لم يعد الحديث عن , أو مع الدكتور محمد البرادعى يستحق الكثير من التوقف عند الحروف وإختيار الكلمات , ولا حتى قواعد الحوار. .. فبعد التسريب الأخير لمكالمته مع شقيقه , عن المصريين , وعن نخبتها ورؤيته فيهما , والتعبير عن ذلك بألفاظ وشتائم " مش ولابد" ظهر وجه آخر أمام الكثيرين لصاحب "نوبل" و الشخصية المصرية الدولية المرموقة,التى ربما تحترمها حتى لو إختلفت معها سياسياًإنه " البرادعى" - آه والله البرادعى – الذى أطلقت عليه نفس النخبة "أيقونة" الثورة المصرية . .. إنها نفس النخبة التى رأيتها بعينى تنتظره, فى عهد مبارك قبل أيام من ثورة يناير , وكل أرواحهم مُتعلقة بقدومه " وطلته البهية " فى مطار القاهرة بإعتباره "مُخلصهم " من إستبداد نظام مبارك. .. وهو نفس الشعب الذى , نظر إلى البرادعى على أنه هذه الشخصية الليبرالية المُحترمة , صاحب العلاقات الدولية , والوجه الجديد الذى يحمل الأمل لمجتمع أرهقه كل شئ , وفقد الأمل فى التغيير إلا بثورة على نظام شاخ ويصر على توريث اليأس للأجيال الصاعدة , بذيوله الجديدة .. ومن اليوم الأول لم تعرف هذه النخبة وذلك الشعب أن البرادعى لم يرى نفسه واحداً من هؤلاء , بل كان ينظر لنفسه على أنه "فوق الكل" فوق هؤلاء "الحرافيش" . .. لم يعرف أحد أن البرادعى , قد خذلهم منذ الدقيقة الأولى التى وطأت فيها قدميه مطار القاهرة – وكنت شاهداً على ذلك من داخل صالة وصوله – عندما رأى البرادعى هذه الحشود مزدحمة خارج الصالة فى إنتظاره , وبدلاً من الخروج إليهم قرر البُعد عن زحامهم , بالتوجه من داخل مهبط الطائرات مرة أخرى إلى قاعة كبار الزوار , لكى يخرج هادئاً , مُستريحاً فى سيارته " الفور باى فور" من أمام القاعة فى مبنى آخر للركاب غير الذى تنتظره فيه تلك الحشود ! .. وبعد نصيحة من إحدى الشخصيات القريبة منه , وجاءت معه على نفس الطائرة , مر "البرادعى" مرور الكرام على مكان محتشديه , وهو داخل سيارته دون حتى أن ينزل منها. لم يعبأ البرادعى كثيراً بالساعات التى إنتظرته فيها تلك الحشود , ولم ينظر إلى وقفتها بعين الإعتبار . .. فى البداية كنا نظن أن الرجل الذى عاش فى صالونات , ومنتديات وأروقة الكبار فى دول العالم , والمنظمات " مُضطراً" إلى تلك "اللكنة" , وهذه الطريقة فى الحوار البعيدة عن رجل الشارع البسيط الذى لم يجد فى البرادعى قاسم واحد مشترك معه . .. كنا نظن أن بُعد الكثيرين من رموز القوى السياسية التى إقتربت فى البداية من "رجل التويتات الأول" تأتى لخلافات فى الرؤى السياسية , وأنها جاءت لفروق بين واقعية هؤلاء , وتقديس البرادعى ل "الكمال السياسي " الذى يريده للوطن , وأن هؤلاء ربما لم يفهموه بعد . .. حتى بعد أن ترك " البوب" سفينة الوطن وهرب منها بعد فض رابعة , تخيلنا أننا رُبما نحمل بعض الخطأ وأنه ربما يحمل , وازعاً من ضمير المسؤول عن دماء سقطت , وهو فى مسؤولية الحُكم مع آخرين . .. لكن بعد مكالمته المُسربة وألفاظه " البلدى أوى" و" الشتيمة اللى متنقية" ووجهة نظره فينا .. من الممكن أن نقول له اليوم – بضمير مستريح - وبنفس إسلوبه الركيك فى الكلام عن نُخبتنا يا " تسريباتك يا برادعى " !!