أصدر المستشار جمال عبدالله، رئيس محكمة القاهرة الاقتصادية تعليمات مشددة إلى رؤساء الدوائر الجنائية والمدنية والأجهزة المعاونة بسرعة إجراءات الفحص وإعداد التقارير والفصل فى مثل هذه المنازعات التى تتخذها المحكمة مساندة لدور الحكومة فى حماية المستهلك للأسواق. وفى إطار جهود المحكمة لمساندة الحكومة فى عودة الانضباط إلى الأسواق التجارية ومواجهة ظاهرة الغش التجاري واحتكار السلع لزيادة أسعارها، كان هذا الحوار التى أجرته "بوابة الأهرام" مع المستشار جمال عبدالله رئيس محكمة القاهرة الاقتصادية. - ماذا عن هذه الإجراءات التي اتخذتها المحكمة فى هذا الصدد؟ نسبة الفصل فى مثل هذه القضايا بلغت أكثر من 95% نتيجة مجهودات القضاة، لكن التأخير يعود فى بعض الدعاوى إلى كثرة عدد القضايا التى تنظرها المحكمة والإجراءات المطولة التي يلجأ إليها بعض المحامين، مستغلين الضمانات التى يوفرها لهم قانون المرافعات والإجراءات التي كفلها للمتقاضين. كما أن الأسواق التجارية شهدت حالة من الارتباك والعشوائية بعد ثورة 25 يناىر بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية التي كان من آثارها ظاهرة الإعلانات المضللة لغش المستهلكين والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، والأمر لا يقف عند إصدار الأحكام بل متابعة تنفيذها من قبل الإدارات المختصة بذلك داخل المحكمة. - ما هي طبيعة عمل المحاكم الاقتصادية وعددها وأماكن تواجدها؟ المحاكم الاقتصادية أنشئت بموجب القانون 120 لسنة 2008، وبدأت عملها فى أكتوبر 2008 وعددها ثمانى محكمة فى القاهرة والإسكندرية وطنطا والمنصورة والاسماعيلية وبنى سوىف وأسيوط وقنا، ففى كل دائرة محكمةاستثنائية وفى القضاء العادي توجد محكمة اقتصادية وهى محاكم ليست استثنائية لكنها متخصصة فى الفصل فى النزاعات التى ترتبط ب 17 قانون حددها لها المشرع على رأسها القوانين المتعلقة بالتجارة الداخلية وتنظيمها مثل مكافحة الغش التجارى والاحتكار وتنظيم المنافسة بين التجار والنزاعات المرتبطة بالبنوك وعملائها وأسواق المال والملكية الفكرىة وعقود نقل التكنولوجيا. -وماذا عن لجان فض المنازعات لحل مشاكل المستثمرين؟ الحكومة لديها الرغبة القوية فى تنقية مناخ الاستثمار لجذب المستثمرىن لذا أنشأت لجنة لفض المنازعات فى هيئة الاستثمار، وهناك لجنة أخرى فى مجلس الوزراء يعرض عليها نزاعات بين المستثمرين والجهات الإدارية، فيما يعرض عليها من نزاعات لم توفق اللجنة الأولى فى حلها وهذه اللجنة يرأسها المستشار ناير عثمان وزير العدل، ومثل هذه اللجان قد نص على إنشائها قانون حوافز وضمانات الاستثمار، وفى حالة عدم وصول المستثمر إلى حل لمشكلته يلجأ إلى المحاكم الاقتصادية أو محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة "التحكم"، ولكن المستثمرين يفضلون اللجوء إلى التحكيم من خلال المراكز المتخصصة دوليا واقليميا. - وما هو رأيك في اللجوء إلى القضاء أو لجان فض المنازعات ؟ إجراءات التحكيم ينظمها قانون خاص به وهو مكلف ماديا، وأحكامه تسرى عليها ما يسرى على الأحكام القضائية، لكن هذه الاحكام التى تصدرها مراكز التحكيم يتم الطعن عليهاأمام محاكم الاستئناف فقط حتى تصبح نافذة بعد قبول الطعن أو رفضه أمام القضاء العادي، والمحاكم الاقتصادية تجمع بين المميزات التى تتميز بها مراكز التحكيم من حيث السرعة فى إصدار الأحكام ودقتها حتى تكون صائبة لضمان سرعة وصول الحقوق إلى أصحابها، وهو ما يبعث بالطمأنينة داخل نفوس المستثمرين قبل اتخاذ قراراتهم بالاستثمار فى السوق المصرية. - ولكن بالرغم من دور المحاكم الاقتصادية فى تبديد مخاوف المتقاضيين من المستثمرين عن العدالة البطيئة هناك أيضا تأخر فى الفصل فى بعض القضايا التى تنظر داخل هذه المحاكم .. ما تعليقكم؟ هناك بالفعل تأخر فى الفصل فى بعض النزاعات التى تكون متخمة بالمستندات، لأنها كانت تتداول لسنوات طويلة فى القضاء العادى، ثم أحيلت إلى المحاكم الاقتصادية للاختصاص بل ويصر المحامون فى مثل هذه الدعاوى على إعادة تكرار الإجراءات التى اتخذت امام القضاء العادى قبل غحالتها، مثل إعادة طرحها مرة أخرى على الخبراء من جديد، بل ويطالبون بإلغاء تقارير الخبراء التى سبق إعدادها، فتضطر المحكمة إلى الاستجابة لطلبات المحامين المقدمة إليها حتى لا يدعى المحامى بأن المحكمة قد تعسفت فى التعامل معه وتغاضت عن طلباته، فيلجأ إلى طلب ردها وبالمناسبة يجب سرعة حدوث تعديل تشريعى لتقنين هذا الحق الذى يستخدم للتسويف وإطالة أمد التقاضى. وهناك سبب ثانى طرحه رئيس المحكمة يعتبر من أسباب تأخر الفصل فى بعض القضايا، وهو أن هناك بعض القضايا المتخصصة جدا فى فروع المعاملات الاقتصادية الحديثة مثل التعامل فى أسواق المال وعقود نقل التكنولوجيا والملكية الفكرية، ومثل هذه التخصصات هناك نقصا ملحوظا فى أعداد الخبراء المتخصصين فيها، مما يترتب على ذلك تأخر أعداد التقارير عن هذه النزاعات لدى الخبراء. - النزاعات المتعلقة بقضايا نقل التكنولوجيا والتجارة الإليكترونية يكون لدى المتقاضين صعوبة فى العثور على أصحاب الخبرات الفنية من المحامين للمرافعة فى مثل هذه القضايا وتمثل عقبة أمام المستثمر، فماذا فعلت الدولة لتذليل مثل هذه العقبات؟ نعم هذا الأمر يمثل مشكله حتى أن بعض المحامين يقدمون مذكرات اجتهادية للمرافعة لأن هذا النوع من القضايا يفرض على هؤلاء المحامين أن يكون لديهم إلمام تام بالتشريعات المحلية والعالمية، وهو ما يفرض على المسئولين عن كليات الحقوق ضرورة مراجعة مناهج التعليم القانونى وتجسيد فكرة التخصصية فى الدراسة، وإدخال تشريعات فروع الاقتصاد المختلفة داخل هذه المناهج الخاصة. - ماذا عن اختيار القضاة وترشيحهم للعمل فى المحاكم الاقتصادية؟ اختيار القضاة العاملين فى تلك المحاكم يكون من خلال لجنة متخصصة فى وزارة العدل تسمى لجنة المحاكم المتخصصة، ويرأسها المستشار على حسنين مساعد وزير العدل، ومعيار الاختيار فيها يركز على الكفاءة والالتزام، حيث يتم ندب القاضى للعمل فيها لفترة 5 سنوات ونظرا لطبيعة العمل في المحاكم الاقتصادية. قبل أن يختتم رئيس المحكمة حديثه، أكد أن المحكمة تحرص على عقد دورات بصفة مستمرة للقضاة من أبناء الدولة العربية الشقيقة وإفريقيا وآسيا للتعرف على أساليب فض النزاعات بين المتقاضين فى المجالات الاقتصادية المختلفة وصولا إلى العدالة الناجزة فى فترات زمنية قصيرة تكون لها نتائج إيجابية على التعاملات الاقتصادية.. بل إن المحكمة قامت بتخصيص عدد من القضاه لمتابعة الفصل فى النزاعات التي تحدث عند التنفيذ وسرعة الرد عليها حتى تصبح الأحكام جاهزة لتنفيذها بسرعة ضمانا لوصول الحقوق لأصحابها ومنع التعمد فى إطالة أمد التقاضي.