إذا نجحت الضغوط الدولية في إحكام المقاطعة الاقتصادية علي سوريا وإيران واستهداف عملتيهما وصولا إلي تدمير البناء المالي للبلدين, فسوف تكون هذه أول مرة في التاريخ تسقط فيها الأنظمة الحاكمة تحت وطأة العقوبات الاقتصادية القادمة من الخارج. حتي نظام صدام في العراق احتاج إلي حربين وثلاثة عشر عاما من المقاطعة الدولية حتي يسقط, أما الآن فإن التوقعات تشير إلي أن نظام الملالي في إيران سوف يسقط قبل الصيف بتأثير انهيارالعملة والاقتصاد, اما نظام بشار في سوريا فسوف يسقط قبل ذلك.. هذا ماتتنبأ به دوائر الاستخبارات الغربية أو تخطط له دون الحاجة لشن حروب من الخارج أسوة بما حدث في حالة ليبيا مثلا. وفي التفاصيل فإن السيناريو الغربي يسعي للنيل من النظامين عبر خلق تدهور يبلغ حد الانهيار في قيمة عملة الدولتين يتبعه بالضرورة انهيار المنظومة الاقتصادية كلها ومن بعده نظام الحكم. وبعد خمس جولات من العقوبات المتصاعدة ترنح التومان الإيراني ليخسر في أيام ما يزيد علي 20% من قيمته ليصل الي 17 ألف تومان للدولار الواحد, بينما فقدت الليرة السورية بتأثير العقوبات نصف قيمتها خلال3 أشهر لتصل الآن الي74 ليرة لكل دولار. وإذا كانت السلطات الايرانية تواجه الوضع بأساليب بوليسية تمنع تداول التومان بأكثر من سعره الرسمي البالغ 14 ألف تومان لكل دولار, فإن السوريين, الأكثر عملية, قرروا الانصياع للامر الواقع ونسوا السعر الرسمي الثابت منذ عام 2005, وسمحوا للبنوك بالتعامل بمرونة مع مقتضيات العرض والطلب, غير أنه لسوء الحظ فشل الحلان في انقاذ عملة البلدين حيث يتوقع ان تتضاعف قيمة الدولار مقابل الليرة السورية في غضون شهرين أو ثلاثة, اما التومان الايراني, الذي يستند الي اقتصاد يعتمد في 60% من دخله علي عوائد النفط, فسوف يترنح بصورة اكثر مع إحكام المقاطعة الدولية خلال الايام المقبلة. وبرغم الخلافات الكثيرة في الحالتين السورية والايرانية فإن القاسم المشترك بينهما هو إمكان تدمير اقتصادين متماسكين عبر تحويل عملتيهما إلي أوراق لاقيمة لها, ولم يكن هذا ممكنا قبل تعقد اوضاع التجارة الدولية وتزايد الاعتماد المتبادل بين اقتصادات الدول علي بعضها البعض في ظل العولمة الاقتصادية التي نشأت قبل عقدين ونمت وتضخمت حتي أصبح ممكنا قتل الدول من خلال اقتصادها بسلاح المقاطعة المحكم دون الحاجة لاراقة نقطة دم واحدة.. كما نري الآن.. ونتعلم ونتدبر.