التعديلات الأخيرة لقانون الانتخابات الرئاسية أوجدت حالة من حالات عدم الاستقرار الدستورى الذى تعيشه مصر منذ تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن الحكم، وحتى لاتكون هذه التعديلات خطأ جديداً، بعد سلسلة من الاخطاء السابقة، فإننى اعتقد ان تحصين هذه القرارات غير ممكن وقبل ان أسوق دوافعى لابد ان نتذكر ان سند التحصين لقرارات اللجنة السابقة اكتسبته من المادة «28» من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 التى ذكرت أن «قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة «وكانت مثار جدل واسع آنذاك . ومن الدلائل التى تؤكد صحة عدم التحصين ان قسم التشريع بمجلس الدولة انتهى الى عدم موافقته على تحصين قرارات اللجنة رغم أن مؤسسة الرئاسة طالبته بتأييد التحصين ووفقا لدستور 2014 ، فالمادة «97» قد قطعت أى طريق للتحصين ونصت صراحة «.. ويحظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء»، ايضا حصر الدستور الجهات والهيئات القضائية ولم تكن من بينها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وكونها اصبحت سلطة قضائية فقد جاء ذلك بحكم قضائى سابق من المحكمة الدستورية العليا وصفت فيه اللجنة بأن لها سلطة قضائية،طبقا للمادة 28 من الاعلان الدستورى والتى وصفت اللجنة بأنها لجنة قضائية عليا»، وهو ما لم يكن موجودا فى الدستور الجديد. وقانونا، لا يمكن أن تكون هذه اللجنة الخصم والحكم فى ذات الوقت ولا يمكن اعتبار القرار الصادر من لجنة الانتخابات الرئاسية فى التظلم المقدم من صاحب الشأن فى أحد إجراءاتها أو أعمالها بمثابة حكم أول درجة، وهنا يحق للمشرع أن يقصره على درجة واحدة من درجات التقاضى بموجب سلطته التقديرية، لان المشرع عندما يقصر التقاضى على درجة واحدة يكون حريصا على أن يكون القاضى الجالس للفصل فى الخصومة لم يسبق له التعرض لموضوع المنازعة ، فكيف يكون الحال اذا كان المطعون فيه هى اللجنة نفسها. ودليل آخر أن جميع منازعات الانتخابات أيا كان نوعها تعد من المنازعات الإدارية، طبقا للمادة 190 من الدستور الخاص بمجلس الدولة «الذى يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية..» وسند آخر يؤكد ذلك ان محكمة القضاء الإدارى أصدرت حكمين قضائيين فى 3 ابريل و9 مايو من عام 2012، وصفت فيهما تحصين قرارات اللجنة بأنها «نوع من التطرف التشريعى وتحمل ردة قانونية إلى عصر الاستبداد، وتشكل اغتصابا لسلطة المحاكم والهيئات ذات الاختصاص القضائى»، كما انتقدت المادة 28 الإعلان الدستورى المعمول به وقتئذ، وقالت «إنها تغل يد المحكمة عن ممارسة اختصاصها فى رقابة مشروعية قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية وتقف كعائق بينها وبين ممارسة اختصاصات محاكم مجلس الدولة فى رقابة قرارات اللجنة العليا للرئاسة». وبالنظر الى المحكمة الإدارية العليا فقد أصدرت حكماً آخر فى الطعن رقم 17680 لسنة 58 قضائية بتاريخ 12 مايو 2012، وانتقد التحصين وقالت: «بدلا من تحصين كل قرارات اللجنة، كان الأجدر بالمشرع اتساقا مع ما بات مستقرا عليه من عدم فرض أى حماية قانونية لأى قرار أو تحصين أى عمل من الرقابة القضائية،أن ينظم طريقا للطعن على مثل هذا القرار وغيره مما يصدر من اللجنة حيث يكون الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا على أن يقدم إليها الطعن خلال ميعاد قصير، ويتم البت فيه فى ميعاد ليس بأطول من ميعاد الطعن بما يحفظ لانتخابات رئيس الجمهورية مرتبتها بين الانتخابات الأخرى .. وهكذا يبدو التحصين صعباً ، ويفتح الباب لخلافات قانونية كبيرة . لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى