يوافق يوم 19 مارس من كل عام، ذكرى عودة طابا الى سيادة مصر، بعد أن خاضت ملحمة دبلوماسية طويلة على مدى عدة سنوات مع الكيان الصهيوني . وقد انسحبت إسرائيل من طابا في 19 مارس 1989، بعد سلسلة من المفاوضات مع مصر، ومحاولة المساومة مدعية أن طابا ليست جزءا من مصر. وقد تلاحقت الأحداث عقب انتصار مصر في حرب أكتوبر 1973 وفض الأشتباك الأول فى يناير 1974،ثم فض الاشتباك الثانى فى سبتمبر 1975 تلاحقت الأحداث الى أن تم توقيع معاهدة السلام المصرية الأسرائيلية فى 26 مارس 1979 والتى تقضى بانسحاب اسرائيل من كل الأراضى التى احتلتها من مصر فى يونيو 1967 على أن يتم ذلك عبر لجنة مشتركة من الجانبين المصرى والاسرائيلى لتسهيل تنفيذ الأتفاقية . وبعدها بدأت اسرائيل منذ بداية عام 1982 المناورات عندما أعلن رئيس الجانب العسكرى المصرى فى اللجنة المصرية الاسرائيلية ان هناك خلافا حول بعض النقاط الحدودية خاصة العلامة 91 وحرصا من مصر على اتمام الانسحاب اتفق الجانبان على تأجيل الأنسحاب من طابا وحل النزاع طبقا لقواعد القانون الدولى وبنود إتفاقية السلام وبالتحديد المادة السابعة، التى تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات واذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم. وقررت مصر اللجوء الى التحكيم الدولي بينما كانت تطالب اسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق لأن التوفيق عادة ما ينتهى بتنازل كل طرف عن بعض مطالبه وقبول حل وسط. وخاضت مصر ملحمة استرداد طابا على مدى عدة سنوات بعد الانسحاب الاسرائيلي من سيناء فى 25 ابريل 1982، وقال الخبراء إن ادارة الأزمة فى مسألة طابا كانت من أصعب مراحل المفاوضات مع اسرائيل، وتركزت المفاوضات على تحديد الموقع الحقيقى لعلامات الحدود المتنازع عليها وعددها 14 علامة وأهمها العلامة 91 وهل قامت اسرائيل بتحريك هذه العلامة للتلاعب فى حقائق الأرض أم لا؟. وتشكلت اللجنة القومية للدفاع عن طابا من قانونيين ودبلوماسيين مصريين وعسكريين وخبراء مساحة ونجح بالفعل الفريق في ذلك الوقت فى صياغة دقيقية لا تعطى اسرائيل فرصة للتحايل ووقعت عليها اسرائيل فى 11 سبتمبر 1986 وهى تحدد شروط التحكيم ، ومهمة المحكمة فى تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف . وقدمت هيئة الدفاع المصرية آلاف الوثائق والمذكرات والأسانيد القانونية والجغرافية والتاريخية التى مثلت 61% من الأدلة المادية وزارت هيئة الدفاع المواقع على الطبيعة فى سيناء ، وكانت سرائيل قد لجأت الى اقامة فندق فى طابا ليكون عقبة أمام مصر ولايكون أمامها سو ى قبول استمرار ملكية اسرائيل للفندق أو التسليم بحق الاسرائيليين فى الانتقال الى منطقة طابا دون جوازات سفر وكل ذلك رفضته مصر. وتكلل جهود الفريق المصري بالنجاح حينما أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها فى 27 سبتمبر 1988 بأحقية مصر فى ممارسة السيادة على كامل ترابها وامتد عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغات اسرائيل فى التنفيذ ، الى عقد جولات أخرى من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشأتها الى مصر حتى وصلت الملحمة الى المشهد الأخير بتسليم طابا فى 15 مارس 1989 ، ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس .