إذا كان الهدف الأساسى إن لم يكن الوحيد للغالبية العظمى لخريجى الجامعات والمعاهد فى مصر هو العثور على فرصة عمل.. فإنه من المفروض أو بمعنى أدق من البدهى أن يكون هذا الخريج قد اكتسب خلال فترة دراسته المهارات اللازمة لشغل بعض أو احدى الوظائف الخالية فى سوق العمل. ولكن هل يحدث ذلك بالفعل؟ الإجابة بكل أسف فى أحيان كثيرة هى لا، والدليل هذا التناقض الصارخ بين رغبة مئات الشركات من وجود فرص عمل لديها لاتجد من يشغلها.. والسبب فى ذلك ان هذه الشركات لا تقبل بأى خريج يحمل شهادة ورقية بمؤهلات قد لا تكون موجودة لديه من الأساس، وإذا أردنا مثالا عمليا على ذلك نجده فى البيان الذى أصدرته إحدى الجهات الرسمية المختصة بالتدريب فى مصر والذى تقول فيه بوضوح إنها اتاحت أكثر من 96 ألف فرصة عمل فى شركات وجهات صناعية وتجارية وخدمية خلال 6 أشهر فى الوقت الذى تقدم لشغل هذه الوظائف نحو 37 ألف شاب فقط، أى أن هناك فجوة أو خللا بين مخرجات التعليم واحتياجات التشغيل، فلا يكفى أبدا أن تخرج الجامعات والمعاهد مئات الآلاف من الخريجين بدون أن يكون لديهم المهارات المطلوبة فى سوق العمل، بل لم يعد سرا أن هناك بعد الكليات لا يوجد فى الأساس طلب فعلى على بعض تخصصاتها إلا أقل القليل وفى أماكن محدودة جدا، ومع ذلك فهى مستمرة فى تخريج نفس الأعداد السنوية بدون نقصان إن لم يكن زيادة والنتيجة النمو المتواصل فى طابور البطالة الذى يقف فيه ملايين الخريجين الحاليين والسابقين، والأمر ببساطة يتطلب دراسة فعلية لاحتياجات سوق العمل فى الفترة الحالية والمتوقع منها والمتوقف عليها خلال العشر أو الخمس عشرة سنة، المقبلة وعلى هذا الأساس يتم إعداد خريطة التعليم سواء بحجم المقبولين بالجامعات والمعاهد ونوعية التخصصات، مع مراجعة جادة لنوعية المناهج والاهتمام بالجانب العملى والتدريبى قبل التخرج، وبدون تحقيق ذلك سيستمر الأمر على حاله وينمو طابور البطالة ويزداد سنويا ويستمر الآلاف من الخريجين فى البحث عن فرص عمل، وفى نفس الوقت تتصاعد شكوى الشركات من وجود فرص عمل لا تجد من يشغلها. لمزيد من مقالات أحمد العطار