر الي مصر لأنه لو تم وقف الحركة من روسيا فستصبح الغردقة تحديدا في مشكلة كبيرة. ان هذه الصورة الكئيبة التي نرسمها للسياحة وأهل السياحة ليس فيها مبالغة.. بل انه ليس من قبيل المبالغة ان نقول ان بعض أهل السياحة ليس محبطا أو بيئسا ولايعرف متي تنتهي الحالة ولكن أري بعضهم تكاد الدموع تقفز من عينيه بل ان أحدهم قال لي انه يفكر في بيع أصوله السياحية هربا من الخسائر رغم مانسمعه حاليا من بداية تدخل للحكومة في حل مشاكل قطاع السياحة أو إلغاء الضرائب عن الفترة من ابريل الماضي. علي أي الأحوال لن تنصلح الاوضاع إلا بعودة الهدوء والاستقرار للشارع المصري حتي تعود السياحة موردا وداعما للاقتصاد القومي ولتوفير فرص عمل لشباب مصر. فلا سياحة بدون أمن واستقرار ولايوجد سائح في العالم يخرج من بيته ليذهب الي مكان ما في العالم به مشكلة بحيث لايضمن العودة لبيته سالما اننا ندعو الله أن ينعم علي مصر بنعمة الأمن والاستقرار حتي نتفرغ لبناء مصر الجديدة بعد ثورة25 يناير. مصر الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية. [email protected]