من دبى أكتب اليوم عن مصر والسياحة العربية وأقول بداية.. إذا نجحت مصر فى تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى بتنفيذ خريطة المستقبل بمراحلها الثلاثة التى بدأت بإقرار الدستور ثم الانتخابات الرئاسية التى تستعد لها الآن ويعقبها الانتخابات البرلمانية. فإن مصر بذلك ستكون ماضية بقوة وبشكل تدريجى فى استعادة الحركة السياحية الدولية إليها، ذلك أن السياحة المصرية تمتلك مقومات فريدة تكسبها القدرة على العودة بل على الانتعاش والازدهار من جديد. كانت تلك هى الرؤية التى ترددت فى جناح مصر بين رجال السياحة المصريين الذين شاركوا فى معرض دبى من 5 8 مايو الحالى والمعروف باسم المتلقى «سوق السفر العربي» بقيادة هشام زعزوع وزير السياحة. ولا يخفى على أحد أهمية السياحة العربية الى مصر، فهى تشكل نحو 20% من حجم السياحة الوافدة الى مصر، بينما تشكل أوروبا نحو 73%، وبالتالى فإن السوق العربية تشكل أهمية كبيرة، وعلينا أن نسعى لزيادة هذه المساهمة العربية فى ظل منافسة دولية على السائح العربى وخاصة الخليجى وقدرته الانفاقية التى تشكل ميزة كبيرة. من هنا كان إدراك وزير السياحة هشام زعزوع لإطلاق رؤية جديدة للتعامل مع السياحة العربية وتحديدا الخليجية، فبادر بإعلان حملة جديدة شعارها «وحشتونا» انطلقت بالفعل من دبى مواكبة لسوق السفر العربي. وتتضمن هذه الحملة محاور عديدة أهمها الاهتمام بتوفير وسيلة النقل «الطيران» خاصة الى المقاصد السياحية الجديدة فى الغردقة وشرم الشيخ لايجاد طلب عربى عليها.. وكذلك رحلات خاصة الى الأقصر وأسوان. والذى لا شك فيه أن تنشيط السياحة العربية الى مصر لم يعد كما كان فى الماضى مجرد تنظيم حفلات للفنانين أو المطربين المصريين أو العرب فى القاهرة فى موسم الصيف وفقط، بل إن الأمر أصبح أكبر من ذلك بكثير فى إطار تغيير مفاهيم السائح العربى وضغوط دول كثيرة منافسة لاجتذابه بل لتغيير مفاهيم هذا السائح وارتفاع مستوى تعليمه وثقافته وسفره، وبالتالى فإن الترويج والتسويق للسياحة العربية الى مصر يجب أن يتم بمفاهيم وأدوات العصر الإعلامية الحديثة. من هنا كان مهما ما أعلن عنه وزير السياحة خلال وجوده فى دبى عن اطلاق حملات إعلامية فى السوق العربية واستغلال أدوات أو وسائل التواصل الاجتماعى والإعلامى الحديثة والانترنت بشكل عام فى حملات التسويق. إن من يزور معرض دبى للسياحة يدرك أهمية ذلك، ويرى بنفسه كم هو الاهتمام بالتكنولوجيا حتى أنهم يخصصون مساحة ضخمة فى المعرض للاهتمام بالحجوزات السياحية على شبكة الانترنت خاصة فى ظل زيادة استخدام الانترنت من الموبايل. لذلك كان على مصر أن تدرك ذلك وتتحول فى التسويق السياحى الى الاهتمام بالتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة وبالفعل بدأت مصر فى تنفيذ مشروعات متعددة فى هذا المجال مع موقع شركة جوجل وكذلك انشاء قناة للسياحة المصرية على يوتيوب، وكذلك تركيب كاميرات تبث على الانترنت من مقاصد مصر السياحية المختلفة فى الغردقة وشرم الشيخ تحديدا، لتعطى صورة لمستخدمى هذه المواقع أو التكنولوجيا على الحالة الأمنية، وحالة السياحة والتطور فى مصر بشكل عام. وفضلا عن ذلك، ومن إطار هذه الرؤية الجديدة للتسويق والتواصل مع السياحة العربية يستمر الاهتمام بالحملات الإعلامية والإعلانية، ورحلات الصحفيين، والعلاقات العامة، والبعد التاريخى والانساني، والعلاقات بين الدول العربية ومصر من خلال برامج مستمرة تهدف إلى اطلاع السائح العربى على هذه الرؤية الجديدة. لكن يبقى بعد ذلك السائح العربى فى إطار هذه الرؤية الشرط الأول والأساسى للسياحية أو للسفر، وهو حل مشكلة النقل أو الطيران.. فلا سياحة دون طيران.. واعتقد أن هذه القضية تستحوذ على الكثير بل كل الاهتمام من هشام زعزوع وزير السياحة.. إننا لابد أن ندرك أن هذه الرؤية الجديدة تأتى فى اطار رؤية أكبر وهى رؤية السياحة المصرية بشكل عام فى 2020، فالأمر المؤكد أننا فى دبى سمعنا عن رؤية للاخوة فى دبى خاصة بعد نجاحهم فى استضافة اكسبو 2020 يطمحون فى تحقيق 20 مليون زائر ويقولون إنهم الآن وصلوا الى 11 مليون سائح أو زائر سنويا، وأنهم قادرون على الوصول الى الهدف الجديد. فإذا كان ذلك هو ما يدور حولنا فإن مصر قادرة فى 2020 على تحقيق رقم أكبر من ذلك ربما يصل الى 25 مليون سائح، كما قال وزير السياحة، ولكن المهم الاستقرار وانجاز كل أجهزة ووزارات الدولة بالسياحة كنشاط اقتصادى يدعم الاقتصاد القومي. لقد أصبحت المنافسة بين دول العالم السياحية شرسة جدا، فالكل يريد اجتذاب السائح لدعم اقتصاده، والسياحة تجر وراءها صناعات تصل الى نحو 72 صناعة، كما يقول الخبراء، فبناء فندق يحتاج الى شركات مقاولات وعمالة ويشغل مصانع أسمنت وخشب وأغذية وأدوات كهربائية وهكذا سلسلة من الأنشطة تسهم بلا شك فى التنمية الاقتصادية. فإذا كانت دبى قد وضعت رؤية جديدة تستهدف 20 مليون سائح فى 2020.. واعتقد أن مصر فى اطار هذه الرؤية الجديدة التى تنفذها مصر حاليا قادرة على تحقيق أكثر من 20 مليون سائح فى 2020 المهم فقط الاستقرار والأمن!! لمزيد من مقالات مصطفى النجار