سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قانون الوساطة يُثير الفتنة بين "العدل" و"قضايا الدولة".. "الهيئة" تتهم "مكى" بنزع اختصاصاتها.. و"العدل" ترد: المشروع استثنى جميع المنازعات التى تكون الدولة طرفًا فيها
تسبب مشروع قانون الوساطة الذى انتهت وزارة العدل من إعداده وطرحه للحوار المجتمعى على مجموعة من الخبراء المصريين والدوليين خلال مؤتمر نظمته الوزارة أول أمس، السبت، أزمة بين هيئة قضايا الدولة ووزارة العدل، حيث اتهمت الأولى وزير العدل بنزع اختصاصات الهيئة فى تسوية النزاعات القضائية التى أقرها الدستور من خلال المشروع. وأكد المستشار "محمد ديهوم"، عضو المكتب الفنى بإدارة المحاكم المتخصصة، أن الوساطة وسيلة ودية بديلة للتقاضى، يلجأ إليها الطرفان بحضور طرف ثالث، فى محاولة لتيسير عملية التفاوض بين الطرفين، ويتم عقد الاتفاق بين الأطراف بما تم التوصل إليه من تسويات وفقًا للقانون، مشددًا على أن جميع القضايا التى تكون الدولة طرفًا فيها تم استثناؤها من القانون. وذكر "ديهوم" أن وزارة العدل درّبت 52 قاضيًا بمركز "سيدار" الدولى على ممارسة الوساطة القضائية وفض المنازعات، والوصول إلى تسويات ودية بين الأطراف، وذلك لتأهيلهم للعمل كوسطاء قضائيين بالمحاكم الابتدائية والاقتصادية فى القضايا المدنية والتجارية، وفقًا لما نص عليه مشروع قانون الوساطة الذى انتهت وزارة العدل من إعداده. وأضاف "ديهوم": إن الوساطة القضائية تنقسم إلى نوعين؛ وساطة إلزامية فى القضايا المدنية والتجارية، وتبدأ منذ رفع الدعوى وحتى نظر الدعوى خلال 60 يومًا، ويتم خلالها إحالة الدعوى إجباريًّا إلى الوساطة، أما النوع الآخر فهى الوساطة القضائية الاختيارية، وتتم أثناء نظر الدعوى أمام القاضى بالمحكمة، حيث يطلب الأطراف وقف الدعوى واللجوء إلى الوساطة. وقال: أما فيما يتعلق بالنوع الثانى من الوساطة الذى نص عليه قانون الوساطة، فهو الوساطة الخاصة، ويلجأ إليها الأطراف المتنازعة فى القضايا المدنية والتجارية فى حالة عدم رغبتهم فى اللجوء إلى المحاكم، وإذا ما اتفق الأطراف فى العقد المبرم بينهم على اللجوء للوساطة الخاصة فى حالة النزاع، فوجب عليهم ذلك، ولن يستطيعوا اللجوء إلى المحاكم أو التحكيم إلا بعد مرورهم بالوساطة، مشيرًا إلى أن الوسيط الخاص لا يكون من القضاة، ويكون لهم مكاتب خاصة بهم. كما أن المقرر بعد صدور وإقرار قانون الوساطة أن تنشئ وزارة العدل لجنة خاصة بالوساطة تضم القطاع العام والخاص مهمتها إصدار اللائحة التنفيذية بالقانون لتحديد شروط اختيار الوسيط الخاص، وأماكن تدريبهم، والمعايير والشهادات الحاصلين عليها، وطرق صدور تراخيص العمل. أما الوسيط القضائى الذى يعمل بالوساطة القضائية، فيكون قاضيًا متفرغًا لمدة عام، ويمكن للقضاة بأعضاء الهيئات القضائية الأخرى أن يعملوا كوسطاء بموافقة الهيئة القضائية التابعين لها. وعن علاقة قانون الوساطة بالمحاكم الاقتصادية قال "ديهوم": إن الوساطة بدأت فى الأصل بالمحاكم الاقتصادية التى تم إنشاؤها عام 2008، حيث تقوم هيئة التحضير بالمحاكم الاقتصادية بأمرين: الأول تهيئة الدعوى وتجهيزها وتحضيرها لعرضها مباشرة على القاضى للفصل فيها؛ لسرعة الإنجاز، بينما يتمثل الهدف الثانى فى محاولة الصلح بين الأطراف المتنازعة قبل رفع الدعوى. كما يتم إجراء تعديل على المحاكم الاقتصادية بعد صدور قانون الوساطة، ويتمثل فى إنشاء إدارة للوساطة بالمحاكم الاقتصادية ليلغى دور هيئة التحضير، فيما يختص بالصلح بين المتقاضين، كما يتم إنشاء إدارات للوساطة فى جميع المحاكم الابتدائية . أما عن علاقة قانون الوساطة بالتحكيم الدولى فيقول "ديهوم": "لا توجد علاقة مباشرة بين التحكيم الدولى وقانون الوساطة الذى انتهت وزارة العدل من إعداده، موضحًا أن التحكيم الدولى ينظمه قانون رقم 47 لسنة 1994، وذلك على المستويين الدولى أو الإقليمى أو المحلى، وهو الوسيلة البديلة للتقاضى، حيث يلجأ إليها الأطراف المتنازعة وفقًا للعقد المبرم بين الطرفين، ويكون حكمها ملزم التنفيذ مثل الأحكام القضائية" . وأشار إلى أن القانون أجاز اللجوء إلى الوساطة القضائية الخاصة خلال تداول الدعوى التحكيمية أمام التحكيم الدولى، من خلال طلب يقدم لهيئة التحكيم، وإذا انتهى الوسيط الخاص إلى تسوية تصدق هيئة التحكيم على التسوية التى تمت بمعرفة الوسيط، ويكون الحكم قابلًا للتنفيذ مثل أحكام المحكمين. ومن جانبه توقع المستشار محمد بدر، عضو المكتب الفنى بإدارة المحاكم المتخصصة بوزارة العدل، أن تجرى هيئة قضايا الدولة تعديلات على القانون فى ضوء الدستور الجديد . وقال بدر: "نأمل أن تبادر هيئة قضايا الدولة بمشروع قانونها الجديد، بالنص على تسوية المنازعات التى تكون الدولة طرفا فيها من خلال وضع "الوساطة" كبديل لفض وتسوية المنازعات بين الدولة والأطراف الأخرى، سواء أطراف مصرية أو أجنبية". وأضاف: "بموجب هذا التعديل يمكن تطبيق "الوساطة" فى قضايا التحكيم الدولى كبديل للجوء إلى التحكيم الدولى، تحقيقًا لسرعة الفصل فى المنازعات". وأشار إلى أن مشروع قانون "الوساطة" الذى انتهت من إعداده وزارة العدل استثنى كافة القضايا التى تكون الدولة طرفًا فيها، وذلك مراعاة لقانون هيئة قضايا الدولة المسئولة عن المنازعات التى تكون الدولة طرفًا فيها، وفقًا للدستور . وكشف المستشار صلاح رزق، مستشار بالمحكمة الاقتصادية، أن تطبيق قانون "الوساطة" الذى انتهت وزارة العدل من إعداده يحتاج إلى تعديل تشريعى بالمحاكم الاقتصادية لإلغاء دور هيئة التحضير فيما يتعلق بالتوفيق والصلح بين المتنازعين . وقال: "يجب نشر الوعى بين الرأى العام بفكرة الوساطة والصلح بين المتقاضين فى القضايا المدنية والتجارية قبل اللجوء إلى المحاكم، بهدف سرعة الإنجاز وتشجيع المستثمرين الأجانب للاستثمار فى مصر. وأضاف: "كثيرًا من المستثمرين يخافون فكرة اللجوء إلى المحاكم؛ لما تسفر عنه من سمعة سيئة على نشاطاتهم التجارية، وما يترتب عليها من خسائر فادحة، أما اللجوء إلى "الوساطة" فيضمن السرية للمتنازعين، وإنهاء الخصومة بالتراضى بين الأطراف المتنازعة . فى حين هاجم المستشار محمد طه، رئيس نادى مستشارى هيئة قضايا الدولة، المستشار أحمد مكى؛ وزير العدل، واتهم قانون الوساطة الذى انتهت وزارة العدل من إعداده بنزع اختصاصات الهيئة فى تسوية المنازعات القضائية، وفقًا للدستور. وأكد "طه" أن قانون الوساطة القضائية وفض المنازعات يمثل تعديًا صارخًا على اختصاصات الهيئة المخولة لها طبقًا لنص المادة 179 من الدستور، موضحًا أن تلك المادة أسندت تسوية المنازعات القضائية لهيئة قضايا الدولة وحدها دون غيرها. وشدد على أن مجلس إدارة النادى لن يقف مكتوف الأيدى تجاه هذا التعدى والتجاوز فى حق الهيئة الذى يصر وزير العدل على ارتكابه. وناشد "طه" وزير العدل بالكف عن التدخل فى اختصاصات الهيئة، كما ناشد مجلس الشورى ولجنته التشريعية بعدم الموافقة على قانونى الوساطة وفض المنازعات؛ لأنه يحكم عليهما بعدم الدستورية؛ لأنهما اختصاص أصيل لهيئة قضايا الدولة بنص الدستور وقانون الهيئة . وأكد المستشار أمين عبد الرحيم، عضو مجلس إدارة نادى القضاة، أنه تم توجيه خطابات رسمية لرئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس الشورى، للاعتراض على قانون الوساطة؛ لأنه يسلب اختصاصات الهيئة، ويمثل انقضاضًا غير دستورى على مهام عملها . وقال "عبد الرحيم": "تم تشكيل لجنة من كبار مستشارى الهيئة لبحث ودراسة قانون الوساطة، وإذا تبين تعديه على اختصاصات هيئة قضايا الدولة، فإنها تعتزم رفع دعوى دستورية بعدم دستورية القانون". وأشار إلى أن الدستور حدد اختصاصات الهيئة بصفتها المسئولة عن الدفاع عن كافة سلطات ومصالح الدولة والمجتمع، وأسند إليها النيابة المدنية التى تختص بفض المنازعات والوساطة فى القضايا المدنية . وطالب "عبد الرحيم" جميع الجهات المسئولة بالتصدى لما وصفه بالعدوان الغاشم على اختصاصات الهيئة مطالبًا كل الأجهزة المعنية باحتواء الأزمة. يذكر أن نادى هيئة قضايا الدولة يعقد اجتماعًا طارئًا خلال الأسبوع الجارى للرد على قانون "الوساطة القضائية فى المنازعات التجارية والمدنية والاستثمارية.