تحظى المحاكم المتخصصة باهتمام مستمر من جانب المسئولين فى وزارة العدل بهدف تحقيق العدالة الناجزة، لسرعة أداء الحقوق، وارساء الاستقرار الاجتماعى وتحقيق التنمية الاقتصادية، خاصة أن هذه المحاكم تغطى مجالات عمل وقطاعات كبيرة من المجتمع، حتى إن عدد القضايا المتداولة داخل دوائرها فى شهر فبراير الماضى فقط بلغ 55 ألفا و668 قضية فى مجالات الاسرة والعمال والنزاعات الاقتصادية. وحول تفاصيل التعديلات الجديدة التى تجرى حاليا على عمل المحاكم المتخصصة، جرى هذا الحوار مع المستشار على حسنين مساعد وزير العدل للمحاكم المتخصصة, والى نص الحوار: ما مدى ارتباط هذه التعديلات بما تجريه وزارة القوى العاملة من تعديلات على قانون العمل ؟! الدكتورة ناهد العشرى وزيرة القوى العاملة والوزير السابق كمال أبو عيطة تبنيا ادخال تعديلات جوهرية على قانون العمل بهدف انصاف العامل وتحقيق التوازن فى المصالح بين طرفى العمل، وقد اتفق جميع المشاركين فى لجنة التعديل التى ترأسها الوزيرة على طرح هذه التعديلات للحوار المجتمعى قبل اقرارها. ما هى أكثر الدعاوى المتداولة فى النزاعات العمالية؟ أكبر نسبة من هذه القضايا هى رصيد الاجازات للعامل بعد خروجه على المعاش وحصوله على مقابل نقدى عنها وقد أعطيت توجيهات لرؤساء الدوائر القضائية بسرعة الفصل فيها مباشرة دون ارسالها الى الخبراء حتى لا تمكث فترة طويلة للتداول، بحيث يقوم القضاة باجراء تحقيقات قضائية فيها بمعرفتهم لسرعة انهائها. ومن ابرز المشاكل التى تواجه العمال أيضا فصلهم تعسفيا واصرار اصحاب الاعمال على عدم عودتهم مرة اخرى. هل هناك اجراءات أخرى تبذلها ادارة المحاكم المتخصصة للاسراع بالفصل فى القضايا المتداولة حاليا؟ تم تسجيل لوائح العمل الخاصة بعدد كبير من الشركات الاستثمارية والعامة على «سيديهات» وتسليمها للقضاة للاسترشاد بها فى فحص القضايا المتداولة، لاصدار أحكام دقيقة وسريعة بما يحقق التوازن فى مصلحة العامل وصاحب العمل. هل تعرضت التعديلات على قانون العمل لظاهرة الاضرابات والاعتصامات وهيكلة جداول الاجور؟ هذه المشاكل لا نزال نتداولها فى مناقشة التعديلات لكن لم يتم حسم أمور بعينها ولم يتم صياغتها فى قوالب نهائية الا بعد طرحها للحوار المجتمعى واقرارها. ما عدد القضايا فى مجال نزاعات الاسرة وما طبيعة دور مكاتب التسوية والمساعدات القانونية؟ عدد القضايا التى كانت متداولة خلال شهر فبراير الماضى فقط بلغ 31 ألف قضية تم الفصل فى 28 الفا و956 منها، أى بنسبة 80% ، بالاضافة الى 1214 قضية تم التصالح فيها من خلال مكاتب التسوية المنتشرة فى محاكم الاسرة، وتقضى توجيهات وزير العدل بأن تقدم هذه المكاتب - وعددها 27 مكتبا - جميع المساعدات الفنية للمتقاضين غير القادرين على رفع دعاوى الاسرة والنصائح والارشادات للاسر الفقيرة لتعريفهم بحقوقهم وكيفية صياغة صحيفة الدعوى والاجراءات القانونية فى التقاضى. ماهى التعديلات الجديدة فيما يتعلق بالمحاكم الاقتصادية ؟ التعديل الاول هو فى مجال دعاوى الافلاس التى تستغرق فترات طويلة فى الاجراءات، لذا فقد تم ادخال نظام "التنبؤ بالاعثار" المعمول به فى الدول المتقدمة، وهو يعالج الشركات التى دخلت فى دوامة التعثر واصبحت غير قادرة على سداد ما عليها من ديون حيث يتم تشكيل لجنة يرأسها قاض متخصص فى هيئة التحضير بالمحكمة الاقتصادية التى تنظر النزاع وتكون مهمة هذه اللجنة فحص هذه الشركات المتعثرة من حيث قوائمها المالية وهياكلها الادارية والفنية ونظام تسويق منتجاتها سواء كانت بضائع او خدمات وتحديد نقاط الضعف فى نشاط هذه الشركة والاعلان عن كل هذه النقاط بشفافية وما اذا كان هناك امكانية لاعادة الشركة للاسواق مرة ثانية سواء بتعويمها مادياً او اصلاح كوادرها الفنية و الادارية من عدمه، فاذا لم يسمح وضعها الحالى بذلك فانها تدخل مرحلة " الاعثار " حيث يتم بيعها بشكلها الحالى بالكامل ويتم التخلص من اصولها لسداد ما عليها من ديون للدائنين خلال اسابيع قليلة بدلا من اجراءات الافلاس المتبعة - حالياً - التى تستغرق عدة سنوات لجرد الاصول ثم طرحها للبيع وتوزيع حصيلة البيع على الدائنين بنظام قسمة الغرماء. واسلوب " التنبؤ بالاعثار" تستخدمه ايضاً الشركات الراغبة فى الخروج الآمن من الاسواق بدلاً من اللجوء الى نظام التصفية المتبع فى القانون المدنى الذى يستغرق سنوات طويلة حتى يتم تصفية الشركة فتكون اصول هذه الشركات قد تعرضت للتلف او الضياع بل ان الشركات الدائنة لمثل هذه الشركات المراد تصفيتها او التى كانت تتعامل معها تتعرض للضرر ايضا. اما التعديل الثانى فهو قيام المحاكم الاقتصادية بالفصل فى الجرائم التى ترتبط باختصاص محاكم اخرى، بدلاً من احالتها الى المحاكم المختصة بها مما يساعد فى سرعة الفصل فى مثل هذه الدعاوى بدلا من تعليقها ثم احالتها الى القضاء المختص بها . وثالث هذه التعديلات الجوهرية هو مشروع قانون للوساطة، وقد انتهت ادارة المحاكم المتخصصة من اعداد بنوده التى وصلت الى 53 مادة وتم ارساله الى ادارة التشريع بوزارة العدل وشارك فى اعداده 8 جهات متخصصة منها مؤسسة التمويل الدولية وهى احدى مؤسسات البنك الدولى وشهد المناقشات الخاصة بالمشروع خبراء دوليون وممثلون عن البنوك ونقابة المحامين ومراكز التحكيم فى مصر وهيئة الاستثمار، وقد تكون الوساطة قبل اقامة الدعوى من خلال لجنة يرأسها قاض بدرجة مستشار اضافة الى الوساطة القضائية وهى تعنى ان المشرع منح المتقاضين الفرصة لطلب الوساطة فى حل مشاكلهم بعيداً عن التقاضى حتى بعد تداول الدعوى امام المحكمة الاقتصادية الواقع فى دائرتها المتقاضون، حيث يطلب هؤلاء المتقاضون ايقاف الدعوى واللجوء للوساطة وهذا النظام يوفر الوقت الذى كان يستغرق فى اللجوء الى لجنة تسوية المنازعات قبل اقامة الدعاوى الذى كان يستغرق 4 اشهر . كم عدد القضايا التى تنظرها المحاكم الاقتصادية الثمانية المنتشرة على مستوى الجمهورية؟ عدد القضايا وصل حتى فبراير الماضى فقط 6688 قضية تم الفصل فى 2100 منها، وتم تأجيل الباقى بناء على طلب الدفاع او التأجيلات لاسباب قانونية اخرى، وكثيرا ما تكون كثرة التأجيلات بسبب كثرة طلبات دفاع الخصوم، وقد تمكنت لجان التحضير بالمحاكم الاقتصادية من تحقيق الصلح بنسبة 70.7 % فى الدعاوى التى يجوز فيها الصلح بناء على رغبة طرفى النزاع، وذلك بجانب الدعاوى التى نظرتها الدوائر القضائية داخل المحاكم الاقتصادية الثمانية.