مهما يكن في الدنيا من نعيم ومتاع فإن دوامها علي البشر مقطوع لأن الإنسان وإن طال عمره فلابد من رجوعه إلي الله تعالي, والناس في رجوعهم إلي ربهم فريقان, فريق سلك اشباع النفس وما تشتهيه حلالا كان أو حراما. وقضي عمره في غفلة عن الله وأفني حياته في المعاصي حتي وافاه الأجل, وفريق جعل من الدنيا طريقا إلي الآخرة فشغل نفسه بما يرضي الله تعالي من فعل الخيرات واجتناب الموبقات, ووقف عند قوله تعالي: وأما من طغي وأثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوي وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي فإن الجنة هي المأوي. يقول الدكتور سالم مرة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر إن الوصول إلي الله له معالم لأبد من سلوكها وحدود لابد من الوقوف عندها, وأول هذه المعالم, التوبة الخالصة لله رب العالمين, لأن الله قد أمر بها عباده في قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلي الله توبة نصوحا, والتوبة النصوحة هي أن يستقيم الإنسان علي الطاعة من غير روغان إلي معصية, وألا يحدث نفسه بالرجوع إلي الذنب متي قدر عليه أو تيسر له, وأن يكون تركه للذنب أو المعصية خالصا لوجه الله تعالي, يقول الإمام الحسن رضي الله عنه: التوبة النصوح ندم بالقلب واستغفار باللسان وترك بالجوارح ولابد في التوبة من رد الحقوق إلي أصحابها إذا كان يقدر علي ردها بأن كانت موجودة عنده, فإن لم يستطع ردها فليسأل الله سدادها عنه. ثانيا: تقوي الله تعالي لأن الله أمر عباده بها ورتب عليها سعادة الدارين, قال تعالي: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم, كما قال تعالي: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب, وفسر الله التقوي بأنها امتثال أوامر الله تعالي واجتناب نواهيه. ثالثا, انشغال الإنسان بربه بأن يكون كل وقته في طاعة الله والمداومة علي ذكره وأن يكون زاهدا في كل شيء سوي الله, رابعا: إسلام الوجه لله تعالي, وقد سأل الرسول صلي الله عليه وسلم عن الإسلام فقال:( أن تسلم لله قلبك ويسلم المسلمون من لسانك ويدك), وبالتالي يجب علي كل إنسان ينشد الصفاء أن يسلك هذا المسلك لقوله تعالي: ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا. خامسا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو مبدأ من أهم مباديء الإسلام الكبري, يقول تعالي: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله, سادسا, الرحمة بجميع مخلوفات الله, يقول صلي الله عليه وسلم:( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فالرحمة من أصول الأخلاق الإسلامية, ولابد للمسلم أن يسير علي هذا الدرب وأن يكون رحمة ينشرها حيثما حل, فلا تنزع الرحمة إلا من قلب شقي, والراحمون يرحمهم الله. ويؤكد الدكتور سالم مرة إن من مهام المسلم الحق أيضا الذي ينتهج كتاب الله وسنة رسوله الكريم أن يستنقذ من أسلموا وجههم للشيطان ويقودهم إلي الله لقوله صلي الله عليه وسلم:( ولئن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم), ويقول أيضا:( من رأي منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فلابد للمسلم أن يتبع هذا المبدأ في نفسه وفي أسرته وفي مجتمعه وإلا لما حقق التآسي برسول الله.