كانت الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والفساد السياسي أحد أسباب قيام ثورة25 يناير المجيدة التي فجرها الشباب المصري بصورة حضارية نالت اعجاب العالم أجمع, هذه الثورة التي احيت في نفوس المصريين الامل مرة اخري للعيش بكرامة واعلاء قيم مباديء الثورة الاساسية وهي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية,واستطاعت الثورة الصمود حتي الآن في وجه كل التحديات الاقتصادية التي واجهتها خلال عامها الاول سواء مطالب فئوية أو قطع طريق أو اعتصامات, بالاضافة إلي تدهور الحالة الامنية. والصفحة الاقتصادية مشاركة منها في احتفالات الثورة المجيدة ومرور عام علي انطلاقة الشرارة الاولي لها, سنطرح علي مدي الايام المقبلة قراءة سريعة من جانب الخبراء والمسئولين ورجال الأعمال في القطاعات الاقتصادية المختلفة حول اقتصاد الثورة ماذا حدث فيه, ورؤيتهم المستقبلية في ظل عودة الاستقرار السياسي للبلاد مع بدء أولي جلسات مجلس الشعب المنتخب. ونطرح اليوم ماذا حدث في السياسة المالية وذلك علي لسان أول وزير لمالية الثورة وهو الدكتور سمير رضوان, كما يطرح الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية رؤيته هو الآخر ماذا حدث خلال فترة تولية مسئولية حقيبة المالية, ورؤية ممتاز السعيد وزير المالية الحالي. تحليل: آمال علام سمير رضوان سياسات مالية لتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات الدكتور سمير رضوان أول وزير مالية في العام الأول للثورة يقول إن هدف السياسات المالية التي تبنتها وزارته كانت ترتبط بأهداف الثورة وهي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية, أما الحرية فكانت لها أبعاد سياسية لادخل للسياسة المالية بها, أما فيما يتعلق بالكرامة والعدالة الاجتماعية فقد اتخذت الوزارة علي عاتقها وضع مبدأ الكرامة علي اولويات عملها, حيث إنه يجب الا يكون هناك مواطن مصري يعيش تحت خط الفقر, والعدالة الاجتماعية وهي التحدي الذي واجهته السياسة المالية من أول يوم, وتم استخدام بنود الموازنة العامة للدولة لتحقيق هدفين وهما البدء في تحقيق العدالة الاجتماعية وتحفيز الاقتصاد المصري ليستعيد عافيته, والذي ساعد علي نجاحنا في البداية أننا كنا محصنين بسياسة نقدية رشيدة يتبعها البنك المركزي الذي حافظ علي الاحتياطي النقدي وثبت سعر الجنيه المصري, وكان لزاما علينا أن نسعي لتلبية المطالب المشروعة للكثير من فئات المجتمع, دون المساس بالسلامة المالية للدولة, وكانت هذه هي المعادلة الصعبة في أول تحد لمالية الثورة, وتم وضع خطة عاجلة لعلاج التشوهات في الاجور لان ذلك هو اساس تحقيق جزء من العدالة الاجتماعية, فتم وضع حد ادني للاجور700 جنيه وخطة لنصل به إلي1200 جنيه بعد5 سنوات, ومع بدء تطبيق الحد الادني لجميع العاملين بجهاز الدولة وعددهم يتجاوز6 ملايين موظف استفاد من جراء ذلك نحو9 ر1 مليون موظف كان أجرهم يفوق الحد الأدني للأجور. ويضيف رضوان أنه لتحقيق اهداف العدالة الاجتماعية كان لابد من النظر إلي اصحاب المعاشات وهم الفئات الاكثر معاناة, فتم زيادة جميع المعاشات باكثر من15% واستفاد من ذلك أكثر من8 ملايين من اصحاب المعاشات, وبلغت تكفة زيادة الأجور والمعاشات علي موازنة الدولة أكثر من15 مليار جنيه, وتمت تغطية هذه الاعتمادات من وفورات الموازنة لعام2011/2010. ولمواجهة تبعات الثورة وما شهدته من خسائر لبعض الأفراد, قامت الوزارة بانشاء صندوق للتعويضات بقيمة5 مليارات جنيه, وتم صرف جزء كبير منها لتعويض هؤلاء. ولأن من اهداف الوزارة الأولي بعد الثورة هي الحفاظ علي حقوق الشهداء والمصابين, كان لزاما علينا أن نحفظ حقوقهم وأسرهم, لذلك تم صرف معاش استثنائي لاسر الشهداء قيمتها1500 جنيه, ارتفعت مع اضافة العلاوة الاجتماعية إلي1750 جنيها, ويعد هذا أعلي معاش في الدولة, وبالفعل حتي آخر يوم في وزارته تم صرف625 شيكا لأسر الشهداء. ويقول رضوان انه حرصا علي مواجهة أي ازمات قد تطرأ للحفاظ علي الاحتياجات الاساسية للغالبية العظمي للمواطنين, كنت حريصا علي توفير الاموال التي تغطي احتياجات الواردات من القمح وقيمتها600 مليون دولار كل3 اشهر و200 مليون دولار قيمة فاتورة البوتاجاز, وكنت اعتبرهما من البنود المقدسة التي لا يجب المساس بها, لذلك لم نشهد أي أزمات خلال هذه الفترة سواء في توفير رغيف العيش او المواد البترولية. الدكتور سمير رضوان يقول انه كان امامنا اما اتباع سياسة مالية من خلال موازنة تقشفيه لمواجهة المتطلبات الكثيرة التي انهالت علي الوزارة, او اتباع سياسات مالية توسعية, وراينا من خلال تجارب الازمات المالية العالمية السابقة ان الخطأ الاكبر في الأزمات اتباع سياسة انكماشية لان الانكماش يؤدي الي المزيد من الانكماش وأول من يعاني من ذلك هم الفقراء والشباب لأنه لن تكون هناك فرص عمل, لذلك حرصنا علي اتباع سياسات توسعية لكن بحكمة بالغة لتحقيق اهداف الثورة وعدم الاضرار بموارد الدولة وزيادة عجز الموازنة, وكان من نتيجة هذه السياسة إصلاح الأجور وتخصيص40 مليار جنيه للاستثمارات العامة في التعليم والصحة والإسكان والمواصلات, وتخصيص هذه المبالغ سيشجع القطاع الخاص علي ضخ المزيد من الاستثمارات من جانبه بعد شعوره بالاطمئنان وعودة الاستثمارات الخارجية. حازم الببلاوي 2011 سنة لإطفاء الحرائق الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق في تحليله للسياسة المالية خلال العام الأول من الثورة أوضح انها واجهت تحديات كبيرة حيث انها واجهت كثيرا من النفقات نتيجة لرفع المرتبات بشكل عشوائي والطلبات الفئوية وإنها لم تكن سنة لتحديد سياسة مالية محددة ولكنها كانت سنة إطفاء حرائق ولم يكن هناك وقت لكي نفكر بهدوء لكننا كنا نفكر في ظل أحداث متفرقة ولذلك كانت سنة صعبة بالنسبة للسياسة المالية. ممتاز السعيد سياسات تقشفية لعلاج عجز الموازنة ممتاز السعيد وزير المالية والذي يحمل حقيبة المالية في حكومة الانقاذ الوطني أكد في أكثر من مجال أن السياسة المالية خلال النصف الاخير من عام الثورة أخذت اتجاها تقشفيا لحل مشكلة عجز الموازنة وذلك لترشيد الإنفاق الحكومي وترشيد بعض أنواع الدعم دون المساس بمحدودي الدخل, وكان من أهم القرارات وضع الحدين الادني والاقصي للاجور لتحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة كل انواع المعاشات بنسب متفاوتة.