فوضى الألقاب فى مصر لم تعد قاصرة على مجاملة من شخص لآخر، كما كان يحدث لسنوات طوال ماضية، بل أن الأمر تطور لتمتد هذه الفوضى إلى الألقاب الخاصة بالهيئة القضائية بما لها من حصانة ومكانة فى المجتمع، العديد من المراكز اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعى منصة للإعلان عن نفسها كجهات معتمدة لمنح شهادات للتحكيم الدولى تؤهل من يحصل عليها لحمل لقب مستشار وكارنيه يحمل شعارا شبيها إلى حد كبير بشعارات الهيئات القضائية المعتمدة، وذلك فى مقابل رسوم زهيدة تبدأ من 300 جنيه ولا تتعدى ال 1500جنيه. وقد جاء البلاغ الذى تقدم به المستشار عادل عبد الحميد وزير العدل منذ أيام ليفتح النار على هذه المراكز الوهمية التى تعبث بأحلام الكثيرين، خاصة الشباب بعد أن بات للكثير من هذه المراكز فروع فى غالبية محافظات مصر، وكل منها يؤكد أنه المركز المعتمد ووضعه هو الأصلح من الناحية القانونية، ويمنح شهادات معتمدة من كبرى الجامعات المصرية والأجنبية. فى البداية يؤكد المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الاسبق أن المبدأ الدستورى العام أن التعليم حق من حقوق المصريين العامة، ولابد أن يخضع لاشراف الدولة أيا كان نوع هذا التعليم، وبما أن الدورات والدبلومات التى تعلن عنها هذه المراكز تندرج تحت بند التعليم لأنه يترتب عليها منح شهادات، فلابد من وجود ترخيص لهذه الجهات، وأن تكون تحت إشراف وزارة التعليم أو التعليم العالى وإلا صار هذا النشاط التعليمى غير مشروع. وفى الوقت نفسه، أكد المستشار أمير رمزى رئيس محكمة جنايات شبرا الخيمة أن هناك شروطا للتحكيم الدولى حتى يحصل الشخص على دورة تدريبية فيها يجب أن يكون لديه الخبرات التى تنطبق عليه من أجل اجتيازها فى حين أن المراكز التى تعلن عن دورات التحكيم الدولى مشكوك فى مستواها العلمي، وهى تراهن فقط على رغبة الكثيرين فى الحصول على كارنيهات تحمل لقب مستشار ومطبوع عليها شعار الميزان الخاص بالهيئات القضائية. وأعرب رمزى عن اعتقاده بأن مثل هذه الإعلانات تندرج تحت بند النصب لأن مثل هذه المراكز تسوغ واقعة على خلاف الواقع، وهو ما سيجعل هذه المراكز، وأيضا المتدربين يقعون تحت طائلة النصب. وحول كيفية تحجيم الظاهرة، شدد رمزى على ضرورة تفعيل قانون العقوبات فى هذه الواقعة وتقديم تهم النصب التى تصل عقوبتها للسجن لمدة 3سنوات. وفى السياق ذاته أوضح المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة الاسبق أن المحكم هو شخص أو هيئة يثق فيها متخاصمان يطلبان منها أن تحكم بينهما فيما نشب بينهما فى عقد من العقود المدنية أو التجارية، فيما لا يخالف الشريعة الاسلامية، وأضاف انه غالبا تشكل لجنة التحكيم من فرد يتفق المحتكمان على تسميته للتحكيم بينهما أو من ثلاثة يرشح كل محتكم من يرى صلاحيته للتحكيم، ويختار المحكمان المختاران الشخص الثالث الذى يترأس لجنة التحكيم، ولا يشترط أن يكون من رجال القانون أو من المتخصصين أو حتى متعلما إنما الشرط الوحيد له أن يبلغ أكثر من 21 عاما ويتمتع بحقوقه المدنية والسياسية. ومن جانبه أشار عادل اندراوس رئيس محكمة استئناف القاهرة الاسبق إلى أن بداية ظهور التحكيم الدولى ترجع لوجود بطء فى إجراءات القانون المصري، وهو ما دفع بعض الشركات الاجنبية إلى اللجوء للتحكيم من أجل الحصول على حقوقها، وحل للمنازعات إلا أنه أوضح أن الدولة المصرية حلت المشكلة منذ عدة سنوات من خلال انشاء المحاكم الاقتصادية التى تتميز بسرعة اجراءاتها، وهو ما خفف من اللجوء للتحكيم الدولي، خاصة مع ارتفاع تكاليفه.