تتواتر التقارير عن مخطط يستهدف منع قيام نظام عربى جديد يتمحور حول مصر، تحيط بها دول المشرق العربى، ويحميه جيشها الباسل بعد إفشال مؤامرة اليمين المتأسلم بقيادة الإخوان الضالين التى كانت ضالعة فى مخطط مضاد، بطرقها الخبيثة الخاصة، وذلك إثر الموجة الكبيرة الثانية من الثورة الشعبية العظيمة فى يونيو 2013 بمدد من القوات المسلحة لشعب مصر فى مطلع يوليو 2013. وإن حظى هذا النظام الإقليمى الجديد بدعم من الاتحاد الروسى الحريص على موطىء قدم استراتيجى فى الشرق الأوسط ومياهه الدافئة، بعد زعزعة قاعدته فى طرطوس السورية، فإن معسكرا مقابلا يستشعر الخطر من هذا النظام يتكون الآن فى المقام الأول من الدولة المارقة إسرائيل، وتساندها قوى الهيمنة فى العالم الحريصة على مصالحها فى المنطقة وعلى حماية أمن إسرائيل، ومن حلفائهما فى المنطقة تركياوقطر. ولنبدأ بالمعلومات الأحدث التى توافرت فى الأساس من مصادر استخباراتية ودفاعية غربية. والأمر من الخطورة والإلحاح بحيث يوجب أقصى درجات الانتباه والاستنفار. المخطط يجرى تنفيذه على قدم وساق. فبالإضافة إلى استمرار الجرائم الإرهابية الخسيسة فى جميع أنحاء مصر، فإن ما يسمى «جيش مصر الحر»، على غرار الجيش السورى الحر، يجرى إعداده وتدريبه وتجهيزه بالأسلحة فى شرق ليبيا، الفالت من سيطرة الدولة المضعضعة فى القطر الشقيق والواقع تحت سطوة جماعات متشددة أسهمت فى إسقاط الطاغية القذافي. ويجرى إعداد هذا الجيش السوء بدعم من المخابرات القطرية والتركية، وبغطاء سياسى وتمويل سخى من جماعة الإخوان الضالين لا سيما من نائب المرشد خيرت الشاطر، الراعى الأول والممول بسخاء لجحافل الإرهابيين التكفيريين المتمسحين بالإسلام المعادين لمصر ولشعبها. ومن الرجل الحديدى للجهاز السرى للجماعة الضالة محمود عزت الذى تمكن من الهرب من أجهزة الأمن المصرية ويقيم فى فندق على شاطئ غزة منذ يوليو 2013، كقاعدة قيادة متقدمة للعنف والإرهاب، أنشأتها جماعة الإخوان الضالين فور إسقاطها من الحكم، وصولا لإشعال حرب أهلية. وبالتعاون الوثيق بين تنظيم القاعدة الإرهابى من خلال الأخوين أيمن ومحمد الظواهري، والأخير وهو قائد تنظيم الجهاد فى مصر ممن شملهم عفو رئاسى فورى من محمد مرسي، وتبين من التحقيق معه أن خيرت الشاطر زوده قبل القبض عليه بثلاثين مليون دولار لتمويل حرب الإرهاب والترويع عقابا لشعب مصر على إسقاط حكم اليمين المتأسلم. كما شارك فى تأسيس هذه الجماعات الإجرامية الإرهابى أسامة ياسين أحد شقاة الإخوان الضالين الذى عينته سلطة اليمين المتأسلم وزيرا للشباب من دون أى مقومات تليق بالمنصب فلم تتعد مؤهلاته قيادة الميليشيات الإلكترونية للإخوان التى كانت تتولى الهجوم على المعارضين وتروّج للجماعة ونشاطاتها الضالة على الإنترنت. الهدف المرحلى المعلن لهذه الجهود الدنيئة هو إيجاد «جيش مصرى حر» على أرض ليبيا بدعم من الإخوان الضالين متحالفين مع «القاعدة» وبرعاية وتمويل من قطروتركيا وإيران. لكى يعمل هذا الجيش على مهاجمة أهداف حيوية فى مصر شاملة السد العالى ومطار القاهرة الدولى، وأماكن العبادة المسيحية والإسلامية فى مسعى لإشعال احتراب طائفي- ومواقع الجيش والشرطة، والهجوم على السجون لتحرير مساجين الإخوان الضالين ونشر الفوضى. وفى ظل تفكك الدولة فى ليبيا وتناحر الفصائل المسلحة العديدة فيها، فإن السلطات الليبية إما تسمح بهذه الاستعدادات أو لا تستطيع التحكم فيها. ويجرى تموين وتجهيز المجموعات المؤسسة لهذا الجيش بكميات كبيرة من المركبات والمعدات والأسلحة. وتضم هذه المجموعات جنسيات متنوعة لها سابق خبرة فى الحرب فى سوريا وغيرها من العمليات المسماة زورا بالجهادية فى المنطقة العربية وخارجها. لقادتها المنتمين فى الأغلب إلى المواقع العليا فى القاعدة علاقة خاصة مع رئيس المخابرات القطرية ونائب مرشد الإخوان الضالين خيرت الشاطر وتردد أنهم يتلقون دعما شرعيا ضالا ومضللا من القرضاوى، وينتظر منهم أن يقوموا بدور مهم فى زعزعة الاستقرار من خلال العمليات الإرهابية داخل مصر وصولا لإعادة تأسيس حكم اليمين المتأسلم فى سياق مخطط لإعادة ترتيب المنطقة العربية لخدمة المشروع الصهيونى فى هذه المنطقة من العالم. ومع ذلك يتكون الجيش السوء فى الأساس من شباب مصريين هربوا إلى ليبيا، على الأغلب بوثائق مزورة، ويقودهم إرهابى تكفيرى عائد من الحرب فى سوريا لإعداد هذا الجيش تحت إمرة ضباط مخابرات من قطروتركيا فى محاولة لتكرار مسار الاقتتال فى سوريا. ويقال إنه قد جرى تهريب خلايا أولى من هؤلاء المجرمين فعلا إلى داخل مصر عبر الحدود مع ليبيا. ويجرى إعداد هذا الجيش بالتوازى مع توسع الجماعات التكفيرية الإرهابية فى سيناء وخارجها مثل أنصار بيت المقدس وأجناد مصر، المرتبطين بجماعة الإخوان الضالين، والقدس الشريف ومصر والإسلام منهم جميعا براء. ولكل هذا فالتقدير أن الجماعات الإرهابية التكفيرية قد انتشرت فى عدد من المحافظات فى عموم مصر، وليس فقط فى سيناء. ونجحت هذه الجماعات الضالة فى تجنيد أعداد من الشباب، فضلاً عن أنها تمكنت من حشد كميات ضخمة من السلاح المهرب عبر الحدود، خاصة مع ليبيا. هذا ناهيك عن ظاهرة العفو الفورى بقرارات رئاسية عن عتاة الإرهابيين ولو كانوا محكوما عليهم بتهم إرهاب واستعادة مثلهم من المنافي، لقد جانب الصواب هذه القرارات إن أحسنّا الظن، أو هى مثلت أطرافا من المؤامرة على مصر وشعبها ولو من خلال الإهمال الجسيم إن أسأنا الظن، فقد مكنّت هذه القرارات من التمهيد لإنشاء البنى التنظيمية وتوطيد الصلات اللوجستية لهذه الجماعات الإجرامية. إن هذه المعلومات لو صحت تعنى أن المسئولية المباشرة عن استشراء هذا الداء واستيطانه فى مصر، تطال جميع رؤساء الدولة ورؤساء الوزارات وجميع وزراء الداخلية والدفاع والخارجية ورؤساء الأجهزة الأمنية، المدنية والعسكرية، منذ ما قبل الموجة الأولى من الثورة الشعبية فى يناير 2011 وحتى الآن، وتطال بشكل خاص أولئك المسئولين بعد الموجتين الكبيرتين الأولى والثانية من الثورة. وإن صحت هذه المعلومات فيزداد تعجبنا من فشل أجهزة الأمن المدنية والعسكرية فى محاصرة هذا الداء وقطع شرايين تزويده بالمال والسلاح لعدة سنوات متتالية. وفى هذا التقصير الفادح فى منظومة الأمن فى مصر يكمن تفسير استعصاء القضاء على هذا الداء، ونجاحه فى أغراضه الخبيثة حتى الآن. فقد ظلت جهات عديدة تعبث بأمن مصر والمصريين بدأب بينما انهمكت أجهزة الأمن فى معارك السياسة الداخلية واستهداف النشطاء السياسيين لمصلحة قوى الحكم التسلطى فى خصومة واضحة مع قوى الثورة الشعبية العظيمة لا يستفيد منها إلا النظام الاستبدادى الفاسد الذى قامت الثورة الشعبية لإسقاطه ولم تفلح بعد. لمزيد من مقالات د . نادر فرجانى