المصريون الآن على اعتاب اختيار رئيس مصر القادم وأتمنى ابعث إليه برسالة ربما ساعده فى قيادة سفينة الوطن بأمان واستقرار وسلام وهى تتلخص فى سيرة وأعمال الرئيس الأمريكى أبراهام لينكولن (1809 1865) وهو الرئيس السادس عشر للولايات المتحدةالأمريكية فى الفترة (1861 1865) وإليه يعود الفضل فى إعادة 11 ولاية منفصلة إلى أحضان الوطن الأم، وأيضا كان صاحب قرار بإلغاء الرق فى أمريكا عام 1865 فالرواد الأوائل كانوا مصدر خير وسعادة لوطنهم وللعالم كله لأنهم كانوا رجال سلام وطنيين بعكس ما نشاهدهم اليوم من رؤساء تسببوا فى الحروب والصراعات فى أنحاء العالم تحت شعارات براقة ومزيفة، ففى حياة لينكولن الكثير من التعاليم المفيدة لأى إنسان تقوده المسئولية لتحمل قيادة وطنه. لينكولن عرف الحرمان منذ طفولته فقد ولد فى كوخ متواضع ليس به سوى مقعد خشبى وسرير من جذوع الأشجار ووسادة من القش وعمل والده مزارعا تارة ونجارا تارة أخري، ورغم أن والده كان أميا إلا أنه حرص على إرسال ابنه إلى المدرسة فتفوق وأحب القراءة وكره الظلم والاستعباد.وتوفيت والدته وهو فى التاسعة من عمره، وهنا يقول لينكولن إنه لا ينسى أبدا تلك الليلة التى جلس فيها مع أبيه ليصنع تابوتا خشبيا لتدفن فيه والدته !! فبكى كثيرا وهو يتذكر محبة والدته وحنانها الفائق، وما زاده ألما عندما سمع من الجيران أن والده سوف يتزوج من سيدة لها ثلاثة أولاد، فستكون بالنسبة له زوجة أب !! فحزن كثيرا لكنه كان يؤمن أن الله سيدبر له كل الخير لأنه صانع خيرات ورحوم فقد كانت زوجة أبيه إحدى نعم الله عليه حيث وقفت بجانبه عندما أراد والده فى عمله الزراعى وحرث الأرض وجنى المحصول بجانب دراسته للقانون وأصبح محاميا ورشح نفسه للانتخابات لكن لم يوفق ولم ييأس ومكث على تعلم قواعد اللغة الإنجليزية ورشح نفسه مرة ثانية واجتاز الانتخابات بجدارة. وكان زاهدا فى المال والجاه، واهتم بالعطف على فقراء وطنه ولم يكن يؤمن بالرق والعبودية، فتزعم حركة تحرير العبيد، وكان دائما يقول: (إن أعظم أجر يتقاضاه المحامى ليس هو المال بل دفاعه عن متهم بريء أو فقير مظلوم أو يتيم أو أرملة) ودافع عن الآلاف المظلومين ورفض أن يتقاضى أتعابا من الفقراء. كما عرف بوطنيته وإيمانه وحبه للناس، حتى دعاة الناس ب «محرر العبيد»، فالتف حوله الجميع وانتخب رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية عام 1861م. وحدث فى نفس يوم توليه الرئاسة، أن توجه لزيارة زوجة أبيه وفاء منه لها فى محبتها المخلصة له وكان الجو قاسيا ولم يتمكن من استقلال سيارة إلى منزلها فاستقل قطار بضاعة !! وذهب إليها وقبل يديها وتناول معها العشاء. هذه هى صفات الإنسان الأصيل الذى يعمل لخدمة وطنه بإخلاص وحب وتضحية لم تغير الرئاسة شخصيته بل ظل بسيطا متواضعا يفتح قلبه للجميع، وباب داره للفقراء، مما كان يثير غضب زوجته الارستقراطية التى بدلا من أن تقف بجانب زوجها الإنسان النبيل انحازت بغباء إلى طبقة الأثرياء. وكان همه إلغاء الرق والعبودية، واجه صعوبات واضطهادات كثيرة وأخيرا قتل فى سبيل ذلك فقد كان شعاره (إن الناس ولدوا أحرارا فكيف نجعلهم عبيدا) ولم يميز نفسه عن الآخرين، فقد كان دائما يقول: (لأنى غير مستعد أن أكون عبدا، فإنى أرفض أن أكون سيدا أيضا)..و هذه النوعية من الناس تتمتع بصفات عظيمة جدا. وأقول للرئيس القادم إن اتبعت هذا المنهج الإنسانى فى إدارتك شئون الوطن فسوف يحبك الناس وتنجح فى مهمتك وتترك ذكرى طيبة بعد أن تغادر مقر الرئاسة فى يوم من الأيام. د. مينا بديع عبد الملك الجامعة الأمريكية بالقاهرة