بسبب سد النهضة.. عباش شراقي يكشف تطورات جديدة بشأن فيضان السودان الكبير    التنظيم والإدارة يُعلن عن مسابقة لشغل 44 وظيفة معاون طبيب بالطب الشرعي    وزير التعليم ومحافظ المنيا يتفقدان عددا من المدارس بقرية تونة الجبل بالمحافظة    ثلاثة أيام متواصلة خلال إجازة 6 أكتوبر 2025.. تعرف عليها    رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يتابع انتظام سير العملية التعليمية    وزير العمل يشهد تسليم 700 عقد عمل معظمهم ل"ذوي همم" في 26 محافظة    آخر تحديث| ارتفاع جديد في سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين    محافظ الوادي الجديد يبحث مستجدات مشروع الجذب السكاني وتوطين الأسر بأبوطرطور    وزير التموين: علامة تجارية حديثة للمنافذ يحافظ على الدور الاجتماعي    شعبة النقل الدولي: الشركات الوطنية المصرية تنتهى من أعمال البنية التحتية لمحطة سفاجا 2 متعددة الأغراض    وزير الإسكان: جارٍ تنفيذ موقف إقليمي جديد للسيارات.. ومحطة صرف صحي بحدائق العاصمة    وزير الدفاع يلتقي نظيره الصومالي لبحث أوجه التعاون العسكري| فيديو    الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يرحبان بمبادرة «ترامب» لوقف الحرب على غزة    لجنة في البرلمان الإيراني تضع الصيغة النهائية لمشروع قرار بشأن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    غيابات الأهلي والزمالك عن لقاء القمة    قائمة الممنوعات الجماهيرية في قمة الأهلي والزمالك.. وتحذيرات أمنية مشددة    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    القبض على شبكة لأعمال التسول برفقتهم 22 طفلا بالقاهرة والجيزة    محافظ بورسعيد يترأس الاجتماع التنسيقي الأول لمشروع مواجهة الأزمات والطوارئ    مرشح يوزع كراسات مدرسية تحمل صورته على التلاميذ.. وتعليم المنوفية تحيل مديرة المدرسة للتحقيق    «قبة الغوري» تحتضن العرض الإيطالي «حدود» ضمن فعاليات مهرجان إيزيس لمسرح المرأة (صور)    مديرية أمن البحرالأحمر تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى والمصابين    الرعاية الصحية تدشن أول وحدة متكاملة للتخاطب والتأهيل النفسي والتكامل الحسي بجنوب سيناء    وزارة الصحة تنظم فعالية بمناسبة اليوم العالمي للسعار ضمن نهج "الصحة الواحدة"    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في محافظة قنا    وزيرة التضامن: إطلاق فصل جديد في علاقة الدولة بالمجتمع الأهلي والقطاع الخاص لتعزيز العمل التنموي    ضبط شخص يدير نادي صحي دون ترخيص للأعمال المنافية للآداب بالقاهرة    وكيل تعليم كفر الشيخ يتفقد مدارس دسوق ويشرح نظام البكالوريا للطالبات    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    وزير الثقافة يترأس الوفد المصري في اجتماعات اليونسكو بإسبانيا    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    بعد مناشدات لوزير الثقافة.. وفاة أحمد الضوي مصمم قصص الأنبياء    باسكال مشعلاني تتحدث عن أغنية "اتهرينا" وتكشف أغانيها المقبلة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    تكريم أكثر من 300 حافظ للقرآن في ختام النشاط الصيفي بمسجد جنة الفردوس بالشروق    موعد مباراة الدحيل ضد الأهلي السعودي اليوم والقنوات الناقلة    ألونسو: الهزيمة أمام أتلتيكو إنذار حقيقي لريال مدريد    مسئولون بالاتحاد الأوروبي يعربون عن ارتياحهم لنتيجة انتخابات مولدوفا    أبرزهم القهوة والكاكاو.. 7 مشروبات مفيدة للقلب في يومه العالمي    التشكيل الأهلي السعودي المتوقع أمام الدحيل القطري بدوري أبطال آسيا للنخبة    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    معسكر الزمالك للقمة.. جلسات مكثفة للجهاز الفني مع اللاعبين    أليجري بعد الفوز على نابولي: روح ميلان كانت رائعة.. ومودريتش يلعب بذكاء    أسعار الفاكهة اليوم الإثنين 29-9-2025 بأسواق مطروح    الأهلى والزمالك.. كتب تحدثت عن قطبى الكرة المصرية    مصرع شخص وفقدان 12 آخرين جراء الإعصار بوالوى فى فيتنام    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يكشف عن جوائز دورته السادسة    الحوثيون يعلنون تنفيذ عمليات نوعية على أهداف للاحتلال    صحة غزة: 361 من الطواقم الطبية مُغيبون قسرًا في معتقلات الاحتلال    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    التحفظ على سائق قطار البضائع ومساعده بسبب خروج العربات ب بني سويف (صور)    142 يومًا تفصلنا عن شهر رمضان المبارك 2026    في الذكرى ال55 لرحيله.. مؤلفات جمال عبد الناصر بين الأدب والسياسة    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هويدا طه تكتب..خواطر مواطنة مصرية استقبلت البرادعي في المطار
نشر في الدستور الأصلي يوم 26 - 02 - 2010

الهدف الرئيسي للمصريين هو استبدال نظام حكمه بنظام يصون كرامتهم وحقوقهم
السؤال الآن ليس هل نريد التغيير بل كيف يحدث التغيير؟
مستقبلو البرادعى حوله فى المطار
كنت ضمن آلاف من المصريين - وليس مئات كما يروج الإعلام الحكومي الرسمي وغير الرسمي- توجهوا إلي المطار لاستقبال الدكتور محمد البرادعي لحظة عودته إلي مصر، بدا الأمر وكأننا نعيش لحظة فاصلة بين عهدين.. لم يكن المستقبلون من جيل واحد بل من كل الأجيال.. من أطفال صغار إلي كهول وعجائز لكن الغالبية كانت شبابا مفعما بالحيوية والأمل، ولم يكونوا كلهم من شريحة واحدة أو طبقة واحدة في المجتمع المصري.. بل تراوحوا من فلاح مصري بجلبابه الفضفاض ولكنه فلاح فصيح! وربة منزل تقول إنها لا تعرف شيئا عن السياسة لكنها تأمل في مستقبل أفضل لأولادها.. وهي بذلك لخصت دون قصد المعني الحقيقي للسياسة!.. إلي أساتذة جامعيين وأدباء وشخصيات عامة إعلامية وفنية وغيرها، ولم يكونوا كلهم من تيار سياسي أو فكري واحد بل امتدوا من الاشتراكي إلي الإسلامي إلي الليبرالي إلي من لا لون له سياسيا.. هذه الصورة المكثفة للمصريين وصفها الدكتور البرادعي فيما بعد في لقاء تليفزيوني بصدق واضح ومحسوس قائلا: «عدت فوجدت أمامي مصر مصغرة».
لكن قبل طرح السؤال «ثم ماذا بعد وصول واستقبال البرادعي؟» لعله ينبغي أن نستشف شيئا ما من تلك اللحظة الفاصلة.. هذا الشيء هو «الرجاء» الذي يملأ نفوس المصريين.. «الرغبة في التغيير».. تغيير كل شيء تعيشه مصر منذ عقود.. وأوصلها إلي ذلك الدرك الذي نحسه جميعا سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.. باختصار نحتاج نحن المصريين إلي تغيير النظام! فهو المسئول عما تعيشه مصر من تردٍ علي كل المستويات.. المسألة إذن ليست «هل» نريد التغيير؟ فقد حسمت الإجابة في ملامح كل مصري فاض به الكيل ممن استقبلوا البرادعي أو من الملايين القابعة في ظلام الحيرة في أرجاء مصر.. إنما السؤال حقا هو «كيف» يحدث التغيير؟
زلزال البرادعي
عن دراية أو عن غباء «يعترف» رجال النظام الذي يستولي علي مصر منذ عقود بأن الجمود وصل إلي منتهاه ولابد من التغيير! فهم حينما يحاولون التسويق للسيد جمال مبارك يتحدثون عما سموه «الفكر الجديد ».. وكأنه اعتراف ضمني بأن الموجود هو شيء قديم لا يناسب العصر! ثم يستخدمون حجة «أرادوا لها أن تعشعش» في نفوس وعقول المواطنين هي أنه لا بديل علي الساحة السياسية المصرية سوي جمال مبارك.. وكادوا ينجحون في لجم الجميع بفكرة أن السيد جمال هو «بديل وحيد» لرئيس طالت وتوالت عقود انفراده بالسلطة.. حتي أصبح التغيير مسألة لا يختلف عليها الحكم والمعارضة علي السواء! الاختلاف فقط أنهم كانوا «مطمئنين» إلي «استسلام المصريين» لتلك الفكرة الخبيثة.. ثم فوجئوا بما زلزل اطمئنانهم وأحيا في نفس الوقت أملا وليدا عند مواطن رهينة.. كاد يستسلم لفكرة أنه جزء من متاع الرئيس إرث حلال لنجله!.. وربما كانت هتافات الشباب في ساحة المطار تعبر حقا عن هذا الأمل الوليد عندما كانت حناجرهم تتحدي الفكرة الخبيثة بهتاف «مصر فيها ألف بديل.. والبرادعي أهوه الدليل»!
إعلام الحكومة وإعلام الحكومة!
في بداية اليوم.. لم يتدخل الأمن إلا قليلا لمنع وصول المواطنين إلي المطار.. بل تعامل بترقب مع الحدث ليقيس - بطريقته - مدي «الخطورة»، لكنه وفي نهاية اليوم خاصة بعد تأخر طائرة البرادعي وتوافد المزيد من المواطنين كان قد شعر علي ما يبدو بتلك «الخطورة»! فبدأ ممارسة بعض التشنج حتي إنه منع أخت الدكتور البرادعي من حمل علم مصر! ولأن الحدث بالفعل كبير كانت وسائل الإعلام المصرية والدولية موجودة بكثافة.. حتي أن المصورين بتكالبهم لحظة ظهور الدكتور الواصل من بعيد أعاقوه عن الوصول إلي مستقبليه لتحيتهم وهم المنتظرون منذ الصباح.. لكن علي ما يبدو «وحسب خبرتنا نحن المصريين مع نظامنا بحكم طول العشرة الجبرية!» بدأ النظام علي الفور خطة تهدف إلي «التقليل من شأن» الحدث والدكتور معا! لم يهتم إعلام الحكومة «الرسمي» بالحدث علي الإطلاق.. بينما أغلب إعلام الحكومة «غير الرسمي» الذي يسمي في مصر «الإعلام المستقل» كثف من اهتمامه بالحدث.. بتكالب الفضائيات علي إجراء اللقاءات مع الدكتور الواصل من بعيد.. لكن هذا الإعلام «المستقل» في معظمه مارس «سقوطا إعلاميا» جعل أشهر البرامج التليفزيونية تجري الحديث مع الدكتور وكأنها «مباحث»! العاشرة مساء برنامج واسع المشاهدة وأحبه كغيري من المصريين وأدرك كم يتمتع هذا البرنامج بفريق إعداد متميز! لكن مقدمته والتي طالما رأيتها ككثيرين غيري مذيعة حبابة واعية مجتهدة.. تعاملت مع الدكتور بتلك الطريقة «المباحثية» التي تتعمد الاستخفاف بأفكاره بشكل أثار ضيق الكثيرين! صحيح أننا نعرف وندرك كم من التوازنات التي يجب علي برنامج جيد أن يتحسب لها كي يستمر في دولة بوليسية كدولتنا .. وصحيح أننا كمواطنين قد نغفر كثيرا من المداهنات للنظام وأجهزته الأمنية التي يمارسها البرنامج كي يستمر.. إلا أن المذيعة في هذا اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات كانت «مسكونة بهاجس » إجراء اللقاء بطريقة تتقي غضب النظام أساسا.. ولم تنجح هذه المرة في «التوازن» بين اتقاء غضب النظام البوليسي وإشباع حاجة المواطن لمعرفة المزيد عن الدكتور الواصل من بعيد! لكن الدكتور كان راقيا هادئا مترفعا عن الصغائر رغم تعدد الأفخاخ المباحثية التي نصبتها له مذيعة هي في الحقيقة .. تتمتع بشعبية ربما تحتاج جهدا ووقتا كبيرين للحفاظ عليها .. بعد اهتزازها في امتحان اللقاء مع البرادعي!
المرحلة التالية
كان المستقبلون للبرادعي في المطار ينتظرون وصوله في الثالثة عصرا.. لكن الطائرة تأخرت ساعتين إضافيتين لأسباب فنية.. وكنا بالطبع في المطار من حوالي العاشرة صباحا.. تعب الناس وبدأ الإجهاد والجوع والعطش.. لكن أحدا لم يفكر أبدا بالرحيل .. بل راح عدد المستقبلين يتزايد.. كان شعورا مشتركا نتعرف عليه في عيون بعضنا البعض بأن أملا ما يكاد يصبح حقيقة بعد دقائق أو سويعات.. ولو بشكل مجازي.. كنت أستمع إلي الهتافات المعبرة التي كانت تنطلق من حناجر الشباب.. النشيد الوطني وأغنيات مشهورة في حب الوطن وشعارات من مثل «باسم الجموع.. يا برادعي.. مفيش رجوع.. يا برادعي» وكانت الوجوه - الشباب خاصة - تضج بملامح تكاد تشي بأنهم كانوا فيما يشبه صحراء التيه ثم رأوا فجأة طائرا في الأفق!.. وكنت في مقال سابق أتمني لو هتفنا للبرادعي مثلما هتفنا لحسن شحاتة! وقمت علي سبيل الفكاهة بتأليف واحد ولما رأيت الشباب بهذا الحماس والتدفق.. اقتربت من أحدهم وقلت له ضاحكة «يا برادعي يا برادعي.. مصر قالت شوف مواجعي»! ردده الفتي وردده الناس.. بعدها بدقائق و بعد سماع خبر هبوط الطائرة بدأت الجموع تندفع نحو مدخل الصالة وكانت متجمعة علي الرصيف المقابل لها وحوله.. ثم بدأت الأحداث والأخبار تتوافد.. الدكتور يفشل بسبب الزحام في الخروج إلي الناس.. الدكتور رفض عرض مندوب الخارجية الخروج من صالة كبار الزوار.. منسقو حملة دعم البرادعي يحاولون شق طريق للبرادعي دون جدوي.. اصطف الشباب بعد وصول معلومات بأنه اضطر للخروج من صالة كبار الزوار وقرر الالتفاف والعودة للناس الذين ينتظرون منذ الصباح.. وعندما وصلت السيارة اندفع الناس نحوها فلم يظهر ولو شبر منها وكنت أقف بعيدا.. ولوهلة خفت.. خفت أن يتوقف الأمر عند «التلذذ بالحلم ذاته» دون أن تتوافر لنا إرادة ببذل الجهد لتحقيقه! وتداعت الأفكار.. هل سيصمد الرجل؟ هل سيستجيب لحمل هذا العبء الذي نلقيه علي كتفيه؟ هل يمكنه التصدي لنظام احتكر السلطة والثروة لعقود وقد يرتكب الفظائع ضد البرادعي والشعب معا كي يحتفظ بها؟ هل سنخذل البرادعي ونكتفي بمشاهدته وهو يواجه وحده .. القضية؟! وبينما تتدفق التساؤلات في ذهني تمكنت سيارة البرادعي من الخروج.. وبدأ الناس بدورهم في الخروج من المطار فرادي وجماعات.. والجميع علي ما أظن كان ينتظر لقاء البرادعي يوم الأحد في «العاشرة مساء».. نريد في أعماقنا قياس قدرته ومدي صلابته في المواجهة القادمة.. نريد أن نطمئن..وكنا أثناء ذلك اليوم الجميل نحمل لافتات عليها صورة البرادعي وعبارة «نعم البرادعي رئيسا لمصر».. وعندما خرجنا من المطار كنت وضعتها علي تابلوه السيارة فكانت ظاهرة من زجاجها الأمامي.. وعند وصولي إلي البيت رآها البواب فقال بعفوية:«شيليها يا مدام وإلا حتاخدي مخالفات طول ما انت ماشية»! فقررت التحاور معه وسألته:«إيه رأيك في البرادعي؟» قال بدون تفكير:«طالما مش منهم يبقي كويس بس حيقدر عليهم إزاي يابنتي دول ناس فاجرة.. خليها علي الله»!
لقاء البرادعي!
استعد كثيرون لسماع البرادعي في «العاشرة مساء».. كنا نتحادث في التليفونات ونرتب مواعيدنا كي نتفرغ لسماعه.. وفي بداية الحلقة تساءلت المذيعة مني الشاذلي «وهي علي كل حال حبوبة رغم تضخم الأنا عندها في الأشهر الأخيرة!» عن رجال الأمن حول بيت البرادعي.. ثم بعد ثوانِ قالت إن تعليقا من وزارة الداخلية جاء علي الفور يقول إن الأمن هناك .. فقط.. لأن بعض الوزراء يسكنون في المنطقة وليس لسبب آخر! حين سمعت «التوضيح الأمني» ضحكت وشعرت بالتشفي!.. يا حرام قد كده يشعرون أنهم في مأزق .. «وكأني بوزير الداخلية يقول: لا والله مش عشان حاجة لا سمح الله.. لا عشان نراقبه ولا عشان نعرف مين راح عنده ومين مراحش ولا عشان نعرف حكاية المصيبة دي اللي جاية من فيينا تنكد علينا!» لكن الدكتور كان أكثر ذكاء وهو يعلق ضاحكا بأنه طالما هناك وزراء جيران «فإذن همه أهم مني»! إنما ربما كان الدكتور أرقي من التحسب للأفخاخ المباحثية التي نصبتها له المذيعة وهي مسكونة بهاجس إرضاء النظام.. وربما لم تفهم الفرق بين «استقصاء رؤيته للمستقبل» والسؤال عن تفاصيل مثل «ما رأيك في الدعم هل يكون نقدي أم عيني؟» فتلك أمور يسأل عنها الخبراء الذين ينفذون «رؤية» وليس صاحب الرؤية العامة نفسه.. كان هذا واحدا من أغبي الأسئلة المباحثية التي سئلت للبرادعي وكانت كثيرة من مثل «فيه إيه في دماغك، عندك خطة معينة؟»! وبدا رجال النظام في وضع لا يحسدون عليه.. بل في الحقيقة في وضع يستحق منا الاستمرار في الشماتة فيهم!. وذلك عندما تحدث هاتفيا أحدهم وهو عضو لجنة السياسات «اللجنة دي بتاعة جمال!» وهو الدكتور جهاد عودة.. إذ إنهم في وضع لا يمكنهم فيه أن يكونوا «شرسين متغطرسين» كعادتهم عند الحديث عن الشعب المصري.. الرهينة في أيديهم، بدا أقرب أن يكون «مسكينا» وهو يتساءل بمسكنة متوجها للبرادعي بقول يتلخص في عبارة «ناوي علي إيه»؟! لكن الأهم في هذا اللقاء هو رسائل البرادعي التي وصلت رغم التحقيق المباحثي معه علي الهواء مباشرة! قال «لو عايز أعمل مؤتمر جماهيري حاعمل» ، «بدون مشاركة المصريين لن ننجح»، «لن يمنعني أحد» إلي آخر الرسائل المطمئنة التي تطمئنا أننا نحن المصريين وضعنا ثقتنا في رجل يتقدم الصفوف وهو يتحلي بأهم صفة نحتاجها في المواجهة القادمة.. لا يخاف!
المواجهة القادمة
الهدف الرئيسي للمصريين حاليا هو التخلص من النظام الحالي واستبداله بنظام يصون كرامتهم وحقوقهم.. الآن وبعد أن خطي المصريون الخطوة الأولي في سبيل تحقيق هذا الهدف وهي «تكليف» من يتقدم الصفوف.. يبدأ النقاش حول كيف ستدار المواجهة؟.. صحيح أنه ليس كل المصريين يجمعون علي البرادعي.. إلا أن الأمر يبدو سائرا في طريق تحقيق هذا الإجماع علي ما نأمل.. وفي هذا السياق هناك عدة مراحل أو اقتراحات:
أولا: نحتاج إلي مساعدة البرادعي في تعريف الغالبية العظمي من المصريين به وبمشروعه.. نحتاج إلي التنسيق معه ليزور أنحاء مصر ويقترب من الناس.. وفي هذا نحتاج إلي توسيع اللجنة الشعبية لدعم البرادعي وبذل الجهود لتقويتها.
ثانيا: نحتاج إلي إعادة طرح فكرة تأسيس فضائية شعبية تجمع لها الأموال اللازمة باكتتاب شعبي.. لتكون بعيدة عن أنف المباحث ورجال الأعمال.. فضائية نطرح لها اسما مبدئيا «فضائية تنوير» يتواصل البرادعي من خلالها مع الناس ويكون همها الأول «مشروع التغيير».
ثالثا: نحتاج إلي إعادة طرح فكرة «الآباء المؤسسين» علي الدكتور البرادعي.. أي البدء بانتخاب نخبة من فقهاء القانون والدستور «المستقلين حقا وليس إشاعة» كي يوكلهم المصريون لبدء الصياغة القانونية والدستورية لمشروعنا العظيم.. مشروع التغيير.
رابعا: نحتاج البدء بحملة جمع التوكيلات للبرادعي.. ولأنني حينما توجهت إلي الشهر العقاري منذ أشهر لعمل هذا التوكيل رفض الموظفون قائلين إن هناك تعميما رسميا من وزارة العدل يمنع توكيل البرادعي .. ولأن أحد رجال لجنة السياسات قال بغطرسة إن تلك التوكيلات التي يحاول المصريون المشاكسون عملها «تصلح بالكاد لبيع سيارة» نحتاج من البرادعي ونخبته من رجال القانون لصياغة طريقة مناسبة نجمع بها هذه التوكيلات.. فنحن أمام لحظة تاريخية لابد أن نشارك فيها.
خامسا: نحتاج إلي وسيلة للضغط علي شراذم المعارضة المصرية الفاشلة كي لا تشتت جهود هذا المشروع بتكالبها علي فتات الحكومة!.. ربما نحتاج إلي الدعوة إلي مؤتمر عام لإقناع الجميع بالتوافق علي البرادعي كرئيس انتقالي يقود «الآباء المؤسسين» لمصر أخري.. مصر جديدة.
سادسا: نحتاج فعلا إلي تأسيس لجنة خاصة لدعم الضحايا ممن سينهشهم النظام في صراعه القادم أو الذي بدأ فعلا للحفاظ علي غنيمته.. فلن يستسلم بسهولة.. ونحلم أن يمضي مشروعنا لتغيير وجه مصر إلي الصورة التي تستحقها.
سابعا: نحتاج أيضا إلي مناقشة جميع الاقتراحات ومن ضمنها مسألة «ضمان الخروج الآمن من السلطة» كإغراء باسم «المصارحة والمصالحة» كما سماها الدكتور البرادعي في لقائه التليفزيوني يجنب مصر استفحال قسوة المواجهة المقبلة..
ثامنا: نحتاج من البرادعي نفسه أن يطمأننا بأنه لن يقبل «صغائر العروض» التي يستعد النظام لعرضها عليه في مقابل انسحابه من تلك المواجهة.. فقد تحدثت عدة مصادرعن أنه قد يعرض عليه رئاسة الوزارة أو ما شابه ذلك.. رغم أننا نثق فيما سمعناه من رؤية البرادعي أنه يعي جيدا حجم المشروع الذي يقبل عليه وأنه مترفع عن تلك الصغائر.. إنما نحتاج تأكيدا.. فوقوف المصريين إلي جانبه مبني علي أساس مشروع التغيير الجذري.
تاسعا: نحتاج نحن المصريين إلي استعادة الثقة في أنفسنا كشعب وعدم الاستسلام لفكرة العجز.. وتلك مهمة المثقفين والأدباء والمفكرين والفنانين الجادين.. دورهم لأن واجب.. عليهم أن يتحلوا بالشجاعة واستغلال كل فرصة متاحة لسحب أعراض هذا المرض الخبيث الذي زرعه المستبدون فينا.. نحن لسنا عجزة.. نحن قادرون علي فعلها.. والآن نبدأ.
عاشرا: من باب إراحة الضمير يحتاج المصريون إلي التوجه بأي وسيلة ممكنة إلي الرئيس مبارك برسالة فحواها أنك يا سيادة الرئيس حاولت علي مدي ثلاثين عاما.. أصبت مرة وأخطأت مرات.. ولا يعيبكم هذا فقد أخطأ أعظم عظماء البشرية في كل الأمم.. وأننا نريدها سلمية .. لا نريد العنف ولا نريد الضرر لكم.. نتوجه إليكم بإعادة النظر في مسألة التسامي علي النوازع الشخصية والنظر إلي مصر.. هذه رسالة من باب إراحة الضمير.. لكن ما رأيته في المطار وما أراه من عزم الشباب أننا نحن المصريين وبطرق سلمية متحضرة.. ماضون ماضون.. في مشروع التغيير!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.