لم يكن الطريق الي استعادة طابا سهلا, وانما كان صعبا ومحفوفا بالمخاطر وبالتالي كان لابد من تحكيم العقل, فبعد انتصار أكتوبر1973 وفض الاشتباك الأول في يناير1974, وفض الاشتباك الثاني في سبتمبر1975 تلاحقت التطورات الي أن وقعت معاهدة السلام في26 مارس1979 وبعد انسحاب اسرائيل من سيناء نشأ الخلاف حول10 كيلو مترات حاولت اسرائيل أن تظفر بها في آخر لحظة كما هي عادتها. وأعلنت إسرائيل ضم منطقة طابا اليها بادعاء أنها داخلة في نطاق فلسطين تحت الانتداب وكانت معاهدة السلام قد نصت علي انسحاب إسرائيل من سيناء الي ما وراء الحدود الدولية وحددت المعاهدة أن هذه الحدود الدولية هي الحدود المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب ومع اقتراب موعد الانسحاب بدأت اسرائيل منذ بداية عام1982 المناورات للمساومة علي اتمام الانسحاب الذي يتم الاتفاق عليه مقابل تنازلات في مسألة طابا من جانب مصر وجاء الكسندر هيج وزير الخارجية الأمريكي وقتها الي القاهرة ليعرض عقد اتفاق آخر مع اسرائيل يتضمن شروطا جديدة ورفض الرئيس مبارك المساومة علي اي شبر من سيناء وبشكل قاطع.. وحين سئل هل تقبل الحل الوسط في طابا, فأجاب أمام العالم كله وهل يمكنك أن تتنازل عن أحد أبنائك مقابل أي شيء.. وقال إن طابا أصبحت عاصمة مصر الأولي إلي أن تتحرر وهكذا مضت فصول الملحمة علي مدي ست سنوات بعد الانسحاب الاسرائيلي من سيناء في25 ابريل1982 وخاضتها مصر بنفس الروح العظيمة التي خاضت بها حرب أكتوبر, فبعد المناورات الاسرائيلية وقعت مصر واسرائيل اتفاقا يقضي بحل الخلاف عن طريق التفاوض فأن لم تصل الي حل يكون عن طريق التوفيق أو التحكيم وفشلت المفاوضات وحاولت اسرائيل أن يكون الحل عن طريق التوفيق ولكن مصر رفضت بقوة لأن التوفيق عادة ماينتهي بتنازل كل طرف عن بعض مطالبه وقبول حل وسط وصممت مصر علي التحكيم الدولي وأصرت علي أن تحصر مهمة هيئة التحكيم في سؤال واحد محدد وهو.. أين الموقع الحقيقي لعلامات الحدود المتنازع عليها وعددها14 علامة وأهمها العلامة91 وهل قامت اسرائيل بتحريك هذه العلامة للتلاعب في حقائق الأرض أم لا ؟ وتشكلت اللجنة القومية العليا للدفاع عن طابا في13 مايو1985 من خيرة القانونيين والدبلوماسيين المصريين والعسكريين وخبراء المساحة الذين وضعوا رصيد خبرتهم وجهدهم من أجل استرداد الجزء الغالي من أرض الوطن وقدمت هيئة الدفاع المصرية آلاف الوثائق والمذكرات والأسانيد القانونية والجغرافية والتاريخية وزارت هيئة الدفاع المواقع علي الطبيعة في سيناء وكانت اسرائيل قد لجأت الي اقامة فندق في طابا ليكون عقبة ولايكون أمام مصر الا قبول استمرار ملكية اسرائيل للفندق أو التسليم بحق الاسرائيليين في الانتقال الي منطقة طابا دون جوازات سفروبعد أداء متميز لفريق الدفاع المصري نجح في الحصول علي حكم من هيئة التحكيم الدولية في27 سبتمبر1988 بأحقية مصر في ممارسة السيادة علي كامل ترابها وأمتد عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغة اسرائيل في التنفيذ الي جولات أخري من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشآتها الي مصر حتي وصلت الملحمة الي المشهد الأخير بتسليم طابا في19 مارس1989