تغيرت خمس وزارات بعد الثورة، وطبقا لاينشتين فانه من الغباء ان تكرر نفس العمل ثم تتوقع نتائج مختلفة، وقد حان الوقت لان نسلك طريقا اخر. فالواقع المرير اننا نعيش من زمن طويل تحت حكم الفرد صاحب القرار المطلق، وتدار شئون البلاد فى ظل عشوائية الإدارة والتنفيذ دون تخطيط علمى مسبق، فالحكومة او الوزير او المحافظ الجديد ، وفى غياب الخطط العلمية الحاكمة، يجد المجال مفتوحا لتغيير المشروعات وكذلك المساعدون فور توليه الحكم، ولأننا تعودنا التبعية والمداهنة فان المعاونين والتابعين يصفقون بحماس لاى قرار. ويوهمون المسئول بانه الملهم ذو العصا السحرية والمبعوث لعلاج المشاكل وإنقاذ البلاد او الوزارة، وعندما يصدق المسئول ذلك يندفع فى تجارب الخطأ والصواب ويفتخر بالإنجازات الوهمية أو الوعود الكاذبة امام الاعلام، ورويدا رويدا تتراكم المشاكل وتتعقد الأمور حتى يستلزم الامر تغيير المسئول او الوزارة او الحكومة، ويصبح هذا السلوك أكثر خطورة إذا صاحبه فساد ومحسوبية وتربح فاحش أو دعم الانحراف من اصحاب المصالح الخاصة، وقد عشنا زمناً طويلا مع هذه الافات حتى أدت بنا الى ما دفع الشعب الى الثورة ثم ثورة ثانية، وهنا نختلف كثيراً عن معظم الدول التى ثارت فى عصرنا الحديث . ولنأخذ مثالا من معظم دول أوروبا الشرقية والوسطى مثلا والتى سرعان ما أفاقت بعد ثوراتها وبدأت اصلاح النظم والقطاعات التى ثارت عليها ، اما نحن فقد انشغلنا فى السياسة وتنازع السلطة وتآمرت علينا قوى داخلية وخارجية ، وتفاقمت مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والامنيه والسياسية لدرجة لم تواجهها مصر من قبل فى اى زمان. وعلى هذا المنوال ومع اختلاف الأسباب استهلكت مصر خمس وزارات او حكومات منذ قيام ثورة يناير 2011 وها نحن نستقبل وزارة سادسة فى ظروف اصعب من اى من سابقاتها لان البلاد تواجه انتخابات وتغيرات جذرية مع تدهور اغلب القطاعات عدا القطاع الأمنى الذى يظهر تحسنا متزايدا ويكفى قواتنا المسلحة فخرا انها وفى خلال ثمانية أشهر نجحت فيما لم تنجح فيه قوات حلف الناتو فى أفغانستان فى أربع عشرة سنة. أما فرص نجاح الحكومة الجديدة فهى تتوقف على التغيير الجذرى لأسلوب الحكم الذى عشناه ومازلنا نعيشه بعد الثورة واهم ما فى ذلك هو التغيير من حكم الفرد وعشوائية القرار الى اتباع الأسلوب العلمى فى التخطيط والقرار الجماعى فلا يجوز ان يخرج إلينا اى مسئول بخطة عشوائية او عاجلة او وعود واهمة. ويجب ان تعتبر الحكومة عام 2014 عام التخطيط العلمى لإصلاح البلاد وأنها حكومة تخطيط وليس تسيير اعمال، فمثلا يجب المراجعة الفورية للقوانين الحاكمة للاستثمارات المخالفة للدستور او التى تسمح بالفساد باى صورة وتعديلها بصفة فورية، ثانيا ان تشكل مجالس متخصصة من الخبراء من الداخل والخارج للقطاعات الاساسية من المؤهلين ومن لم يشترك فى فساد او تضارب مصالح ،وذلك لوضع خطط للقطاعات وليس لكل وزارة وذلك يتضمن القطاع الاقتصادى (الصناعة والاستثمار والسياحة والطاقه والعمالة) والتعليم بأنواعه، والصحة (التأمين الصحى والاغذية والادوية وقوة العمل الصحية والبيئة والمياه)، والزراعة والغذاء، والإسكان والمرافق والمواصلات، بحيث توضع السياسات طويلة المدى لكل قطاع يتضمن الوزارات المعنية داخل القطاع و يتكون من الخطط المتوسطة والعاجلة ، وثالثاً يجب ان تعجل الحكومة بدراسة وإصدار هيكل الاجور الشامل للحكومة والقطاع العام الذى يبنى على أساس المؤهل والخبرة والكفاءة وسوق العمل مع وقف اى مطالب فئوية خلال هذا العام. اخيراً وليس آخراً، فانه يجب انشاء وتفعيل مفوضية محاربة الفساد طبقا للدستور وتطبيق القوانين دون هوادة او تردد لانه لا أمل فى الاصلاح فى ظل ما نراه من فساد فى قطاعات كثيرة.. لقد ان الأوان لتغيير سبل الحكم وليس الوزارت او الأفراد . لمزيد من مقالات د.سمير بانوب