مبروك.. سميت «النونو» أيه. «تا تا خطى العتبة.. تاتا حبة حبة»... عايز «أمبو».. «هم النم».. من منا لم تسمع أذنه هذه الكلمات وتربى عليها... وسمعها لأولاده وشعر إنها قريبة منه.. وعندما يفكر فى معناها رغم فهمه لها لا يعرفها.. ولا يجد لها أصلا فى لغة أخرى يجيدها سواء كانت الانجليزية أو الفرنسية أو الالمانية ولا حتى لغتنا العربية سواء الفصحى أو العامية لأنها ببساطة لغة هيروغليفية فهى كلمات فرعونية قديمة تعلمها الأم المصرية لابنها دون معرفة، وبالرغم من ذلك فإنها كلمات تتوارثها الأجيال.. هذه المفاجأة فجرها العلماء المتخصصون فى دراسة اللغات المصرية القديمة مثل الهيروغليفية والقبطية فلكل تعبير أو كلمة معنى يقول الباحث الآثرى الاقصرى الطيب حسن عبد الله إن أى كلمة دارجة فى حياتنا اليومية أصلها محفور فى جدران معابد الأقصر، والأم المصرية تعلم ابنها هذه العبارات الفرعونية دون أن تدرك. ويضيف د.عبد الحليم نور الدين فى كتاب اللغة المصرية القديمة أن كلمة «نونو» تعنى الوليد الصغير، وكذلك كلمة (تا تا) التى لا يوجد أم مصرية لم تقلها لطفلها وهو يتعلم المشى حتى أن هناك بعض الأغنيات تناولت هذه الكلمات فغنت عفاف راضى «تاتا خطى العتبة تاتا حبة حبة» لتحثه على المشى خطوة بخطوة حينما يحبو و»حبة حبة» بمعنى «شوية شوية»، وغنت أيضا «هم انم ياروحى يالله جيبالك «مم» وكلمة «مم» أصلها هيروغليفي «آونم» والقبطى «موم» بمعنى طعام، وإذا انتهى الطعام وأراد الطفل زيادة تقول له الأم «بح» بمعنى انتهى أو خلص. أيضا كلمة «ننه» التى تقال للطفل معناها بالهيروغليفى «نام» ، وكلمة «امبو» التى تقال إذا عطش أصلها كلمة قبطية «آميمو» ومعناها اشرب. وهناك كلمات أخرى تقال لا يدرك الإنسان معناها ولكن يستخدمها كما يقول د. جمال عبد الرزاق فى كتابه النصوص الملكية فى المقابر الفرعونية مثل كلمة «بخ» التى يقولها الطفل لزميله فى أثناء اللعب فجأة ليخيفه وأصل الكلمة قبطى هو «بيخ» بمعنى عفريت أو شيطان، وللأسف تستخدم الأمهات كلمة «بعبع (هاجيب لك البعبع)» التى تقولها لتدخل الخوف والفزع فى قلب طفلها وهى كلمة أصلها قبطى «بوبو» وهو اسم عفريت وصورته مخيفة جدا، فحتى سوء أساليب التربية عندنا وراثة من جدودنا الفراعنة، وكلمة «كخ» التى تقال للطفل إذا فعل شيئا كريها أصلها هيروغليفى بمعنى قذارة. ونأتى لكلمة «واوا» التى يقولها الطفل عندما يشعر بألم فتقوم الأم بإعطاء قبلة لل «واواة» حتى تشفى وحتى ال»واوا» غنت لها هيفاء وهبى «بوس ال واوا» وهى كلمة هيروغليفية بمعنى ألم أو وجع أو ورم». الخلاصة أن اللغة المصرية القديمة لم تندثر، بل إنها باقية إلى يومنا هذا، فمئات الجمل والألفاظ لا تزال مستعملة فكلماتنا العامية أصلها فرعونى وبنفس النطق رغم أختلاف الحروف وذلك لأنها كلمات معبرة عن حياتنا المصرية الفرعونية.