هل عاد الأمن حقا كما كان قبل25 يناير2011 ؟ لا اعتقد, فالأمن ظهر في إشارات المرور, المحاضر العادية في الأقسام وفي حراسة بعض المواقع وليس كلها. الأمن هو أهم منظومة للحماية الداخلية, سواء للمنشآت أو المواطن, أو الطرق, أو غيرها.. فهل شعر المواطن المصري بعودته فعلا كما كان؟ أم مازلنا جميعا في مرحلة الأمل والأمنيات؟! أقول قولي هذا بعدما شاهدت عددا من البلطجية يستولون علي الأراضي المملوكة للوقف الخيري سواء في القاهرة أو الجيزة أو حتي بقية المحافظات. لقد تعدي البلطجية ممن لا يملكون بالطبع أي مستندات أو أوراقا تفيد أحقيتهم في الأرض التي وضعوا أيديهم عليها, تعدوا علي مساحات هائلة من أرض الوقف, وكأنهم اتفقوا جميعا علي ذلك, والأغرب هو موقف أقسام الشرطة ومديري الأمن والمسئولين. والأكثر غرابة هو موقف السادة المحافظين الذين وقفوا يتفرجون علي ما يحدث مؤكدين أن من لديه مالا أو أرضا أو عقارا فليحرسه بطريقته وبالأسلوب الذي يفضلونه. البلطجية الجدد هم المستأجرون لأراضي الأوقاف الذين انتهت فترة الايجار بالنسبة لهم, وقامت هيئة الأوقاف بإعداد مشروعات تنموية وسكنية متكاملة عليها, توفر فرص عمل للشباب, وتطور المنطقةالواقع بها الأرض, والأهم هو الحفاظ علي مال الوقف الخيري الذي سيحاسب الله تعالي كلا من فرط فيه, وكانت لديه الفرصة ليحميه ولكن لم يبذل المجهود. البلطجية الجدد لم يجدوا من يحاسبهم لا السادة المحافظين ولا مديري الأمن ولا أي مسئول فتمادوا في مطالبهم حتي وصل مقابل تركهم أرض الوقف إلي مليون جنيه لكل مغتصب أو معتد, وبالقطع لن تستطيع هيئة الأوقاف دفع هذه المبالغ, ولا حتي الشركات المنفذة للمشروعات السكنية أو التنموية الكبري, لأن ذلك سيكون مبدأ خطيرا يشجع علي الفساد ويقوي دور البلطجة ويعفي السادة المسئولين من القيام بدورهم. أفهم أن يقوم أعضاء مجلس الشعب الجدد بدورهم في حماية المال العام, بل والمال الخاص, وأن يساعدوا الأجهزة المعنية في القيام بواجبها لرد الحقوق إلي أصحابها, ولكن الذي لا أفهمه أن يقوم بعض المسئولين الحاليين والسابقين بعكس ذلك, بل وتشجيع البلطجية علي عدم ترك الأرض إلا مقابل تعويض يستفيد منه الواسطة والمعتدي. وأقول لهؤلاء وهؤلاء: لقد خسرتم كثيرا بتشجيع الاعتداء علي مال الوقف, وبخلاف حساب الله تعالي لكم في الآخرة, فستدفعون الثمن غاليا في الدنيا. فمال الوقف الخيري إذا تم الاعتداء عليه حرام.. حرام. وأقول للمسئولين وفي مقدمتهم المحافظ ومدير الأمن بل ووزير التنمية المحلية وغيرهم اتقوا الله في أرض الوقف الخيري, فهي تخدم الدعوة الإسلامية إلي يوم القيامة, وأذكرهم بالقاعدة الفقهية المؤكدة إن نص الواقف كنص الشارع, بما يعني أن في رقبتهم جميعا مسئولية حتمية سيحاسبون عليها, وهي أن هناك واقفا أوقف أرضه أو عقاره أو أمواله لله تعالي بشروط معينة إلي يوم القيامة, فهل حافظتم علي هذه الوصية التي في رقبتكم؟! وماذا ستقولون أمام الله تعالي في تخاذلكم الواضح تجاه إزالة الاشغالات من علي أرض الوقف الخيري, وابعاد المعتدين والبلطجية من عليها, خصوصا أن الأوقاف تقدمت بعشرات البلاغات لكم ولكن دون جدوي؟ كذلك فالأوقاف سواء الوزارة أو هيئتها المختصة بإدارة مال الوقف مطالبة بإعداد مشروع قانون لإنشاء شرطة خاصة بحماية مالك الوقف ومنشآته, وعلي الوزير الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي تبني هذا المشروع من خلال مجلس الوزراء, ومجلس الشعب الجديد الذي يقدر معظم أعضائه قيمة الوقف بأنواعه.. بعد ذلك تنتقل المسئولية إلي الأوقاف بعيدا عن عبث المحليات والمحافظين, وقد لا يعلم الكثيرون أن هناك وقفا واحدا فقط يمتلك أكثر من280 ألف فدان ممتد في محافظات ثلاث!.