مما لا شك فيه إان تخصيص يوم الثامن من مارس من كل عام للاحتفال بيوم المرأة العالمى كرمز لنضال المرأة كان وراءه امرأة قوية.. عندما خرجن عاملات النسيج فى شوارع نيويورك عام 1857 للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية التى كن يجبرن على العمل تحت وطأتها مما دفع المسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية.. وعاودن الكرة فى التظاهر فى 8 مارس عام 1908 للمطالبة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع وانضممن إليهن نساء من الطبقة المتوسطة.. وبعدها بسنوات طويلة فى عام 1977 أصدرت منظمة الأممالمتحدة قرارا بدعوة دول العالم إلى اعتماد أى يوم من السنة تختاره للاحتفال بالمرأة. فقررت غالبية الدول اختيار 8 مارس وتحول بالتالى ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم فى مظاهرات للمطالبة بحقوقهن .. وفى ظل الاحتفال بهذه المناسبة نتساءل: من هى المرأة القوية؟ وهل قوتها بالفطرة أم مكتسبة؟ وما دورها فى محيط أسرتها؟ وماذا عن الشكل السلبى للمرأة القوية؟.. وكيف يمكن للأم أن تهيئ ابنتها لكى تكون قوية إيجابية؟.. الرد والاستفسار من الناحية النفسية والمنظور المجتمعى فى السطور التالية : بداية يعرف د.عبد الله عسكر استاذ التحليل النفسى بجامعة الزقازيق المرأة القوية قائلا: هى المرأة القادرة على الحب وإدارة غضبها وتقلبات مزاجها الدورية، كما أنها هى المرأة التى لا تغفل انوثتها وتحافظ على حيويتها وبناء وحدة أسرتها ويوضح د.عسكر أن صفات المرأة القوية ليست بالفطرة ولكنها مكتسبة من خلال مراحل الطفولة والاجواء الثقافية المحيطة بها التى تشكل شخصيتها ولا تظهر إلا عندما تتزوج وتكون محل اختبار حقيقى وتتعاون مع شريك حياتها وتستخدم قوتها فى بناء البيت الجديد، وتبذل العطاء ليعود عليها من خلال الذين تقوم برعايتهم .. المرأة القوية يفضلها الرجل عن الضعيفة لأنه قد يتغيب عن البيت ويحتاج لشخصية قوية تقود الأسرة.. وهناك القوية المتمردة والتى تمثل الشكل السلبى وهذا نمط مضطرب فى الشخصية وتظل تعانى من اضطرابها نفسيا طوال عمرها .. ويرى أستاذ التحليل النفسى ان قوة المرأة فى ضعفها حيث تستطيع أن تنفذ إلى ما لا يستطيع أن ينفذ إليه الرجال، ويؤكد أن إهمال الأسرة المصرية لرعاية البنات وتركيزهم على الذكور يؤدى إلى اإن الإناث يصبحن أقوى حيث يتم تدريبهن دون قصد على الاعتماد على النفس. أما الذكور فمن السهل أن ينكسروا فى أول مواجهة لهم لاعتمادهم على الحماية الزائدة لديهم من الأم .. ويختتم أستاذ التحليل النفسى رؤيته قائلا: النموذج الأمثل للمرأة القوية فى نظرى هو السيدة خديجة ودورها فى تمكين الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من دعوته وتصديقها له ودعمه المتواصل. ومن المنظور الاجتماعى يرى د.رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة جامعة حلوان ان المرأة القوية هى التى لديها القدرة على أن تصل إلى ما تريد دون احداث مشاكل ويقول: أما شروط هذه المرأة فهى أن تعرف أولا ماذا تريد؟ وكيف تحقق ذلك؟ وان تكون لها إرادة متوافقة مع قيم المجتمع وآدابه، وأن تكون هذه الإرادة أيضا تهدف إلى إعلاء مكانة المرأة بجانب الرجل .. ويستطرد د.عبد اللطيف قائلا: كل تقدم حدث فى المجتمع كما شهدنا فى الدستور والقوانين التى صدرت بخصوص تنظيم حياتها ومشاركتها السياسية، وكل تغيير حدث فى التشريعات الخاصة بالمرأة كان وراءه امرأة قوية.. فالمرأة القوية ليست بالكلام ولا بالصراع مع الرجل ولكن أن تعمل بجواره فى تعاون وتكامل، اذا تم ذلك فهو ترجمة حقيقية لقوة المرأة وتطبيق للقيم الدينية، وأجمل ما يميز المرأة هو قوتها فى التحكم فى حل مشكلات الأسرة أو الوطن فهذا رمز على قوتها، وكلما حافظت المرأة على زوجها وأطفالها كانت قوية، حتى إذا بكت فى بعض المواقف وتساقطت دموعها فهى ليست ضعف ولكنها دموع العظمة والقوة لبناء الأسرة والحفاظ عليها ومواجهة مشكلاتها .. ويؤكد أيضا أستاذ تنظيم المجتمع إن المرأة القوية ليست قوية بطبعها ولكنها تكتسب القوة من أسرتها خلال التنشئة الاجتماعية.. فهناك أسر تنمى شخصية المرأة وتجعلها قوية وهناك من الأسر من يحبطها ويقضى على مشاعر القوة لديها فتصبح ضعيفة تابعة.. ويقر أستاذ تنظيم المجتمع انه ليس كل الأزواج يتقبلون المرأة القوية ويقول: هناك رجل ذو شخصية ضعيفة ويحتاج إلى امرأة قوية لكى يستمر فى الحياة، وهناك رجل لا يقبل هذا النوع من النساء.. لذلك أنصح المرأة القوية لا تتزوج من رجل قوى مثلها إلا إذا كانت قادرة على التعايش معه، والضعيفة لا تتزوج من رجل ضعيف حتى لا يكون كلاهما غير قادر على إدارة المنزل، إلا أن الزوجة القوية بصفة عامة فى مجتمعاتنا الشرقية غير مطلوبة.. والحقيقة أن ذكاء المرأة هو الذى يجعلها قوية دون أن تعبرعن ذلك صراحة . وأسأل أستاذ تنظيم المجتمع: كيف يمكن للأم أن تهيئ ابنتها كى تكون امرأة قوية مستقبلا؟ فيقول: تكلفها بمسئوليات منزلية، وتشركها فى حل مشكلات الأسرة، ولا توبخها أمام الأخرين، وتمنحها الثقة ولا تشعرها بأنها تشك فيها مع المتابعة غير المباشرة . أما النموذج الذى يراه أستاذ تنظيم المجتمع كما يقول كامرأة قوية فى نظره فهو د.مرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة