فى اطار التعدى على الأراضى الزراعية والذى يهدد بتآكل الرقعة الزراعية وزيادة حصة الاستيراد الغذائى من الخارج، تبرز أهمية العمل على تضافر الجهود بجميع الوزارات والهيئات للقضاء على هذه الظاهرة والحد من تداعياتها السلبية على الاقتصاد القومي. ذلك ان استمرار مسلسل التعدى على الأراضى الزراعية وتصاعد وتيرته منذ ثورة 25 يناير وإلى الآن والذى بلغ مليونا و38 ألف حالة تعد لنحو 44 ألف فدان قد أصبح أحد المصادر الرئيسية للتهديدات التى تواجه الأمن القومى المصرى بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية وتقليل حجم الاستيراد من الخارج. وفى حقيقة الأمر فإن هذه الظاهرة تؤدى إلى خسائر تبلغ نحو 20 مليار جنيه سنويا حيث تؤدى إلى تآكل الرقعة الزراعية والتى تتناقص بمعدل 35 فدانا كل ساعة وبناء العقارات عليها، والتى تمثل ضغطا على المرافق. وفضلا عن ذلك تؤدى إلى تقليص المساحات المخصصة لزراعة المحاصيل كالقمح والذرة، وهو الأمر الذى يسهم فى اتساع الفجوة الغذائية حيث تستورد مصر 60% من غذائها. ويمكن القول إن محافظة المنوفية تحتل المرتبة الأولى فى حجم التعديات على الأراضى الزراعية، خاصة أن أراضيها من أخصب الأراضى على مستوى المحافظات، فقد بلغت حالات التعدى على الأراضى الزراعية بالمنوفية نحو 118 ألف حالة وفى البحيرة 107 آلاف حالة وفى الغربية 84 ألف حالة وفى القليوبية 67 ألفا وفى كفر الشيخ 46 ألف حالة، وذلك فى الوجه البحرى، بينما بلغت حالات التعدى فى محافظة بنى سويف 42 ألف حالة وفى قنا 29 ألف حالة وذلك منذ ثورة يناير وحتى الآن. وتبرز مجموعة من الأسباب التى تؤدى إلى هذه الظاهرة والتى تتمثل فى ارتفاع نسبة الفقراء فى الريف حيث يهجر الفلاح الزراعة ويحول الأرض الزراعية إلى مبان، وذلك بسبب ارتفاع المدخلات الزراعية. كما تتمثل هذه الأسباب ايضا فى وجود العصابات المنظمة التى تقوم بالاستيلاء على أراضى الدولة الخاصة بشباب الخريجين. وبالإضافة إلى ذلك عدم فعالية العقوبات المفروضة على المخالفين والتى تنص على فرض غرامة لاتقل عن 500 جنيه للمخالف ولاتزيد على ألف جنيه عن كل فدان أو جزء منه فى الأرض بالنسبة لتبوير الأرض وفى حالة البناء المخالف والذى يتم دون ترخيص فعقوبته الحبس والغرامة التى لاتقل عن 10 آلاف جنيه، ولاتزيد على 50 ألف جنيه. وعلى ضوء هذه الأسباب تبرز أهمية وضع بعض البدائل لحل هذه المشاكل والتى يمكن أن تشمل الحلول الآتية: 1 وضع خطة نوعية تشمل إقامة ندوات تثقيفية يتم تنفيذها بجميع الادارات والجمعيات الزراعية لتوعية المزارعين بضرورة الحفاظ على الأراضى الزراعية لدلتا مصر والتى تعد من أجود الأراضى الزراعية. 2 مراجعة التشريعات الخاصة بالتعدى على الأراضى الزراعية وذلك بتغليظ العقوبات الخاصة بالحبس والغرامات وان تفرض الدولة رسوما على الازالات بحيث تكون على حساب المتعدى فضلا عن تحمله جميع تكاليف عودة الأرض لحالتها قبل الإزالة. 3 أهمية التنسيق بين وزارات التنمية المحلية والزراعة والموارد المائية والرى والمحافظات وذلك بشأن مواجهة التعدى على الأراضى الزراعية من المنبع. 4 تيسير اجراءات تخصيص الأراضى فى المناطق الصحراوية لإقامة مساكن مجاورة لمناطق الاستصلاح الجديدة. 5 إجراء تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون البناء الموحد للسماح بزيادة الارتفاعات فى البناء فى القرى رأسيا. 6 تفعيل دور الأجهزة الرقابية وبصفة خاصة جهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء. 7 انشاء شرطة متخصصة لإزالة التعديات على الأراضى الزراعية. صفوة القول ان التعدى على الأراضى الزراعية قد التهم مايقرب من 44 ألف فدان وذلك منذ ثورة يناير وحتى الآن وهو الأمر الذى يقتضى مواجهة هذه الظاهرة بتغليظ العقوبات من جانب، وتحقيق التنسيق بين الوزارات والأجهزة من جانب آخر وبصفة خاصة ما يتعلق منها بالتنسيق بين رؤساء الوحدات المحلية ومديريات الزراعة للعمل على وقف التعديات على الأراضى الزراعية.
زميل كلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية العليا لمزيد من مقالات د.طه محمد عبدالمطلب