مجلس النواب يوافق على مشروع قانون الإجراءات الجنائية نهائيا    مجلس النواب يوافق على قبول استقالة النائب عبد الهادى القصبى    «عبد اللطيف» يبحث مع وفد «جايكا» تعزيز التعاون في تطوير المدارس المصرية اليابانية    الذهب يسجل مستويات قياسية جديدة وسط توقعات بخفض الفائدة    10 معلومات عن برنامج الحكومة لدعم الأنشطة الإنتاجية بتمويل 90 مليار جنيه    ترفض فتح معبر رفح ودخول المساعدات…دولة الاحتلال تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار    آس: قلق في ريال مدريد بشأن جاهزية هاوسن قبل الكلاسيكو    اسكواش - كريم عبد الجواد يتوج بلقب سيليكون فالي    «الداخلية»: ضبط (308) قضية مخدرات وتنفيذ (61) ألف حكم قضائي    الضابط الذى استشهد واقفًا.. قصة حازم مشعل شهيد الواجب بوادى النطرون    الحكومة: الانتهاء من كل الاستعدادات لافتتاح المتحف المصرى الكبير خلال أيام    عمرو الورداني: مصر قادرة على إطفاء نيران الفتن وصناعة السلام بشرف وعدالة    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبني سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    اتحاد طلاب جامعة أسيوط يكرم الدكتور أحمد المنشاوي تقديرًا لجهوده    «سيدات يد الأهلي» يواجه «فلاورز البنيني» بربع نهائي بطولة إفريقيا    انطلاق منافسات ثمن نهائي بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة    سفيرة الاتحاد الأوروبي: توفير المياه يصنع فارقًا حقيقيًا في دعم جهود الدولة المصرية    الأنصاري يشدد على سرعة الرد على الشكاوى الحكومية لتخفيف الأعباء عن المواطنين    القبض على السائق والكمسري المتورطان في واقعة سقوط مسن من أتوبيس بالدقهلية    ضبط قضايا إتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل التعليم بأسيوط لمديري الإدارات: انزلوا المدارس وتابعوا الانضباط بنفسكم    كيف تصنع تريند في خمس دقائق؟!    اكتشاف كبسولة رصاصية نادرة تحتوي على عملات تاريخية في الإسكندرية    إصابة معتصم النهار خلال تصوير فيلم "نصيب" بالغردقة    رئيس وزراء فلسطين: للسلطة الحق بإدارة غزة ضمن إطار سيادة دولة مستقلة    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    المؤبد لفران وصاحب مغسلة بتهمة حيازة وترويج المخدرات بالقليوبية    السيطرة على حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم دون إصابات    سعد شلبي يكشف كواليس استعدادات الأهلي للانتخابات    حقيقة رغبة توروب في رحيل بعض لاعبي الأهلي    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    وزير العمل: المشروعات العملاقة في مصر أدت إلى تراجع البطالة من 13% في 2014 إلى 6.1 % الآن    مهرجان البحر الأحمر يكشف قائمة الأفلام القصيرة الدولية المشاركة في دورته الخامسة    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    الهلال الأحمر المصري يدفع ب10 آلاف طن مساعدات إغاثية عبر قافلة «زاد العزة»    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    الأولى من نوعها.. جامعة أسيوط تنجح في أول جراحة باستخدام مضخة "الباكلوفين" لعلاج التيبس الحاد بالأطراف    حصاد زيارة الشرع لروسيا.. ومصير الأسد في يد بوتين    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 16اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 24 فلسطينيا في الضفة    حلقات ذكر ومديح وانشاد في الليلة الختامية لمولد "السيد البدوي" بمدينة طنطا    بعد توقف 7 سنوات.. انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    «ممنوع عنها الزيارة».. عمرو ياسين يكشف تطورات الحالة الصحية لزوجته    سياسي ألماني: نزع سلاح حماس شرط أساسي لتحقيق السلام في غزة    التحالف الوطني يستعد لإطلاق قافلة دعم غزة 12 لدعم الأشقاء في فلسطين    شبكة بريطانية تحذر منتخبات كأس العالم 2026 من ثنائية محمد صلاح ومرموش    أغذية الشتاء الذهبية.. 10 أطعمة تمنحك الطاقة والمناعة والدفء    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم قوافل دعوية بالفيوم تناقش «مخاطر التحرش وآثاره»    كوريا الجنوبية.. عودة خدمة "يوتيوب" للعمل بشكل طبيعي بعد انقطاع مؤقت    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 16كتوبر 2025    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    مشكلة الميراث    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موال السحور
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 08 - 2010

لا يمكن أن يأتى رمضان دون رؤية الهلال، ولا يمكن أن نفطر قبل الاستماع لأذان المغرب، ولا يمكن أن أتناول سحورى دون أن أتذكر مسحراتى فؤاد حداد وسيد مكاوى الذى كنت أنتظره مساء كل يوم مستمتعا متعلما.
وقد اصطنع حداد قالبا فنيا للتسحيرة تنتهى بموال يأتى بعد قوله الشهير: «وكل شبر وحته من بلدى/ حته من كبدى/ حته من موال»: حيث يعلق الشاعر فى هذا الموال بصوته المباشر على الموضوع الذى تعرض له فى النص. والشاعر لا يلتزم ببنية فنية محددة لنظام قوافى هذا الموال، كما لا يلتزم بعدد معين لأبياته فى كل قصيدة، لكنه يتركه حرا بمعنى الكلمة، تذهب فيه رجل الشاعر مكان ما تحب، وهو مجذوب لصوت الطبلة وإيقاع الروح وفقا لطبيعة الموضوع وسخونته.
فعندما يتعلق الموضوع مثلا بالثورة والقضاء على الإقطاع، فإن موال المسحراتى الفلاح لابد أن يطول، حيث يقول:
يا حضرة الباشا فاكر ياما سحرتك
ودمعى تحت القمر بالليل مسح حارتك
وقلت لك خلى قطفه لك وقطفه لى
وربنا يخلى أطفالك وأطفالى
ولا كنت بتصلى ياباشا ولا بتصوم
غير كل حبة على السبحة تقول مخصوم
وكنت ياباشا مابتسمعش بالعربى
حضروا أطبا يردوا السمع والطاعة
حضروا أطبا يداووا نفس طماعة
افتح يا سمسم.. جماعة
حضروا بسماعة تكشف قلب سحَّارتك
فعصبة الأطباء لن تنجى الباشا إذا حانت ساعته، وفى لحظة الموت سينكشف ما بداخل قلبه ولن تفلح المسبحة والتظاهر بالإيمان على الناس فى الدنيا فى إخفاء حقيقة نواياه يوم الحساب.
وقد يقل طول الموال جدا وفقا لطبيعة النص وإيقاع النفس الشعرى، ففى التسحيرة الشهيرة التى تحمل عنوان «الاستيمارة» وتتحدث عن حيرتها مع صاحبها بين الموظفين من مكتب لمكتب دون إنجاز، يستنفد الشاعر مساحة النص وطاقته الشعرية فى تطويل رحلتها الفكاهية الساخرة، وعندما يصل إلى الموال يكتشف أنه لا يحتاج لأكثر من ثلاثة سطور فقط لتجميع خيوط النص، لأن تصوير الرحلة نفسها كان هو الوسيلة والغاية معا للسخرية من البيروقراطية، حيث يقول فى أقصر موال بنصوص المسحراتى كافة:
أنا صايم الشهر طول الشهر ودا فاطر
وانا ماشى فى الشغل قلبى سخن ودا فاتر
ما يتنقل شبر إلا بحبر ودفاتر
على أن الشاعر عندما يمسك بتلابيب انفعاله ويسيطر على التداعى الإيقاعى والدلالى للنص، فإنه يفضل أن يلعب فى ساحة الموال الخماسى المتعارف عليه حيث يقول مثلا:
رمضان يا شهر الصيام شهر الكرم دايما
من قبل ما أطالعك كان طالعك أيمن
أنا الذى هام فى حب الذى هيمن
سجدت له ولفيت البلد ودعيت
لا أوحش الله منك المسلمين أبدا
وصحيح أن قوافى الموال السابق تتفق فيما بينها عدا السطر الرابع وفقا لقواعد كتابته، لكن كلمات القوافى لا يوجد بينها الجناس المعتاد فى الموال الشعبى حيث تتشابه الكلمات وتختلف المعانى، لكننا لا نعدم وجود هذا النموذج أيضا فى مواويل مسحراتى حداد،
حيث يقول:
كان عندى زغلول ورايح للطبيب عارضه
جسمه رقيق ما تعرف طوله من عرضه
خَدُّه انجرح فى النسيم لما النسيم عارضه
ياللى حزين ع اللى فات وقتلت زغلولى
كان عندى حَبّ الدره أبرك من اللولى
ويمثل هذا الموال من وجهة نظرى المنهج الشعرى لفؤاد حداد خير تمثيل، فهو شاعر يحترم نسق البناء التراثى ويقدر عليه كما يتضح فى السطور الأربعة الأولى، لكنه لا مانع لديه من أن يكسر هذه القواعد البنائية الرتيبة فورا انحيازا للصورة، كما يظهر فى السطر الأخير الذى انحاز فيه للصورة الرائعة «كان عندى حَبّ الدره أبرك من اللولى» على حساب عدم العودة للقافية المتواترة فى كلمات «عارضه/ عرضه/ عارضه» ليغلق بها الموال صوتيا كما هو متبع.
وهذا الانحياز الإبداعى لا يدل على قلة صنعة كما قد يظن البعض، فحداد هو الصنايعى الأمهر فى تاريخ الشعر المصرى الحديث، وقد يتضح هذا فى الموال التالى:
صوموا وقولوا آمنا يا عباد الله
كونوا قلوب مطمئنة يا عباد الله
النصر فينا ومنا يا عباد الله
إحنا عرب والنبى عربى وضامننا
ما ينكسرشى يميننا يا عباد الله
حيث يكرر الشاعر عبارة «يا عباد الله» فى نهاية السطور كلها تأكيدا للإيمان والخشوع، لكن هذا لم يمنعه من أن يأتى قبلها بقوافٍ موحدة متكررة تدعيما للموسيقى فى كلمات «آمنا/مطمئنة/منا/يميننا»، أما السطر الرابع الحر فقد أخر فيه الشاعر القافية النونية نفسها إلى نهاية السطر متمثلة فى كلمة «ضامننا»، لتصبح هذه القافية متوافقة مع مثيلتها صوتيا، ومختلفة معها فى الموضع البنائى من السطر الشعرى.
وبهذا تتحقق بنية الموال الخماسى القائمة على المخالفة التقليدية لقافية السطر الرابع، فى إطار التجانس الموسيقى مع القوافى الداخلية المخترعة فى باقى سطور الموال، فهل يوجد بعد هذا تمكن من الصنعة ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.