لاشك أن الكتب المترجمة تعد رافدًا لأنهر عديدة متجددة من ثقافة وفكر، وتتجلى أهميتها فى الكشف عن الآخر بكل ثرائه المعرفي، وما وصل إليه من خلال ما تصدره المطابع، وكم من كتب وأعمال أدبية تركت آثارها على أجيال من القراء فأينعت سماحة وفهماً وأتاحت سماوات أرحب للتحليق. بشير مفتي، روائى وصاحب دار نشر جزائرية: فى الجزائر، هناك إقبالاً على الكتب المترجمة، ربما لأن ما هو "مترجم" يظل فى ذهن القارئ العربى أكثر جودة وعمق وفائدة، ولا يعنى أن ذلك يكون على حساب الكتب المؤلفة بالعربية. وتلقى الكتب المترجمة ذات الطبيعة الفكرية والنقدية رواجًا لدى القارئ المتخصص، وكذلك الكتاب الذى يندرج تحت إطار الثقافة العامة أو رواية عالمية، مثل: رواية "النجمة الذهبية" للكاتب الفرنسى "لوكليزيو". كما أن هناك إقبالاً غير مسبوق على الروايات الجزائرية المترجمة إلى اللغة العربية عن الفرنسية، مثل رواية "نجمة" لكاتب ياسين المترجمة للعربية، وأيضًا روايات مالك حداد، ورواياتى "الممنوعة" و"أدين بكل شئ للنسيان" لمليكة مقدم. أحمد الزيادي، خبير النشر ومدير سابق لإحدى دور النشر بالقاهرة: يحتفى قارئ القاهرة بالكتب المترجمة فى مجال التنمية البشرية المهتمة بالتعليم واكتساب المهارات كالطهى وبعض الحرف اليدوية، بينما تأتى الروايات المترجمة فى ترتيب لاحق؛ ربما لأن متابعى الأدب الأجنبى يفضلون قراءته فى لغته الأصلية، فيما تتجه شريحة أعلى ثقافيًا إلى كتب الدراسات التاريخية والسياسية المتخصصة، وهى باهظة الثمن مقارنة بمثيلتها التى تكتب باللغة العربية مباشرة، حيث يضاف إلى حقوق طباعتها من الناشر الأصلى –إن وجد-، أجر المترجم ومصاريف الطباعة، وبالتالى لا يقبل عليها إلا الشرائح الأعلى ماديًا وثقافياً. د.مصطفى عبد الغني، كاتب وناقد مصري: يُلاحظ احتياجنا لإستراتيجية علمية واعية عند الترجمة، كما نحتاج للوعى الفردى لاختيار الكتب المهمة لترجمتها إلى مجتمع سادت فيه أمية ثقافية فاسدة يحتكرها أبناء النخبة المغيبة أو المتغيبة عن ضرورة الترجمة بوعى دون فقد الاهتمام بما يقدم وليس النقل الحرفى لآليات المشروع الغربي. لقد كشف اهتمام الجيل الحالى بالواقع الافتراضى عن عدم اهتمام شبابنا بما يتم ترجمته على قلته، وتفضيله قراءة شبيهات روايات شفرة دافنشى للأمريكى دان براون وسلسلة هارى بوتر للبريطانية ج. ك. رولينج، وتولكيين وتوايلايت للأمريكية ستيفانى ماير، وغيرهم، وهو ما يحدد الإطار الاستهلاكى للترجمة، ويكشف المصير الذى ينتظرها. عائشة الكعبي، قصاصة ومترجمة وصاحبة دار اقرأنى الإماراتية: الكتب المترجمة هى الورقة الرابحة لأى ناشر وهناك بالطبع إقبال عليها، ولكنها ليست صرعة حالياً فى سوق الكتاب الإماراتي. وتحل الكتب المترجمة فى المركز الثانى بعد الروايات الإماراتية والخليجية، وإن كان أغلبها من جنس الرواية، التى تحقق أعلى المبيعات مقارنة بالقصة القصيرة المترجمة، التى حرصت دارنا على تقديم نصوص غير مطروقة منها من الدنمارك وبولندا، إلا أن مكتبة بابل وهى مختارات من القصص العالمية تعد الأكثر مبيعاً فى قوائمنا. محمد البعلي، صحفى وصاحب دار صفصافة للنشر المصرية: فى مصر، هناك تنافس ونشاط ترجمة ملحوظ بين دور النشر الكبيرة أو المتوسطة، سواء من اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية أو من اللغات الأقل انتشاراً مثل التشيكية والسلوفاكية واليابانية، ولكن لا يمكن وصفها بالحركة الواسعة بعد، لأنها تتم بشكل غير منظم أو محكوم بإطار واضح أو منهجية، وإنما تعتمد على جهود لعدد محدود من الناشرين أو مترجمين بعينهم. وتجدر الإشارة إلى الدور الذى تلعبه المراكز الثقافية الأجنبية (سواء فى القاهرة أو غيرها) فى تشجيع الترجمة، وعلى رأسها مركز جوتة الذى يقوم بتدريب المترجمين واختيار الكتب الصالحة للترجمة. من ناحية أخرى، أرى أن أكبر النجاحات محجوز للروايات المترجمة، ولكن لا توجد إحصائيات رسمية للنسخ المباعة، نظراً لعدم وجود مؤسسة متخصصة فى متابعة أرقام سوق الكتاب فى العالم العربى إجمالاً، فضلاً عن انتشار ظاهرة القرصنة وعدم ردع القائمين عليها. رشا الأمير، روائية وصاحبة دار نشر اللبنانية: الحروب الأهلية وغير الأهلية المحيقة بنا منذ عقود لهى الدليل الساطع على فشلنا فى تعميم ما تحمله الكتب من قيم. سوق الكتاب فى العالم العربى سوق وهمى قائم على كتب التحريض المذهبي. كتبنا الأحسن مبيعًا وجدت وهي: فى الشعر الجاهلى فى طبعته الأصلية، وأين الخطأ للشيخ عبدالله العلايلى والإنقلاب على الطائف لألبير منصور وطشّارى وغيرها.