يواجه الطلاب من منتسبى التعليم الفنى الصناعى عدة تحديات تتمثل فى ضعف النمو الاقتصادى الذى لايوفر لهم فرص عمل حقيقية تتناسب مع أعدادهم المتزايدة سنويا، فضلا عن أن طبيعة مسارهم التعليمى والأماكن الدراسية المحدودة لهم فى التعليم الجامعى بكليات الهندسة (يلتحقون بكليات الهندسة بنسبة 10% فقط من عدد طلاب الثانوية العامة الملتحقين بها) تجعل فرص التعليم العالى لهم أمرا فى غاية الصعوبة، وأدى ذلك الى تدنى نظرة المجتمع اليهم وضعف ثقتهم فى أنفسهم، واضمحلال طموحهم ووهن عزيمتهم، واحباطهم وشعورهم بضعف الانتماء لبلدهم الذى يعتقدون أنه لم يوفر لهم سبل الحياة الكريمة سواء طلاب أو خريجون، ولذلك أعتقد ان على الدولة مسئولية كبيرة نحوهم، فهم يمثلون ثلث طلاب المرحلة الثانوية بشقيها العام والفني، ويجب أن توفر لهم مسارا للتعليم التكنولوجى الصناعى العالى يوازى المسار الهندسى بحيث يناسب أسلوب تعليمهم الفنى قبل الجامعي، مسار يمنح درجة البكالوريوس فى التكولوجيا الصناعية حصريا لطلاب التعليم الفنى الصناعى الذين يلتحقون بكليات التكنولوجيا التى يجب أن تنشأ لهذا الغرض على نمط الجامعات فى الدولة الصناعية التى تمنح الآن درجة بكالوريوس الهندسة التكنولوجية، مسارا يتيح لمنتسبيه تقليل الهوة بين المهندس الأكاديمى وبين الفنى صاحب المهارة اليدوية، ذلك أن خريج هذا المسار سيتوفر له القدر اللازم من العلوم الأكاديمية التى تجعله قادرا على فهم الأصول العلمية، وفى الوقت نفسه يتمتع بالمهارات العملية واليدوية التى تجعله قادرا على التعامل مع أعقد المنظومات التكنولوجية وحل مشكلات الانتاج، وهو بذلك الوصف المختصر سيكون موجودا فى كل المنظومات الانتاجية جنبا الى جنب المهندس والفنى ليشكل ثلاثتهم منظومة العمل فى كل مؤسساتنا الانتاجية. فقط نذكر بأن نجاح البرنامج المقترح رهن بتفهم أجهزة الدولة لضرورة وجود الخريج الجديد، والعمل الجاد على إيجاد هذا المسار التعليمى والوظيفى والمهنى وإيجاد وظائف حقيقية للخريجين بوصف وظيفى وتمثيل نقابى ودرجات وظيفية تناسب مؤهلهم الجديد، كما أنه رهن بتفهم المجلس الأعلى للجامعات لضرورة تعديل قانون تنظيم الجامعات لكى يرخص للجامعات الحكومية بمنح دبلومات مهنية فوق متوسطة، فتتمكن كليات التكنولوجيا المقترح إنشاؤها 0أو كليات التعليم الصناعى الحالية) من منح شهادة دبلوم فوق متوسط (سنتين بعد مستوى الثانوية العامة أو الفنية) للطلاب الذين لايحققون المستوى العلمى المطلوب بعد السنة الثانية ويقررون الخروج لسوق العمل، ومنح درجة البكالوريوس للطلاب المتفوقين الذين يستكملون دراستهم فى الفرقة الثالثة والرابعة للحصول على بكالوريوس، التكنولوجيا، أى أن الدراسة فى كليات التكنولوجيا المقترحة ستكون بنظام [2+2] فيستمر فى الدراسة «الفرقة الثالثة والرابعة» من يستحق للحصول على البكالوريوس، ويخرج لسوق العمل من يقصر فيها بعد السنة الثانية، وقد يعود هذا الذى خرج لسوق العمل للكلية مرة أخرى لاستكمال دراسته للبكالوريوس بعد قضاء مدة بينية فى الصناعة يجنى خلالها خبرات تؤهله لمتابعة الدراسة، ويلتحق به أيضا الطلاب المتفوقون من خريجى المعاهد الفنية الصناعية وما يعادلها بالفرقة الثالثة مباشرة بشرط توأمة المقررات والمناهج فى الفرقتين الأولى والثانية هنا وهناك. وينبغى إنشاء كيان جديد باسم الجامعة التكنولوجية، التى هى جامعة لأصحاب الياقات الزرقاء (طلاب التعليم الفني) وهى الجامعة التى تبنت وتتبنى فكرتها كل الدول المتقدمة منذ عقد أو عقدين من الزمن، بينما تأخرنا نحن كثيرا عن اللحاق بركبهم، وبتبنى فكرة «الجامعة التكنولوجية» سنفتح آفاق الدراسات العليا لخريجى البكالوريوس من النظام المقترح حتى درجة الدكتوراة مثل نظرائهم فى الكليات الجامعية الأخري، وهو ماسيشيع مناخا من الاستقرار النفسى والتعليمى والمهنى لمنتسبى التعليم الفني، ويرسى مبدأ من أهم مبادئ العدالة الاجتماعية بين قطاع عريض من طلابنا اليافعين، مما يزيد ثقتهم فى أنفسهم وبلدهم ومجتمعهم. د. أحمد الجيوشى عميد كلية التعليم الصناعى جامعة حلوان