باتت قضية قرصنة الأفلام السينمائية من أهم القضايا التى تهدد صناعة السينما خاصة فى ظل الانفلات الأمنى والتوتر السياسى الذى يشهده المجتمع المصرى فى الوقت الراهن . وتتلخص القضية فى قيام قنوات فضائية مستحدثة بعرض الافلام السينمائية خاصة الجديدة منها بعد سرقتها من دور العرض وبدون الحصول على حقوق استغلالها من المنتج أو الموزع. ويؤثر ذلك على انصراف الجمهور عن الذهاب للافلام بدور العرض وكذلك امتناع القنوات الفضائية الكبرى عن شراء الافلام باعتبارها سلعة (محروقة) تم عرضها للجمهور من قبل. وقد تزايدت تلك القنوات الغريبة المسماة قنوات بير السلم منذ ثلاث سنوات. وهى ليست قنوات احترافية انما تعتمد على مكتب صغير وجهاز ديسك تعرض من خلاله الافلام المسروقة، ويكون مكسبها من خلال الاعلانات التجارية للشركات الصغيرة التى تتوجه للطبقة الشعبية وتسوق لمنتجات فى الاغلب غير حاصلة على تراخيص. والغريب أن اصحاب تلك القنوات تمت إدانتهم جنائيا فى قضايا أخري، حتى ان أحد ملاكها تم ادانته فى 107 احكام قضائية أغلبها نصب وشيكات بدون رصيد. ويعد تقاعس بعض اجهزة الدولة عن وقف بث تلك القنوات هو الجانب الأكبر فى المشكلة. وقد زاد طغيان تلك القنوات فى الفترة الأخيرة واستغلت حالة الفراغ الأمنى والانشغال بالشأن السياسى الذى أعقب الثورة، الأمر الذى ادى إلى تزايد الأزمة وزاد الانهيار لصناعة السينما. ورغم طرح موضوع القرصنة على لجنة الثمانية وزراء التى يرأسها رئيس الوزراء، إلا أن وزارة الداخلية لم تحرك ساكنا للقبض على اصحاب هذه تلك القنوات الصادر ضدهم أحكاما نهائية، ولم تتحرك وزارة الاستثمار لاغلاق تلك القنوات التى يبث بعضها من القمر الصناعى النايل سات. مما دفع المنتج حسين ماهر والموزع محمد حسن رمزى الى التصدى لتلك الظاهرة وتقديم بلاغات عاجلة للنائب العام وحث وزارة الداخلية على اداء دورها المنوط بها ، ايمانا منهما بأن قرصنة الأفلام السينمائية يعد جريمة لابد من التصدى لها ومعاقبة أصحاب تلك القنوات ضرورة حتمية. لأن الإنتاج السينمائى فى ظل وجود هذه المافيا التى تعرض الأفلام دون وجه حق يكلف منتجى السينما خسائر كبيرة تفقدهم الرغبة فى الإنتاج خوفا من الخسارة. وقال حسين ماهر: إننا نطلب من الدولة حمايتنا لاننا نريد تشجيع صناعة السينما والاستمرار فى الانتاج. وبناء على ذلك تحركت وزارة الداخلية وداهمت حملة أمنية من شرطة المصنفات الأمنية مجموعة من قنوات شركة «تايم» بناء على إذن النيابة العامة بعد تحرير عدة محاضر تتهم هذه الشركات بالاستيلاء على مجموعة من الأفلام المصرية وعرضها دون الرجوع إلى أصحاب الحقوق .. وفى الوقت نفسه كانت غرفة صناعة السينما قد أعلنت انه تم الاتفاق مع السلطات الأردنية على معاقبة أى قناة تقوم ببث الأفلام المصرية دون الحصول على شهادة رسمية من الغرفة وكذلك تم أخطار النائب العام المصرى بأسماء القنوات التى تقوم بقرصنة الأفلام، وأخطار نقطة الاتصال للقبض على أصحابها. وهناك خطاب تم توجيهه الى الملحق التجارى المصرى فى البحرين والأردن لمتابعة موقف شركة «نور سات» التى تمنح الترددات لكافة القنوات المتهمة بالقرصنة. وقد سافر منذ ايام محمد حسن رمزى نائب رئيس غرفة صناعة السينما الى باريس لمقابلة مسئولى القمر الاوروبى يوتيلسات وهو الذى يمنح اشارة البث لقمر نور سات، لكى يمنع بدوره تلك القنوات من المنبع. وتم التواصل مع وزارة الخارجية المصرية لكى تخطر القمر الاوروبى يوتيلسات بضرورة تطبيق القانون وعدم عرض افلاما مسروقة خاصة ان مصر قد وقعت على اتفاقيات الملكية الفكرية العالمية مثل الوايبو. وأشار د. احمد عواض رئيس الرقابة على المصنفات الفنية بانه سيقوم باخطار شرطة المصنفات بالقبض على من يعرض تلك الأفلام بدون امتلاك حقوقها او بدون الحصول على تراخيص. ورغم ان بعض اصحاب القنوات المخالفة قد سارعوا الى وضع اعتذار للسينما المصرية مكتوب على شاشاتهم وانهم سيقومون بتقنين اوضاعهم القانونية، وبعضهم طلب مهلة، الا ان القانون لابد ان يطبق عليهم ولابد أن تتحرك وزارة الداخلية لأداء دورها بدلا من ان تترك هؤلاء القراصنة واللصوص يدمرون الذوق العام والصحة بعرض منتجات مغشوشة ويدمرون صناعة السينما التى نحتاجها معنويا واقتصاديا بقوة فى هذه المرحلة.