قال النبي: قوم يا بلال يزين قوم يابو بكر قيم الصلاية مربع كامل متكامل، فهو حين امتدح النبي ذهبت الآلام المبرحة التي كانت «تصُلّ» في عظامه، أما باقي المربع فهو لعبة القوافي، النبي الزين، ويابلال أذن، وقم يا أبا بكر أقم الصلاية والفرق بين «صلاية» العذاب في الشطر الثاني «وصلاية» الشطر الرابع هو الفرق بين العذاب والرحمة: صليل العذاب وصلاة أبي بكر. أول كلامي باذكر حي موجود إله.. ع الخلْق راضي رفع السما من غير عامود وبفضله بسط الأراضي وهو يشبه كثيرا مربعات سيدي «عبد الرحمن المجذوب» في الإشادة بفضل الله وقدراته ومدح الرسول الكريم مما أوردناه من رباعياته أو لم نورده. صلاة النبي بتزيدني شوق وتمنع البلا والمراضي لُّله الإله اندفن فوق قال امتي فى الأراضي وهو من أعذب ما قيل فى مدح الرسول، والمعني أنه كلما «مدح» فى الرسول وصلي عليه ازداد شوقا له، وأن هذه الصلاة على الرسول الكريم هى أصل شفائه وهي التي تمنع عنه البلاء والأمراض. انظر الي هذا الجمع الفريد لكلمة المرض (المَراضي) ثم هل حدث ان عرض الله علي نبيه أن يدفن فى السماء فأجاب انه سوف يدفن مع أمته فى الأرض؟ الأراضي أم أن عباد الله دائما لهم طرقهم الفريدة فى فهم الدين وتفسيره؟ صلاة النبي تغني عن القوت وتمنع البلا والمراضي يستاهل علقته بالسوط اللي معاه كفو الزيارة ماراضي انها نفس لعبة المجذوب اللعب على نفس الرباعي بإضافات جديدة، وهو هنا يفضل الصلاة على النبي عن القوت الذي لا غني عنه لاستمرار الحياة أو أن صلاته علي النبي تشبعه وتقويه وتجعله غير راغب فى القوت، أو أن لاحاجة له به. ثم إنه يري أن من يملك مالا لزيارة الرسول ولا يحج اليه يستحق الجلد بالسوط وهذا أهون كثيرا من عقاب «المجدوب» للثرثار الذي يهلك روحه بسبب ثرثرته: كل دواي مسوس يجيب الهليكة لراسُه ويستاهل ضربه بالموس حتي يبانوا أضراسُه فإن كل من يدوي بالمهاترة عمال علي بطال فإنه معرض لأن يوقع نفسه فى الهلاك وهو إذا ضٌرب بسكين فى وجهه حتي تظهر أضراسه فإنه يستحق ذلك لا شك. ولنعد الي المربعات الصعيدية مرة أخري: لولا النبي... لاكون ولا نار ولا اسلام صلت وصامت ولا كان فيه ليل ولا نهار ولا جمال في الجو هامت كل المعاني واضحة، أما الشطر الأخير فمعناه انه لولا النبي محمد لما هامت الجمال مسرعة بالحجاج نحو الشرق حبا في رسول الله. حلو النبي وحلو رقابيه يا ما هوه بدر البدوره من يوم جبرائيل رقي بيه من سابع سما فج نوره وفي البيت الأول ان النبي كان جميلا ورقبته مميزة ورائعة وأنه بدر البدور، وان جبرائيل يوم ارتقي به «رحلة الإسراء والمعراج» من السماء السابعة اندلع نور الرسول الكريم، وطبعا نحن هنا لا ندقق، فالمحبة تبيح المبالغات فما بالكم وأن الحب والقول فى الرسول الذي سوف يتشفع لهم يوم القيامة.. أصلي للي خلق الناس خلق مسلمين ونصاري وناس نامت على فرش وكناس وناس ع المعايش حياري والمعني أننا خلقنا مختلفين، هكذا خلقنا الله، لكل فئة دينها فمنا من هم مسلمون ومنا مسيحيون، ومنا من لديه فراش وبيت مكنوس ومنا من يتعذب ويكابد في معركة «المعايش»، يقاتلون الحياة ويتحايلون عليها، وهم محتارون بحثا عن لقمة مستحيلة. لديهم الكثير من هذه المربعات الدينية وبالذات منشدو السير والمداحون، فهم يبدأون دائما بهذه المربعات الدينية ليستمع الناس وتمتلئ قلوبهم ب «الاعتبار» وروحهم بالخشوع ليطلقوا بعد ذلك مربعاتهم الدنيوية التي تحتاج آذانا صاغية وقدرة علي فك مغاليق القوافي لاقتناص المعاني الكامنة في قلب القشرة القوية للثمرة: طبيب الجرايح قوم الحق وهات لي الدوا اللي يوافق فيه ناس كتير بتعرف الحق ولاجل الضرورة.. توافق والطبيب عندهم في معظم الأحيان هو الزمان أو الدنيا أو النصيب الذي يعطي كل إنسان علي قدر موقعه الطبقي في مجتمعه. لاحظ إحكام القوافي فهو هنا ينادي علي الطبيب الذي هو الزمان الذي ينكأ الجراح أو يداويها، ويحثه علي الاسراع (الحق) أي (إلحق) بي قبل أن أموت وهات لي دواء يتفق وجرحي من الزمن، إذ إن هنا الكثيرين الذين يعرفون (الحق) ولكنهم يهزون رءوسهم ليوافقوا علي ما يقول أهل السطوة أمام ضرورات الحياة ومأزق الحاجة. فرطت قلعي ماجانيش ريح وعاودت ع البر ناوي ياما ناس زينا مجاريح لكن صابرة ع البلاوي والمعني أنني سيئ الحظ، أخرج للرزق فلا تواتيني الريح فأرجع أجرجر خطي الخيبة واليأس، ولكن ما يعزيني هو أنني لست وحيدا في هذا الأمر، وإنما نحن أقوام من المجاريح لاترانا لأننا لانئن ولانصيح وإنما نحن دائما صابرون علي ما ابتلانا الله به. وكنت فين يازمان رابط لي وفي خيار عزمي تاجيلي وسط القبايل بتطلي وكاسر خاطري وسط جيلي أين كنت مختبئا أيها الزمان وأنت كامن متربص بي؟ وكيف فاجأتني ضربتك في أفضل مناطق قوتي؟ أراك واقفا وسط القبائل تغير ألوان البشر لتدهن الفقير بالغني والمنحط بلون الأصالة كذبا، وأنا الوحيد الذي تركتني مكسور الخاطر بين كل أبناء جيلي؟ سكت الهوا والناموس طار والسبع قصر يمينه السبع قال النوم أستار لما الهلف ياخد يومينه من المعروف أنه حين لايكون نسيم في الجو، حين يسكت الهواء فإن الناموس والهاموش يطير ليؤدي الناس ويمرضهم ويعمي العيون، أما إذا كان الجو صافيا والهواء راقصا فإنك لن تجد مثل تلك الحشرات التي لا فائدة لها سوي الإيذاء. نحن في زمن سكت هواؤه فطار ناموس ليسيطر علي الأجواء ويضيق الحياة علي البشر. وفي زمن الناموس والهاموش يقصر يمين السبع ويعجز عن أداء عمله القوي العظيم. لذلك فإنه أي السبع يقول أن النوم في هذه الحالة أكثر سترة إلي أن يأخذ «الهلف» أي الرجل التافة الذى شاءت الأقدار أن يحكمنا .. «يومينه» أي فترة اختلال الأوضاع هذه. أي يطأطيء رأسه للريح الخبيثة التي تعمي العيون حتي تمر. الزمن زمن الأنذال، ولكن لن تدوم لهم الأحوال!! شوف الزمان انتهت عدليه وادي البطل ع الحق راكب جه السبع يطلب عدليه لقى الهلف ع التخت راكب إنقلب الزمن وفقد اعتداله، وانظر سوف تري الباطل ممتطيا ظهر الحق، لقد جاء السيد المهاب يطلب (عاده ليه) أى يقضي أموره المعتادة ليقيم العدل بين الناس ليجد التافه قد ركب عرش الأصلاء. دنيا علينا... تربت وانظر بعينك راعيها شوف العنز لما تربت مانطحت الا راعيها وكل المربعات متماسكة كما تري وتعرف ما تريد أن تقول دون اللجوء إلي أي تلفيق أو قص ولصق، أنظر الي القوافي وعمق معانيها فهي تشكل في صعيد مصر لعبة فنية في حد ذاتها، فالكل يعرف ماسوف تقوله المربع، يقولونه صباحا ومساء، ولكن في لعبة القوافي يتميز الفن عن الكلام العادي ليصبح النثر شعرا. فهل يتخيل أحد أن (دنيا علينا تربت) تعني أن وكأن للدنيا علينا «تار بايت» كأنها تضمر ثأرا لنا؟، وانظر بعينيك وحاول أن تري الشواهد فالفترة التي كانت صغيرة ورعاها راعيها واعتني بأكلها وتقويتها، حين أحست أنها كبرت وصارت قوية لم تجد من «تنطحه» بقرونها وتؤذيه إلا راعيها الذي أضاع وقتا من عمره في رعايتها. إن كنت متقمش ير يدوك تتحب علي كتر مالك...... وإن اتضعضع الحال يكرهوك علي أقرب ماليك يمسخ سؤالك وفي رواية أخري (إن كنت متحين) أي إذا كان جيبك متقلا بالمال، وإذا كنت متقمشا تلبس أفخر الثياب يلتفون من حولك يخدمونك ويسهرون علي راحتك ويحبونك بسبب ثرائك ومالك، أما إذا انحدر بك الحال ورأوك فقيرا مثلهم، فإنهم ينفضون من حولك ويكرهونك ولا يطيقون منك كلمة أو سؤالا، وكل قولك الذي كان جميلا ومفرحا لهم من قبل، يصبح ثقيلا وماسخا ولايحتمل. تاريها الدراهم بتنفع بتجيب مال ويا غنيمة الصاحب اللي ما ينفع البعد عنه غنيمة أو تاريها الدراهم.. بتنفع بتمشي في البحر مسالِك.. إللي بلا الدراهم ما ينفع كلامه وسط الرجال ما.. سالك ولقد أوردنا هذين النصين قبلا في مقارنة مع بعض رباعيات المجذوب ياقلبي اوعي تعاشر الدون ولاتكلمه بلاشْتِراحة تكلمه الكلام.. موزون يجدد معاك القباحة يا قلبي لاتفتح أبوابك ولاتعاشر قليل الأصل ولا تطمئن اليه، لأنك كلما حاولت أن تتعامل معه بانشراح وصدق جدد معك الوقائع القديمة وقلب لحظات الفرح إلي غم وكدر!! ماتكون يازمان عادلي وتيجي الليالي عديلة لاضحك وأكيد عودلي وأقول : «زغرتي ياعديلة». لو انقلبت أيها الزمان عادلا ومعتدلا معي، ولو أنت لياليك مستقيمة معدولة لا تنغيص فيها ولا مباغتات سوداء، سأضحك ساعتها من القلب وأغيظ من شمتوا فى أحوالي ومن يضمرون لي الكراهية وأقول لزوجتي (عديلة) زغردي يا امرأة فقد نصرنا الله علي من يحقد علينا. يا طبيب خد دواك وروح شايف العَليل لزم الوسايد في «سيعة» ماتطلع الروح ياما الأرض شبعت خلايق وإن كان المربع أعرج عند البعض، فهو كامل متكامل عند آخرين: يا طبيب خد دواك وروح شايف العليل لزم الخلايق في ساعة ماتطلع الروح ياما الأرض شبعت خلايق والمعني أن أيها الطبيب ، لملم أدويتك وغادر، فأنت تري أن حالتي ميئوس منها وأنني لزمت الفراش والوسائد للمرة الأخيرة الثاني يقول: «انت تري ان المريض لم يعد يستطيع أن يبرح «الخرق» التي صنعت منها الوسادة يسمون الخرق بالخلق، بل حتي الملابس العادية اسمها الخلق، ومن العادي جدا أن تسمع الرجل أو المراة يقول: «حالبس خلقاتي واروح أقابله» مثلا. ثم يكمل العليل قوله: «وماذا يهم إن مت، فجوف الأرض امتلأ بالمخاليق ومن أكون أنا لأبقي؟؟» جاني طبيبي مع العصر وفي إيده ماسك العصاية أصله طبيبي قليل أصل من خصمي يجيب لي الوصاية وهو معني عميق ومؤلم، فقد قلنا من قبل أن الطبيب في معظم الأحيان هو الزمان، والزمان هنا صفيق وقاس ولا يخجل ، فإنه يأتي وفي يده عصا لتأديبي، ولأنه زمن الحقارة و«قلة الأصل» يجعل من خصمي وصيا علي. جاني طبيبي بلا قناع وكل من معاه عله بلجها والمرا اللي ماتردش قناع وحرص قوي من ولدها حين رآني طبيبي شك في أن أستجيب لعلاجة ولم يعد مقتنعا بأن تعود إلي قواي مرة اخري، بينما اصحاب العلل الآخرون تقدموا نحوه واحدا بعد آخر يكشفون عما يؤلمهم. ولا ندري كيف انتقل المربع هذه النقلة الفجائية ليحذرنا من المرأة الغريبة التي ترانا مقبلين عليها فلا ترد لثامها علي وجهها، ولينصحنا بأن مثل هذه «اللي ماتردش قناع» يجب ان نحترس جيدا من ابنها، ويقصد أنها ربته مثلها علي الفجور وعدم الاستحياء . اللي اتبعتر ولا يتلم ولو غربلوا له بسبايب إن كان الوعد والقدر تم بتبقي المنية.. سبايب الذي تبعثر علي التراب لايمكن لمه مرة أخري ولو غربلت ذلك التراب «بغرابيل السبيب» الحريرية الدقيقة، ونفس الأمر بالنسبة لمن حان أجله فلا تقل مات بكذا أو بكذا، كان لابد أن يموت «فمات».. وياللي بتنده .. عايز مين وخولي الجنينه عبي تاني؟ كلام العوازل.. عايز مين وخلي اللي طاب عبي تاني ليس للبيت الأول صلة بالثاني ولايريد القائل منه شيئا أكثر من التمهيد لإرجاء حكمة البيت الثاني . لكن المعني هو: «يامن تنادي ما الذي تريده فخولي الجنينة.. أي حارسها يعبئ التين أو عبأه. ثم يتجه لحكمة ان كلام العوازل «ع يزمن» أي ينكأ الجراح ويجعل ماشفي منها يمتلئ بالصديد من جديد. فيه سوق في جسمي شاغلني وفيه زي ما أنت طالب وناس تبكي.. وناس تغني ومغلوب يضحك لغالب لم أر من قبل مثل هذه الخلطة السريالية العجيبة، فإذا كان القائل يشكو علة في جسده فتشبيهه لها بالسوق أمر عجيب، وهذه السوق بها كل ما تطلب، فالبشر مزدحمون بها يبيعون ويشترون ويزعقون ويروحون ويجيئون، وهناك أناس تبكي وأناس تغني ومغلوب يضحك لغالب، فيالها من علة عجيبة تلك التي أصابت رجلنا، وهو أشبه بمن يتكلم في السياسة وأحوال البشر. ونفس الصورة من علي بعد ومع اختلاف التفاصيل والجزئيات والتركيب تجدها لدي «المجذوب» تسعة وتسعين دوار .. في راسي مقيمة.. الشارح مايظلم السارح ولاتعطش لهم بهيمه وإن كان الاختلاف في الجزء الأخير وهو يعني أن الذي يحرس الحقل لايعتدي علي السارح بالغنم أي أن الجميع كل يكمل عمل الآخر فلا يحدث لهم مشاكل أو يقعوا في هم. وكل مايهم في المقارنة هذه التسعة والتسعون حيا مأهولة بمن فيها من انشاءات وسكان مقيمين في رأس «المجذوب»!! ماحد اتغلب كيف غلبي وغلبك في جوفي هراني جابوا المحاوير.. صلبي تقدم خصيمي وكواني ماقهر أحد بمثل هذا القهر.. إن احساسي بقهرك لي فتت جسمي من الداخل، لقد أوقدوا النيران وألهبوا فيها «المحاوير» الحديدية التي توشم بها الجمال والحمير فتقدم عدوي أمام الجميع فوسمني، فماذا تنتظر من القهر إلا أن يفتت مصاريني وقلبي وكبدي؟. وهذا مربع مختلف عليه: إذا زهزهت الليالي عاملها واعمل من أمك تجارة وإذا ولت الليالي ناملها وجريك وراها.. خسارة أي إذا ازدهرت الأيام وبيع فيها كل شئ فتعامل مع زمنك وتاجر حتي في أمك، إما إذا ولت فنم لأنك مهما ركضت خلفها لن تنال شيئا ولا أظن أن هذا المربع صادر عن صعيدي صميم ليس من وجهة التفسير الاخلاقي فإنه ينافي كل القيم السابقة والآتية في كل ما أوردناه وسنورده من مربعات، واغلب الظن أنها صياغة «حلبية» كما يقولها أهل الصعيد عن الغجر، لذلك فإن مربعا آخر سارع ليطغي عليه وقد عدل فيه كلمات بسيطة ردت المعني لأصوله. الدنيا ان جات لك ناملها واجعل ده نومك تجارة والدنيا إن ولت ناملها وجريك وراها خسارة والفارق بين النومتين أنه في إقبال الدنيا عليك نم نومة المرتاحين الذين لايعملون لفرط ثرائهم، أما النومة الثانية فهي نومة اليأس لدنيا ألقت بك خلف ظهرها فمهما حاولت اللحاق بها لن تجني سوي اليأس!! تاريك شلالة يارفق اليوم زي الخياطة الكفاني يكلمك بلحظ العين.. لكن فكره في أمر تاني ولأن المربع أعرج سقط ركن من أركانه الأربعة من ذاكرة قائله فإنك لواجد اصله عند آخر تاريك شلالة يارفق اليوم زي الخياطة الكفاني يكلمك كلام محتوم لكن فكرة ف امر تاني إن صداقة هذه الأيام واهية مثل «التشليل» وهي الخياطة الواسعة التي تليها الخياطة الحقيقية الدقيقة ولايمكن الاعتماد علي هذا «التشليل» فهو سريع العطب ويتمثل في خياطة الأكفان التي تعتمد علي التشليل وليس الخياطة، هكذا أصدقاء اليوم، يكلمك الواحد منهم كلاما مؤكدا ثم تكتشف أن لاقيمة له وأنه انما كان يخداعك ويقصد بخداعك مكسبا خاصاً وأمرا لاتدركه، تماماً كما يقول المجذوب: يا سائلي علي ابن آدم ماخليب الطبيعة الفم يضحك للفم والقلب فيه الخديعة وهذا المربع المقبل دائما سوف تتردد له أصداء في جنبات المربعات الأخري، وأن الأقارب والأصحاب لا يقفون معك في وقت الشدة بينما قد يفعلها عدو لك: أنا لم لقيت لى سعد ولا بخت ولا خلّ صادق.. قناني جيت عند بيت عزولي واتلبخت جابوا لي الدوا.. في قناني كله استمرار في محاولة إثبات أنه ليس ثمة من صديق وفي، فالرجل يقول إنه لم يجد له حظا في أصدقائه، وأنه لم يحب خلا يحتويه بصدق أو يقتنيه، وأن أصدقاءه تخلوا عنه بينما حين سقط أمام منزل أعدائه جاءوا إليه بالأدوية في زجاجاتها وهو نفس المعني يتردد بين جنبات المربع التالي: كلام الغرابا حملناه فات علينا كما ريح هاوي كلام القرابا إخّ مِنَّا بياجي فوق فرْش الكلاوي والمعني أننا نحتمل نقد الغرباء لنا وملاحظاتهم علي حياتنا وسلوكياتنا لأنهم لا يقصدون به إيذاء، ويمر علينا كما النسيم الرطب، أما كلام القريب فإنه مؤذ وبشع ويمر كالمدي والخناجر في فرش الكلاوي» حيث المقتل وحيث أكثر المناطق في الجسد إيلاما ووجعا. لو عطاني زماني بعدين وكاسى المروّق حِليلي خايف من الزهر بعدين لا المُر.. يصبح حاليلي فيما بعد ربما أعطاني زمني كأسا مروقة بدلا من هذه الملوثة بالطين والمرار، لأنني أخشي من الزمن أن يظل «الزهر» أي الحظ بعيدا لدرجة أن أعتاد علي المر حتي أعتقد أنه هو الحلو. غربي بلدنا بلد سيح وادي الهلف ماشي ورانا مش عيب كراسي التماسيح تقعد عليها «الورانة»؟ لا أدري ما سر التهجم الدائم علي الغرب (مافيش حاجة تيجي من الغرب تسرّ القلب) أو تلك المربعات القاسية التي يسددها «المجذوب» للغرب. أما مربعنا فيقول إن غرب بلد القائل بلد «سيح» أي هامل لا ضابط ولا رابط له ، وانظر إلي ذلك «الهايف» الأحمق الذي كان يمشي وراءنا كخادم وكيف أصبح. أليس من العار أن يمتطي (الورل) ذلك الزاحف الجبلي كراسي التماسيح الشجاعة الرهيبة فقط لأنه يشبه فى بعض شكله ؟
اوعي تقول للنْدل: «يا عم» ولو كان علي السَّرْج راكب ولا حدّ خالي من الهم حتي قلوع المراكب ... اوعي تقول للندل: «يا عم» ولا تكلمه بقلب راضي ولا حد خالي من الهم حتي الحصي في الأراضي ... اوعي تقول للندل: «يا عم» ولو كان روحك بإيده ولا حدّ خالي من الهم حتي السعف فوق جريده
وهي من المرات الفريدة التي يصبح المبدع فيها ثوريا يرفض الخضوع للأنذال فهو دائما ينصح بالمطاطية حتي تمر العواصف، وبالنوم إلي أن يزول الظالم، وبعدم البوح بما في الصدور إلي أن تحل الأيام ما عقدته وخبلته، وأن الله هو الذي قسم علي الإنسان نصيبه في الحياة، وهو الذي سيرفع عنه الظلم حين يريد فيجب ألا يتململ الإنسان أو يحاول الفكاك فإنه بذلك يقف ضد إرادة الله، ودائما يطالب بالسكون والسكوت إلي أن تمرّ أيام النذل ونذالته. أما هنا، فكأنه شاعر من بلد آخر، أو أن المبدع كريم النفس (ابن ناس) عاشت عائلته الكبيرة علي رفض المهانة ومصارعة الأيام وجها لوجه، فهو ينصح بل يأمر بعدم الخضوع للطغاة والأنذال حتي لو كانوا حكاما يعتلون سروج الخيول، وحتى لو أدي هذا إلي العقاب و«شيل الهم» فلا يوجد علي الأرض من ليس مهموما، حتي من يملك تلك الضحكة العالية المتفرقة لأنك لو دققت فيها جيدا سوف تكتشف حزنا خبيئا لا يراه سوي الحصيف. انظر إلي أعلي ضحكة قد تسمعها وهي ضحكة شراع المركب، استمع إليها والريح يضحكها بصوت فاضح واضح بك.. بك.. هل نصادف في قرانا ضحكة أوضح منها؟ دقق السمع جيدا فإنك لمكتشف في ضميرها حزنا مستقرا لا يبدو إلا للمدقق. وفي المربع الثاني يؤكد أن الهم يسكن حتي قلوب الحصي الملقي في الطرقات والذي لا تلتفت إليه، والذي يبدو أنه جماد لا يفكر ولا يحمل هما. وفي المربع الأخير يؤكد أن لا شيء ولا أحد خال من الهم حتي خوص النخيل في الجريد، هذا الذي يتمايل و«يشنشن» في النسيم لديه همه أيضا، فاثبت وخذ موقفك في مواجهة الأنذال، وإذا ما عانيت من ذلك وستعاني وستحمل الهم فمن في الدنيا وأي شيء فيها لا يحمل همه في قلبه ويمضي.. أما المربع الأخير الذي نختتم به هذه المجموعة المصرية الصعيدية فهو: ولابد من يوم محتوم تترد فيه المظالم أبيض علي كل مظلوم أسود علي كل ظالم ولا ندري إن كان يقصد باليوم المحتوم هذا يوم القيامة، حيث يقف الجميع أمام الله ليأخذ كل ذي حق حقه، أم أنه يعني أن قانون الدنيا لن يترك الظالم يظلم إلي الأبد، ولن يسمح بأن يظل المظلوم يُظلم إلي ما لا نهاية، لكنه يدرك أنه لابد ثمة عقاب لمن سقوه كئوس الظلم والمكابدة طوال حياته.