مما لاشك فيه أن نقص نصيب الفرد من المياه الذى بلغ 860 مترا مكعبا فى السنة يفرض نوعا من التحدى على مستقبل التنمية فى مصر التى تعتبر جوهر الأمن القومى المصري. ويمثل نهر النيل شريان الحياة لمصر اذ تعتمد مصر على مياه النهر فى الاغراض الزراعية والصناعية والمنزلية ولذلك فإن نقص كمية المياه التى تأتى الى مصر سوف تؤثر سلبيا على الإنتاج الزراعى والصناعي. وتستمد مياه النهر اهميتها من كونها المصدر الرئيسى للرى فى النشاط الزراعى اذ تبلغ حصة القطاع الزراعى من المياه نحو 83% بينما تبلغ حصة الانشطة الاخرى فى العمليات الصناعية والسياحية وتوليد الكهرباء 17% وعلى ضوء ذلك فإن القطاع الزراعى يعتمد اعتمادا كبيرا على مياه الرى والذى وصلت مساحته إلى 7.8 مليون فدان وان نقص كمية المياه الواردة يمكن ان يوقف المشاريع المستقبلية لهذا القطاع. وفى حقيقة الأمر فإن الجهود الحكومية تستهدف استصلاح 3.4 مليون فدان حتى عام 2017 للوفاء بالاحتياجات الغذائية وهى مساحة تتطلب توفير 20 مليار متر مكعب بينما ستصل الاحتياجات المائية الى نحو 86 مليارا فى الوقت الذى يمكن أن يصل فيه اجمالى الموارد المائية الى 71 مليار متر مكعب عام 2017. وتتزايد التحديات المائية التى تواجهها مصر بعد مضى الحكومة الاثيوبية فى تشييد سد النهضة وكذلك عزم تنزانيا واوغندا تشييد سدود اخرى لتوليد الكهرباء والاستفادة من تخزين المياه. ووفقا لاراء الخبراء فإن مخاطر سد النهضة تكمن فى تخفيف حصة مصر المائية بواقع يقدر بنحو 20 مليار متر مكعب من مياه النيل حيث تعتمد مصر اعتمادا على مياه النهر وتحتاج لمياه النيل لكى تحقق التنمية الشاملة لديها وتغطى احتياجات ومطالب السكان المتزايدة. وعلى ضوء ذلك قد تتضاءل حصة مصر لتصل الى 34 مليار متر مكعب مما سيشكل خطورة نتيجة للدمار الذى يمكن ان يصيب الزراعة والثروة الحيوانية ويوقف مشروعات التنمية الزراعية. ذلك ان حصة مصر من المياه والتى حددتها اتفاقية عام 1959 تبلغ 55.5 مليار متر مكعب ثابتة منذ هذا التاريخ وحتى اليوم حيث كان عدد سكان مصر يقدر بنحو 26 مليونا بينما يبلغ عدد سكان مصر الان 92 مليون نسمة. واذا اضفنا الى ذلك حجم النقص الذى يمكن ان يصل الى 20 مليار متر مكعب ببناء سد النهضة الأمر الذى سوف يضع مصر فى دائرة الفقر المائى ويفرض كثيرا من القيود على التنمية الزراعية وعلى ضوء هذه التهديدات والتحديات المائية تبرز أهمية العمل على تنمية الموارد المائية وذلك من خلال دعم التعاون مع دول حوض النيل بتفعيل مبادرة حوض النيل والاستفادة من المياه الجوفية فى الصحراء الغربية. وبالاضافة الى ذلك تحديد امكانية وكميات السحب من المياه الجوفية فى سيناء والصحراء الشرقية إلى جانب دراسة الاستفادة من المياه متوسطة الملوحة فى الزراعة والمزارع السمكية وتقليل مياه الرى فى أثناء وبعد موسم المطر فى شمال الدلتا وذلك بهدف تحسين كفاءة الرى الحقلى وتحسين كفاءة شبكات توزيع مياه الشرب. صفوة القول ان التحديات المائية التى تواجهها مصر تفرض ضرورة العمل على زيادة حصة مصر المائية لتتناسب مع الزيادة السكانية خلال السنوات المقبلة وذلك لتحقيق التنمية الزراعية ومواجهة الاحتياجات الغذائية. لمزيد من مقالات د.طه محمد عبدالمطلب