نشرت جريدة الأهرام بعدد السبت الموافق 15 مارس الجارى مقال للمستشار عبد الفتاح مراد بعنوان (الحلول القانونية لعدم دستورية التحصين) وورد بنهاية هذا المقال اقتراح بتعديل المادتين رقمى (2 و7) من قانون الانتخابات الرئاسية رقم 22 لسنة 2014 لإنشاء محكمة بمُسمى (محكمة الانتخابات الرئاسية). وهذا الاقتراح يخالف صريح أحكام الدستور، ويمثل تعدياً صارخاً على الاختصاص المقرر لمحاكم مجلس الدولة، ويخالف الطبيعة الدستورية والقانونية للقضاء الدستورى فى مصر، وبالتالى فهناك استحالة دستورية، وقانونية، وعملية فى الأخذ بمثل هذا الاقتراح للأسباب الآتية:- أولاً:- إن الدستور حصر الجهات القضائية المختصة بالفصل فى المنازعات القانونية فى جهتين هما جهة القضاء العادى وجهة القضاء الإداري، والاقتراح الخاص بإنشاء محكمة خاصة بالانتخابات الرئاسية لم يبين هل هذه المحكمة تتبع الجهتين المشار إليهما، أم أنها محكمة خاصة واستثنائية ولا تتبع أى من هاتين الجهتين علماً بأن الدستور حظر فى نص المادة (97) إنشاء ثمة محاكم خاصة أو استثنائية. ثانياً:- إن المحكمة المقترح إنشاؤها تخالف ما ورد بالمادة (190) من دستور 2014 التى تنص على أن: (مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص - دون غيره - بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه)، ووفقاً لهذا النص فإن محاكم مجلس الدولة تختص - دون غيرها - بنظر جميع المنازعات الإدارية، ولم يستثن الدستور ثمة قرارات من الاختصاص العام لمحاكم مجلس الدولة، وبالتالى فإن الاقتراح بإنشاء محكمة باسم محكمة الانتخابات الرئاسية تختص بجميع القرارات الإدارية المتعلقة بهذه الانتخابات يخالف نص المادة (190) من الدستور، ومن ثم فإن أى قانون يصدر بهذا الشأن، وينزع من مجلس الدولة اختصاصه بالفصل فى أى منازعة إدارية ويُسندها لمحكمة أخرى أياً كانت يعتبر قانوناً غير دستورى.ثالثاً:- القول بإنشاء محكمة للانتخابات الرئاسية تختص بنظر الطعون على الأحكام التى تنظرها المحكمة الدستورية العليا والتى تتعلق بإجراءات الانتخابات الرئاسية، وما يرتبط بها من طعون يخالف أحكام الدستور والقانون للأسباب الآتية. 1- إن هذا الاقتراح يعنى إمكان الطعن فى أحكام المحكمة الدستورية العليا فى حين أن أحكام هذه المحكمة - بنص الدستور ووفقاً لقانونها - تصدر من درجة واحدة ولا تقبل الطعن أمام ذات المحكمة، أو أمام أى جهة أخري. 2- هذا الاقتراح يترتب عليه وجود رقابة على الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا من قبل جهة أو محكمة أخرى دون سند من الدستور، ويعنى تقييم الأحكام الصادرة من الجهة المختصة برقابة دستورية القوانين من قبل محكمة لا علاقة لها برقابة دستورية القوانين، فضلاً عما يمثله ذلك من غصب لسلطة المحكمة الدستورية ورقابتها من قبل محكمة لا علاقة لها برقابة الدستورية من الأصل. 3- هذا الاقتراح يمثل تعدياً صارخاً على فكرة مركزية الرقابة القضائية على دستورية القوانين التى تقوم على عدم إسناد هذه الرقابة لأى جهة أخرى - غير الجهة المختصة برقابة دستورية القوانين على نحو ما هو مُتبع فى النظام المصرى. 4- هذا الاقتراح يمُثل إنشاء قضاء مواز للمحكمة الدستورية العليا بل يمثل إنشاء جهة أعلى من القضاء الدستورى يطعن أمامها على الأحكام الدستورية. لذلك واستناداً إلى الأسباب والحجج المتقدم ذكرها فإن مثل هذا الاقتراح ينال من اختصاص مجلس الدولة بالمخالفة للدستور والقانون من جهة، ويمثل مخالفة لأسس الرقابة على دستورية القوانين من جهة ثانية، وليس له سند من الدستور بل إنه يمثل مخالفة صارخة للدستور من جهة ثالثة. لمزيد من مقالات مستشار- محمود زكى