أهتم القائمون على صياغة القانون الجديد للبرلمان القادم على وضع كوتا للمرأة والفلاحيين والمسيحيين، وذلك كضمانة من وجهة نظرهم لتحقيق عدالة نسبية فى تمثيل هذه الفئات فى البرلمان. والكوتا مصطلح لاتينى يعنى تخصيص نسبة أو حصة لفئة معينة فى البرلمان ، ولقد ارتبط هذا المصطلح تاريخيا بما يسمى "التمييز الأيجابى" الذى يهدف الى تعويض الأقلية العددية للتمثيل فى البرلمان وكان أول تطبيق لنظام الكوتا فى ستينات القرن الماضى بالولايات المتحدةالأمريكية ،بهدف تمثيل الأقلية السوداء فى البرلمان ثم انتشر بعد ذلك فى العديد من دول العالم . ويهدف نظام الكوتا إلى تمثيل نسبى للفئات المحرومة من المشاركة فى العمل السياسى ،فظهر كوتا للمرأة الفلاحين والعمال وكوتا المسيحيين ..وغيرها . وأن كان هدف القائمين على صياغة نظام الكوتا فى البرلمان الجديد خاصة بعد ثورتين هو إرضاء الأقليات المحرومة ، أو تحقيق توازن نسبى فى التمثيل النيابى لكل فئات الشعب من عمال وفلاحين ومرأة ومسيحيين لها أسبابها ، إلا إنها ستدفع قطاعات أخرى من المجتمع مستقبلا للمطالبة بحصة أو نسبة تعبر عنهم فى البرلمان ،ومنها على سبيل المثال كوتا المحاميين والصحفيين والمستشارين والأطباء وغيرهم مما يفقد العملية الديمقراطية جوهرها ،ومن ثم يتحول البرلمان إلى عمل نقابى يهدف لتحقيق مطالب خاصة لهذه الفئات ، إلى جانب ذلك سيطالب المسيحيين والمرأة والفلاحين والشباب بنسبة أكبر مستقبلا فى الكوتا ،عملا بمبدأ التمثيل العددى لهذه الشرائح داخل المجتمع ،وكل هذا سيحول العملية الديمقراطية برمتها إلى مزايدات ومهاترات ستخرج البرلمان من الهدف الأساسى الذى أنشأ من أجله والمتمثل فى وضع التشريعات ومراقبة الحكومة .كما أن الكوتا فى هذه الحالة ستمثل إخلالا جسيما بمبدأ المساواة بين جميع المواطنين كأحد أهم المبادىء الدستورية. ومن ثم يعد نظام الكوتا نوعا من التمييز بين فئات الشعب يسلب الحق الدستورى للمواطن فى حرية اختيار من يمثله فى البرلمان بصرف النظر عن جنسه أو اتجهاته أو عمله أو ديانته . وأن كان الدستور قد أكد على رفض قيام أحزاب على أساس دينى أو مرجعية دينية، فكيف يمكن قيام برلمان يناقض هذا المبدأ بوضع كوتة للمسيحيين ،والمرأة والعمال والشباب؟! وأن كان ولابد من تمثيل حقيقى للنساء والشباب فى البرلمان فليبدأ هذا من خلال تهيئة هذه الفئات وتدريبها جيدا على تولى المواقع القيادية فى السلطة التنفيذية ،خاصة التى لها صلة مباشرة بالجماهير ومن هنا تتهيأ لهم فرصة أكبر فى النجاح فى الانتخابات البرلمانية بعيدا عن نظام الكوتا الذى يميز بين فئات الشعب ،ويخالف مبدأ المساواة بين المواطنيين فى الحقوق والواجبات التى أكد عليها الدستور. لمزيد من مقالات أحمد عبد الفتاح