فى ظل المرحلة الحالية التى تسودها الصراعات، والتنابز بالألقاب ومحاولات تشويه الآخر، وأعمال العنف والإرهاب التى ترتكب فى مختلف المحافظات، أكد علماء الدين ضرورة مراعاة مصلحة الوطن العليا، والالتزام بأخلاقيات المنافسة الشريفة فى الانتخابات الرئاسية، وأن تسود روح الاحترام بين جميع المرشحين للرئاسة. وطالبوا المرشحين بالتحلى بالعدل والإنصاف فى القول والفعل، والبعد عن العصبية والتحزب الممقوت، وعدم ترويج الشائعات والأباطيل، وتجنب الخوض فى الأعراض. وحذر علماء الدين من المبالغة فى الدعاية الانتخابية والإسراف فى المال، مؤكدين أن شراء أصوات الناخبين، ووضع الآيات أو الأحاديث كشعار للمرشح، واستخدام المنابر فى الدعاية، حرام شرعا. وأكد العلماء أن الأصل فى الذى يرشح نفسه للانتخابات أن يكون أمينًا فى نفسه صادقًا فى وعده، ولا يجوز له تقديم الوعود صعبة التطبيق أو ممارسة الخداع والكذب على الناخبين. وطالبوا الناخبين بالاجتهاد لاختيار الأصلح للقيام بهذه المهمة، دون النظر إلى حزب أو جماعة. وقبول ما تئول إليه نتائج هذه الانتخابات، وذلك لِما فيه من تغليب المصلحة العامة ووفاء بالعقود التى أمرنا الله بها فى قوله تعالي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. ويرى الدكتور سيف رجب قزامل، عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، أنه يجب على المرشحين للرئاسة أن يعرضوا برنامجهم بموضوعية وفقا لظروف مصر الحالية، ففى شتى الوزارات والمصالح الحكومية الكثير من المشكلات والصعوبات سواء فى المرافق والبنية الأساسية والتعليم والصحة والإسكان وغيرها، بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية والطائفية أيضا، ونحن بحاجة إلى حكيم فى عرض برنامجه وأن يكون أمينا وواقعيا وموضوعيا، فقد رأينا سيدنا يوسف عليه السلام لما فسر رؤية الملك، وعلم الملك أنه سيأتى سبع سنوات عجاف فكان لا بد من شد المئزر والاستعداد لهذه السنوات العجاف، ووجد الملك فى يوسف عليه السلام ضالته بعد أن علم براءته مما اتهم به وعلم ذكاءه وفطنته وحكمته وبوأه المكانة المناسبة التى تتوافق مع إمكاناته، ثم بحمد الله أنقذ مصر ومن حولها من الأزمة الاقتصادية الشديدة التى حاقت بالمنطقة، ويا حبذا لو عرض المرشح للرئاسة أعضاء القيادة معه من النواب وسائر من يتولى المهام، ومصر والحمد لله بها كفاءات سياسية وعلمية وفى شتى المجالات سواء فى النواحى الزراعية أو الصناعية أو البحثية أو غيرها. وتوضيح هذا البرنامج لجموع الناس فى شتى المحافظات ووسائل الإعلام المتنوعة وألا يهمس أو يلمز بمرشح آخر بل ينبغى أن يسود الاحترام بين الجميع ويترك الأمر لنا أبناء الشعب فى اختيار صاحب البرنامج الأكفأ والأحسن فليس هناك حجر على أحد وليست هناك وصاية على أحد فى اختيار من يصلح لرئاسة مصر . القوى الأمين وفى سياق متصل يقول الدكتور سعيد عامر، امين اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر، إن الإسلام وضع منزلة خاصة لمن يتولى القيادات العليا للدولة، ومن هذه قول الله عز وجل: «إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم»، فيؤخذ من هذه الآية القوة البدنية، والقوة العلمية، ومن قول الله عز وجل : « قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم»، ويشترط المؤهلات الأخلاقية، والمؤهلات العلمية، حفيظ وعليم، تلك المؤهلات التى تؤهله لقيادة الوطن والعبور به إلى مرحلة الأمن والأمان والغنى واليسار، فنريد حاكما يخاف من ربه، ويراعى شعبه، ويحافظ على حقوقه. ونريد من الشعب كذلك أن يقف بجوار حاكمه ويعينه على أداء مهمته حتى يكون هناك الاستقرار والأمن والأمان. وطالب العلماء المرشحين لهذا المنصب الرفيع بتقديم برامج صادقة، وعدم خداع الناخبين موضحين أن الوفاء بالوعود أمر مستحب حث عليه الإسلام فى مجتمع غاب عنه الوفاء بسبب سوء الأخلاق من البعض وأن الوفاء بالعهود من الأمانات التى ذكرها الله فى كتابه العزيز، فقال تعالي: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها). وفى ذلك يقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط، إنه يجب على المرشحين تحرى الصدق فى القول والفعل وأن يقدموا للناس برامج صادقة، وعدم خداع الناس بكلام معسول، يستحيل تطبيقه عملياً كما أنه إذا قدر الله لواحد منهم أن يتولى المسئولية فعليه أن يتقى الله فى هذا الشعب، وأن يعمل لمصلحة وأن يجنبه الفتن والمؤامرات التى تحاك بهذا الشعب الطيب، وأطالبه أيضا بحل مشكلات الشباب فهذا الأمر ليس قنبلة موقوتة ولكنه قنابل موقوتة، وطالب الذين يختارون أحد المرشحين بتولى منصب رئاسة الدولة أن يتقوا الله فى أصواتهم وأن يعلموا أنها أمانة وأنهم مسئولون عنها أمام الله تعالي، ويجب عليهم أن يذهبوا إلى صناديق الانتخابات ويضعوا أصواتهم لمن يرونه جديراً بهذا المنصب الرفيع. الوفاء بالوعود ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس الأستاذ بجامعة الأزهر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حض على الوفاء بالوعد وقال الرسول الكريم: (آية المنافق ثلاث منها إذا وعد أخلف)، وقال الرسول الكريم، أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ومن هذه الخصال إذا وعد أخلف، والوفاء بالوعود أمر مستحب فى مجتمع غاب عنه الوفاء بسبب سوء الأخلاق والفتن التى انتشرت فى الفترة الأخيرة من أجل مصلحة شخصية على حساب المصلحة العامة التى نحن الآن فى أشد الحاجة إليها ، وأجمع جمهور الفقهاء على أن الإخلاء بالوعود يبيح للموعود باختصامه أمام القضاء ومطالبته بالوفاء بالوعد وإجباره على ذلك ، من أجل ذلك سارت المعاملات فى البنوك والمصارف الإسلامية. وأكد إدريس أن الرسول الكريم اعتبر عدم الوفاء بالوعود كذباً، مدللا على ذلك بأن امرأة دعت ابنها فقالت له تعالَ أعطيك هدية، فقال الرسول الكريم إن لم تعطه فقد كذبت عليه وكل ذلك يدل على الوفاء بالوعود لأنه مطلوب شرعا. وأضاف: إن الناس تعودوا من المرشحين منذ أن ابتكر الترشح للمؤسسات المختلفة وعودا براقة من المرشحين يعقبها بعد ذلك نكران لكل ما قالوه مؤكداً أنه لم يشذ عن هذه القاعدة حتى وقتنا هذا أحد من المرشحين أو المسئولين. وطالب الجميع بأن يكونوا على قدر من المسئولية فى ظل هذه الظروف التى تمر بها البلاد وأن يبذل الجميع جهوداً مضاعفة من أجل إعلاء مصلحة الأمة والوطن وليس لمصالح شخصية، حتى نستطيع عبور هذا النفق الذى نعانى منه منذ أمد بعيد. وفى السياق ذاته، أكدت الدكتورة إلهام شاهين أن عدم الوفاء بالوعود يصم صاحبه بخلف الوعد، ويكون سبباً فى تراجع مكانة ومنزلة الشخص فى نفوس الناس وأفراد المجتمع، وطالبت كل من يترشح لمنصب أن يفى بوعده حتى ينال احترامه أمام الجميع وأن يبذل قصارى جهده فى تحقيق كل ما وعد به حتى لا يقع فى المعاصي. وأضافت: إن مصر فى أشد الحاجة للوفاء حتى نستطيع بناء وطن قومى متماسك قادر على التحدى ومنافسة الدول القوية، لأن الوفاء بالوعد من أخلاق الإسلام أوجبه الله سبحانه وتعالى فى قوله: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا). وأوضح الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الوفاء بالوعود أمر حثنا عليه الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم والإخلال به يعتبر نقضاً للعهد ويقع فى المحظورات التى نهى الله عنها ويجب على الجميع سواء كانوا مرشحين محتملين للرئاسة أو غير ذلك أن يفوا بالوعود على الوجه الأكمل لأنه بمخالفة العهد أو الاتفاق الذى قطعه على نفسه يكون خائناً للأمانة ويلقى جزاء شديداً من الله سبحانه وتعالي، ولذلك يجب على الإنسان ألا يعد بشيء لا يقدر على الوفاء به حتى لا يقع فى دائرة الإثم. وأعرب الدكتور صابر أحمد طه عميد كلية الدعوة الإسلامية بالأزهر، عن أمله فى ألا يطعن أحد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، فى أخلاق الآخر عملاً بما جاء فى السُنة النبوية أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش البذيء)، وما جاء فى صحيحى البخارى ومسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فإذا كان هذا المسلم العادى فكيف بمن سيكون رئيسا لجمهورية مصر العربية؟! والسب واللعن مرفوض، أما تعمد إخراج أسرار كل منهم للآخر، فإن الأسرار مادامت سراً فهى أمانة، والمسلم مأمور بحفظ الأمانات، لقوله تعالي: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها).