استوقفتنى رسائل الفتيات التى بعثن إليك بمشكلاتهن الصحية مثل الفتاة التى تعانى بدانة وسمنة زائدة، والفتاة التى ترتدى سماعة طبية، والفتاة التى تعانى تساقط الشعر، والفتاة المريضة بالتبول اللا إرادي، وفى هذه الرسائل تنوعت الحكايات، ولكنها تدور حول مخاوف واحدة. واسمح لى أن أروى لك قصة فتاة أعرفها عن قرب كانت هى الأخرى تعانى منذ صغرها النحافة الزائدة وتعرضت لمواقف أصعب بكثير مما تعرضن له هؤلاء الفتيات... فهى بخلاف كلمات السخرية والتهكم التى كانت تصل إلى مسامعها من أحدهم ردا على عدم موافقتها على الارتباط به على الرغم من أن ردها كان غاية فى الرقة والاحترام مرورا باختبارات مؤلمة من أهل (العريس) لقياس واستبيان حقيقة هذه النحافة، وهل تعكس إصابتها بمرض معين أو تؤثر على قدرتها على الإنجاب إلى غير ذلك من الأسئلة المعتادة فى مجتمعنا. وتزوج (العريس) وأنجب وهى كانت من داخلها تبتسم وتردد (يا من أنت كريم يارب) وتتمنى إن كان بإمكانها أن تقوم بإهداء العروسين باقة من أجمل الورد... وتتمنى أن تستطيع النطق بعلو الصوت بكلمة شكرا لكم جميعا.. شكرا على حسن تعاونكم من أجل عدم إتمام هذه الزيجة.. شكرا لكل (عريس) رحل قبل أن يتمم زيجة يشعر فيها الطرف الآخر أن لديه نقصا، أو عيبا ما.. شكرا لكل (أهل عريس) رحلوا بعد أن أوصلوا الرسالة إلى (العروس) بأن نتيجة الكشف الطبى جاءت مخيبة للآمال... شكرا لكل من كان هدفة وهدف عائلته من الارتباط أن يتزوج الفتاة (التى نجحت فى اختبار الهيئة والكشف الطبي) ويصبح زوجا وأبا لأطفال ولكن بلا ألفة ولا مودة.. حياة لا تحب هى أن تحياها لأنها خالية من أهم حاجة بالنسبة لها وهى (الروح). إنها رسالة أرادت توصيلها لكل فتاة حالت ظروفها دون أن يكمل من يتقدم إليها طالبا يدها مشوار الزواج، وتقول فيها : (إلى كل فتاة مختلفة ولا تشبه مجموع الفتيات اللاتى حولها.. إلى كل فتاة منعتها ظروفها من الزواج حتى الآن... كونى على ثقة من أن هناك شخصا ما فى مكان ما يتمتع بروح مختلفة.. وفكر مختلف... وأهل مختلفين، فالمختلف يتزوج المختلف.. ولا أقصد هنا تشابه الظرف، بل أتذكر هنا (بديعة) الفتاة الجميلة الكفيفة التى كانت تفخر بخطيبها (المبصر) وهو يساعدها فى التنقل بين الألعاب فى مدينة الملاهي، وكانت تتحدث عن إنسان ذى مواصفات إنسانية قياسية.. فلمن مثل هذا الإنسان المختلف؟! إنه بالطبع لكل إنسان واجهته ظروف مختلفة وأراد ربه أن يحول بينه وبين أن يتزوج زيجة عادية تقليدية واجهته فى قالب كله مادى حتى وإن حاول الطرفان أن يزينا قرارهما بطبقة من غلاف مصطنع يبدو كالحب، بل وربما يظنان أن علاقتهما وأطفالهما وحياتهما مثارا للحسد! على الرغم من أن هذه الحياة التقليدية الروتينية يعيشها ملايين البشر!. وأقول لكل المختلفين رجال ونساء : (سيأتى اليوم الذى ستعرفون فيه كم كانت ظروفكم المختلفة هدية ممن يدبر الأمر أحسن التدبير وأجمله... وسيأتى اليوم الذى تتمنون فيه لو كانت ظروفكم هذه شيئا محسوسا تضعونه وساما على صدوركم... سيأتى اليوم الذى ستعرفون فيه الإجابة من ربكم عن سؤال ربما سأله كثيرون منكم : (لماذا نحن مختلفون؟) سيأتى اليوم الذى يجازيكم ربكم فيه خيرا، أن صبرتم على استفزاز البعض لمشاعركم وجرح إحساسكم بقصد أو بدون قصد... سيأتى اليوم الذى تعرفون فيه حقيقة هذه الكلمات (عشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فان). هذه الرسالة الجميلة تلقيتها من أ. علياء ناصف، وأرجو أن تكون دافعا لكل من يعانون آلاما جسدية للإقبال على الحياة، والبحث عن جوانب الراحة والطمأنينة فيها، وليتنا جميعا ندرك أننا لو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع.