الأرملة البيضاء أو سامنثا لويثويت29 عاما, البريطانية الأصل, وسامية شنن51 عاما المصرية.. نموذجان لامرأتين إحداهما من الغرب والأخري من الشرق, توحدتا في إظهار الوجه القبيح للمرأة.. سامنثا متورطة في هجوم نيروبي وسامية متهمة في الاشتراك مع آخرين باقتحام مركز شرطة كرداسة وقتل11 ضابطا ومجندا والاستيلاء علي الأسلحة الخاصة بهم ومتعلقاتهم الشخصية, بل وقامت سامية بالتمثيل بجثث الشهداء بطريقة بشعة وغيرآدمية حيث تعدت علي جثامينهم بالضرب بالحذاء وسكب ماء نار علي رؤوسهم لتشويه معالمهم. وليست سامية شنن الوحيدة التي تمثل الوجه القبيح للمرأة في مصربل ظهر علي السطح كثير من العنيفات اللاتي يقمن بالقتل والتمثيل بالجثة ايضا.. ومنذ ايام قامت ربة منزل بخنق زوجها بإيشارب اثناء تعاطيه جرعة من المواد المخدرة.. وفي نفس الاسبوع قامت4 سيدات بمساعدة زوج احداهن باستدراج مهندس كمبيوتر وتعدوا عليه بالضرب حتي فارق الحياة لرفضه التوقيع علي إيصالات أمانة للاستيلاء علي أمواله. وفي تصريح صدر مؤخرا من مسئول بقطاع السجون أن عدد نزيلات السجون بداخل42 سجنا, من بينها سجن القناطر وسجن دمنهور, بلغ2400 سجينة في مختلف الأعمارالسنية, وأن قضايا المرأة زادت بعد الثورة بشكل كبير وخاصة في التشكيلات العصابية والاتجار في المخدرات, بالإضافة إلي قضايا الخطف, وأنه في ترتيب قضايا النساء جاءت المخدرات في المرتبة الأولي بنسبة45% ثم جرائم الأموال العامة وجرائم النفس, حيث بلغ عدد المحكوم عليهن بالإعدام400 حالة من بينهن19 حالة إعدام لسيدات قتلن أزواجهن بسبب العشق وأيام الحرام. والسؤال هنا: ماهي الدوافع النفسية والاجتماعية التي تجعل هذا الكائن الجميل في خلقه وفي رسمه تتجرد من كل المشاعر الإيجابية التي حباها الله سبحانه وتعالي بها وترتدي ثوب هذا العنف المتطرف وتصبح قاتلة لنفس بشرية حرم الله قتلها إلابالحق, وأحيانا إرهابية تدمر وتقتل بالعشرات؟!.. بداية يفسر د.عماد مخيمر رئيس قسم علم النفس بآداب الزقازيق تلك الدوافع النفسية قائلا: نتوقع من المرأة دائما الأنوثة والأمومة, والأنوثة أساسها الجاذبية والأمومة تعني الحفاظ علي العلاقات والرعاية والحماية.. ومايحدث أنه أحيانا تتعرض بعض النساء لظروف غير طبيعية, كتوجيه إهانات شديدة من قبل الزوج لزوجته مصطحبة بالعنف في أغلب الحالات, وهي ليس لديها رد فعل, وتتقبل الإهانة والعنف وتحاول أن تتماسك لتحافظ علي أسرتها حتي تستمر الحياة, أو أنها تخاف علي اهتزاز مكانتها أمام الآخرين. وفي المقابل هناك أزواج تتفهم أن قبول الزوجة لهذه الإساءة تسامح وتفاني, وأنها تعلو فوق الموقف وفوق الإحباطات وفوق الظروف, وآخرون يعتقدون أن هذا ضعف منها فيستمرون في عنفهم طالما أن هذه الزوجة ليس لها رد فعل ولا تستطيع ان تعبر عن ضيقها.. وهناك قاعدة في علم النفس تسمي توكيد الذات وتعني أن الفرد يؤكد ذاته في المواقف الاجتماعية, يعبر عن مشاعره الإيجابية بمتعة والسلبية باستياء وضيق.. فعلي سبيل المثال هناك أزواج يمزحون بالكلام ويتجاوزون في حق زوجاتهم بكلمة ما والزوجة تصمت ولا تبدي أي اعتراض, فيتمادي الزوج ويوجه لزوجته الكلمة الأشد أو الجملة الأصعب, ثم يمد يده بالضرب, ولكن إذا اعترضت الزوجة من البداية علي الكلمة الأولي في المزاح وأبدت استياءها منها وأفهمته أنهاغيرراضية عن هذا الأسلوب في التعامل معها فإن الزوج قد يتوقف ولا يستمر في هذه الطريقة العنيفة مع زوجته. وكذلك عندما يستهزئ الزوج بزوجته أمام الناس وإذا صمتت يتمادي, ولكن إذا ردت عليه في نفس اللحظة أو بعدها فلن يكرر هذه الإهانات. أو أن الزوج يطعنها في شرفها أمام أولادها, أو يستولي علي فلوسها ومصوغاتها ومتعلقاتها بدون رضاها, أو أنه عرف امرأة أخري أو تزوج عليها, أو تكون هي ارتبطت بعلاقة عاطفية مع شخص غير الزوج وحاولت التخلص من الزوج. ويستكمل أستاذ علم النفس أسباب عنف المرأة قائلا: وأحيانا يولد العنف لدي المرأة من الاحباط نتيجة ظروف اجتماعية أو أسرية أو اقتصادية غير مواتية. ويمكن أن تؤدي البطالة أيضا إلي العنف, وكذلك شعور المرأة بالقهر علي مدي التاريخ, وبأنها ست مكسورة الجناح مريضة وتشعر بالدونية, وأنها ليست لديها إمكانية أن تأخذ حقوقها في العمل أو في الشارع, وأحيانا تتجمع الإحباطات في حالة فعل انفجاري أو غياب للعقل يجعلها من الممكن أن ترتكب الجريمة بدون أن تشعر. كما أن الجريمة يمكن أن تحدث تحت تأثير المخدرات التي تذيب الضمير أو الأنا العليا. وأيضا مشاهدة قنوات العنف التي تحتوي علي مشاهد إعداد الجريمة وتنفيذها والتخلص منها, حيث أن مشاهدة مشاهد القتل يؤدي إلي نوع من التعود لدي الشخص- رجلا كان أوامرأة- ويصبح لديه هذا المشهد كأنه شيء طبيعي, وكذلك رؤية الدماء. واسأله: وماتحليلك النفسي لشخصيتي إرهابية كرداسة وإرهابية نيروبي؟.. قال: من المؤكد أن كل منهما لديها من الدوافع النفسية التي ذكرتها سابقا, وإقبال إرهابية كرداسة علي هذا العمل الوحشي لاعتقادها أنها تخدم الدين أو أن هؤلاء الأشخاص يستحلون القتل من وجهة نظرها, وهنا هي تعاني من جمود في التفكير. وأيضا إرهابية نيروبي تعتقد أن الآخرين الذين لايؤمنون بأفكارها يستحقون القتل, وأن أعضاء التنظيم الذي تنتمي إليه يقنعونها بأن ماتقدم عليه من أعمال إرهابية هو طريقها إلي الجنة. وماذا عن المنظور الاجتماعي لأسباب العنف لدي المرأة ؟ يقول د.رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان: السلوك العنيف للمرأة ليس من طبعها ولكن هناك عوامل أدت إلي ارتكابها للعنف, أبرزها الشعور بالقهر والتهميش وعدم وجود من تلجأ إليه لحل مشكلتها, مع إهمال متعمد من جانب متخذي القرار أو من يحيطون بها في أهم جزء من حياتها وهو الكرامة والحرية, فإذا انعدمت الكرامة والحرية يفعل الإنسان مايشاء. والعامل الثاني فقدان شخص عزيز عليها بدون وجه حق من وجهة نظرها, كأن يكون ممارسا لسلوك مناف للقيم العامة, ولكنها لاتعترف بذلك وتري في فقده خسارة كبيرة لها ولابد من أن تنتقم له, فتمارس السلوك العدواني لحماية ذاتها, وهذا أمرسلبي يتعارض مع التكوين النفسي للمرأة ومع نظرة المجتمع للمرأة نفسها باعتبارها عنصر بناء وليس عنصر هدم. أما العامل الثالث فيتمثل في سيطرة الميول العدوانية علي قلب وفكر المرأة, وهذا يفقدها التفكير السليم فتضطر إلي الثأر حتي تحقق ذاتها وهي في الحقيقة تحطم ذاتها, لأن القتل والعدوان الذي تمارسه يتعارض مع قيم المجتمع.. والعامل الرابع هو ممارسة المرأة للعدوان أيضا في إطار العقل الجمعي, بمعني أنها توافق الجماعة, أي ترتكب سلوك القتل والعدوان متحصنة بهم, وهذا حدث في كرداسة ورابعة العدوية وميدان النهضة.. أما العامل الخامس فيتمثل في ارتكاب العنف بسبب الحرمان الاقتصادي أي قلة الدخل وغلاء الأسعار والتهميش الذي شعرت به في المجتمع فتغلب عليها السلوك العدواني وأصبحت شخصية سيكوباتية, والإنسان السيكوباتي هو الذي يرتكب جرائم شديدة القسوة ولايعرف أي قيم أو أخلاق نهائيا.. وأسأله: وما الفرق بين المرأة العنيفة في الشرق ونظيرتها في الغرب؟.. أجاب: المرأة العنيفة بشكل عام هي التي تمارس سلوكا يتعارض مع القيم سواء بالقول أوالفعل ويؤدي إلي إلحاق ضرر مادي أو معنوي لدي الطرف الآخر حتي ولو كان أقرب الناس إليها كزوجها أو حتي أبنائها بلفظ أو ضرب بدني أو تكسير عظام أو القذف بالأشياء, والوصول للقتل هو بالطبع أعلي درجات العنف, والمرأة في المجتمع الغربي تكون عنيفة نتيجة الشعور بالوحدة المتفشية هناك, وأيضا الثقافة القائمة علي الصراع.. إذن ليس هناك فرق أن تقتل الزوجة أو لا تقتل, حيث لا يوجد هناك نظام أسري قوي, فهي بلا جذور. أما المرأة الشرقية حينما تقتل فهي تقتل رغم أنفها نتيجة الضغوط المتتالية عليها, فالقتل للمرأة في الشعوب العربية قتل مستورد من الغرب. وأخيرا أسأله: وكيف يعالج المجتمع سطوة العنف عند المرأة؟.. قال: التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في اكتساب المرأة صفة العنف منذ الصغر, فوجود نموذج أو قدوة للعنف داخل الأسرة والتوحد مع المعتدي, وكذلك التدعيم( بمعني أنه عندما تأخذ البنت حقها بيديها وتشجعها الأسرة علي ذلك أو تصمت) فهنا تفهم البنت أن هذا السلوك مقبول أو مرغوب فيه, ولذا يجب علي الأم أن تتدارك الأمر من البداية وتعرفها أن هذا العنف سيؤدي إلي انصراف الآخرين عنها, وأيضا إلي تقليص فرصتها في الزواج, وتحاول أن تشغلها في أنشطة تحويلية حتي تكتسب طاقة إيجابية وتفرغ الشحنة العدوانية الموجودة لديها. وفي حالة المرأة العنيفة ليس هناك علاج ولكن يوجد خطوات بتعديل السلوك العنيف, وذلك بأن تأخذ المرأة العنيفة عقابها مع توفير فرص عمل لها وتحسين الظروف البيئية المحيطة بها, واتخاذ الإجراءات السريعة لإنهاء النزاعات الأسرية, واستخدام دور العبادة والمدارس والإعلام في التوجيه والإرشاد, والتثقيف ببرامج نبذ العنف, مع الاهتمام بالعلاج النفسي والاجتماعي من خلال الاخصائيين الاجتماعيين لأن غالبية المشاكل تكون اجتماعية وبسيطة في حلها واذا لم تعالج انقلبت إلي اضطرابات نفسية تستدعي علاجا نفسيا طويلا.