ستظل هيئة الأوقاف المصرية تشغل بال المسلمين وغيرهم, فالهدف من انشائها كان حماية وتشغيل وإدارة واستثمار أموال الوقف الخيري لتحقق أكبر عائد ينفق منه علي الدعوة الإسلامية والمساجد, والأهم هو تعظيم هذا الوقف وزيادته حتي لا يستهلك فتحرم منه الأجيال القادمة.فهل تحقق هذا الهدف؟! حقيقة الأمر لم يتحقق إلا بنسبة ضئيلة, ولولا المخلصون من القائمين عليها وقلة من العاملين لما تحققت هذه النسبة أصلا. المفروض أن هيئة الأوقاف المصرية في الأصل هيئة استثمارية تعرف أصول السوق فتسارع في تنمية أموالها بالمشاريع التي تحتاجها السوق, وتبتعد في ذات الوقت عن المشاريع التقليدية التي لا تحقق الغرض, فهي ليست مؤسسة خيرية تدفع الزكاة للمحتاجين أو تقرضهم بدون عائد. وقد أحسنت صنعا حين استثمرت مصنع سجاد دمنهور, وأدخلت عليه التحسينات ليصبح انتاجه مميزا بل وعالميا, فتقرض من إنتاجه المساجد التابعة للأوقاف وغيرها, ويباع الناتج الزائد للمواطنين بأسعار معقولة, وإن كان أسلوب ومنهج التسويق لا يرقي إلي الغرض من شراء المصنع وملحقاته, إلا أن ما لا يدرك كله.. لا يترك كله. أيضا يعد من أفضل القرارات التي اتخذتها الهيئة مؤخرا هو شراء شركة المحمودية العامة للمقاولات بنسبة استحواذ تزيد علي95% لتحل محل الإجراءات العقيمة التي تتبع حاليا في إقامة مشروعات اسكانية أو تجارية أو حتي سياحية, فالأوقاف تنتهي من أي مشروع في وقت يقيم فيه القطاع الخاص مشروعات مماثلة في أقل من ثلث المدة وبالتالي يوفر شراء المحمودية التعامل مع المقاولين خاصة الباطن منهم, واستخراج التراخيص في فترة مثالية بدلا مما هو الان ثم إن عائد البيع سيئول إلي هيئة الأوقاف ويصب في مصلحة تنمية مال الوقف في كل الأحوال. يتبقي في نهاية الأمر نقطتان أعتقد بحكم خبرتي في القطاع الديني أنهما غاية في الأهمية وهما: ضرورة أن يبتعد المحافظون عن مال الوقف خصوصا أن بعضهم لا يخشي الله في الوقف الخيري, ويدخلون في عداوة مع ناظر الوقف, بل يجدون أن الاستغلال السييء للوقف سواء كان أرضا أو عقارا إنما هو من الأمور المستحبة, ويعتقدون أنه مال بلا صاحب يستحسن استغلاله في أي شيء, وكان من نتيجة ذلك تشجيع عدد من معدومي الضمير لاستغلال الوقف الخيري بعيدا عن الأوقاف. النقطة الثانية تستدعي من اللواء ماجد غالب ومعاونيه الإسراع قدر الإمكان بالعمل علي تغيير قانون هيئة الأوقاف لتتحول بالفعل وليس بالقول إلي هيئة استثمارية فاعلة, علاقتها بوزير الأوقاف شكلية, تقدم له تقريرا كل ستة شهور أو سنة عن نشاطها ومشروعاتها والعائد المنتظر منها, وليس لأخذ رأيه واعتماد محاضر جلساتها.. فالوزير أي وزير ليست له الدراية العملية بالمقاولات والمصانع والأسهم والمشروعات إلا إذا كان في الأصل صاحب أنشطة استثمارية وليس مؤهلا للدعوة الإسلامية وما يعترضها من مخاطر وما ينبغي عمله لمواجهة التيارات الوافدة علي المجتمع والمتشددة وغيرها. لا داعي لإضاعة وقت وزير الأوقاف فأعباؤه تتطلب المدد والعون من الله تعالي, ولا ينقصها اعتماد محضر جلسة أو مناقشة مشروع اقتصادي, بل ليتحمل مجلس إدارة هيئة الأوقاف في ثوبه الجديد المسئولية كاملة لتنمية مال الوقف واستثماره, وليعود الفائض إلي العاملين في المجال الديني الذين هم أولي وأحق بهذه الفوائض حال تحقيقها. وأقول لمسئولي الأوقاف المصرية.. إن البلد تحتاج مشروعات عديدة في كل مجالات الحياة.. تحتاج الزراعة, والصناعة, والصناعات الحرفية, والصناعات متناهية الصغر والصغيرة.. تحتاج مشروعات للفقراء مثل الأغنياء, يحتاج تشغيل الشباب.. الخلاصة, أن الدولة يحتاج شجاعة في اتخاذ القرار, وسرعة في الإنجاز, وحسن إدارة مال الوقف, وابتعاد المحافظين ومعدومي الذمة والضمير عن الوقف, والوزير عن التدخل فيما ليس من خبراته, حتي تأتي ساعة الحساب.. إن أحسن من يدير المال شكرناه وهتفنا له وشجعناه, وإن أخفق يحال للتحقيق ويأخذ جزاءه علي ما تسبب فيه. علي بركة الله ابدأوا فورا تغيير قانون الهيئة, وسارعوا إلي مشروعات تحقق أعلي عائد لصالح أموال المسلمين. أقول قولي هذا واستغفر الله. المزيد من أعمدة سعيد حلوي