هل يمكن أن يؤدي تأسيس بنك للفقراء في مصر علي غرار بنك الفقراء الذي أنشأه رجل الأعمال الأسيوي الشهير محمد يونس إلي دفع التنمية صديقة البيئة, ومحاربة الفقر؟ الفكرة تدرس حاليا من خلال برنامج الخليج العربي للتنمية تمهيدا لتطبيقها في مصر بعد نجاحها في الأردن واليمن والبحرين, وبنك جرامين أو بنك القرية والمعروف باسم بنك الفقراء, والذي أسسه محمد يونس عام1979 في بنجلاديش ونال عنه جائزة نوبل للسلام, ويتركز علي قوة التمويل الأصغر والمنح الصغيرة في تحقيق التنمية المستدامة الفعلية للبيئة, حيث يقدم التمويل الأصغر إلي الفقراء والمحتاجين دون اشتراط أي ضمانات مالية أو غيرها. وأوضح البروفيسور يونس, أن عملاء بنك الفقراء هم أصحاب الأعمال الصغيرة التي غالبا ما تكون غير رسمية تقع علي هامش الاقتصاد, كبائعي الخضراوات والفاكهة والمثلجات في الشوارع, وأصحاب الصناعات اليدوية, وصيادي الأسماك وغيرها من الحرف البسيطة والمؤثرة في البيئة, وأضاف أن غالبية المستفيدين من هذه القروض الصغيرة من غير القادرين علي تأمين ديون يستطيعون الوفاء بها من خلال البنوك التجارية العادية, ومع ذلك فهم قادرون علي السداد, مؤكدا أن هذه القروض الصغيرة قد مكنت هؤلاء الفقراء من توليد دخول مستدامة لأنفسهم ولعائلاتهم واهتماما كبيرا بالعنصر البيئي. جاء ذلك خلال ندوة التمويل الأصغر والأعمال الاجتماعية التي أقيمت في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية تحت رعاية الأمير طلال بن عبد العزيز, في إطار الجهود الدولية المبذولة لتعزيز هذا النوع من التمويلات الصغيرة لتحقيق التنمية المستدامة بمشاركة العديد من رجال الأعمال وخبراء التنمية والبيئة علي الصعيد الدولي لبحث الآفاق المستقبلية لبنوك تمويل الفقراء في المنطقة العربية. واستهدفت الندوة إبراز أهمية دور التمويل الصغير كأداة لمكافحة الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئة المستدامة في المجتمعات المحرمة علي حد تعبير سليمان الحربش مدير عام صندوق الأوبك, الذي أوضح أن أول تجربة مباشرة ل التمويل الأصغر والمنح الصغيرة بدأت منذ ما يناهز10 أعوام كان هدفها أكثر الناس استحقاقا لها, وهو الشعب الفلسطيني, إذ قدم الأوبك بدءا من2004 نحو43 ألف قرض ميسر بقيمة64 مليون دولار أمريكي, أما بالنسبة لأحدث عملية من هذا النوع, فهي ما قدمه صندوق الأوبك أمرت الكمبودية, والتي تعد من أسرع المؤسسات نموا في مجال تقديم التمويل الأصغر في القطاع الزراعي حيث تعمل من خلال5400 فرع لتمويل أكثر من238.000 مستفيد. وقال الحربش: إن فوائد بنوك الفقراء في الوطن العربي تعد فكرة رائدة نفذها برنامج الخليج العربي للتنمية بنجاح في كل من الأردن واليمن والبحرين, وعلي وشك بدء نشاطها في سوريا, وجاري الإعداد لدراسة إنشاء بنك الفقراء في مصر لتحقيق تنمية مستدامة, مشيرا إلي أن لمصر تجارب رائدة في هذا المضمار بدأت بإنشاء بنك التسليف عام1911 كانت تستهدف في المقام الأول والأخير مساعدة الفلاح المصري البسيط وتحريره من المرابين, وظل البنك يقدم خدماته ويمدها بأجود أصناف التقاوي والأسمدة ويقرضهم ثمن المواشي والدواجن لحين موعد الحصاد, فيسدد الفلاح ما عليه مقابل رسوم قليلة إلي أن تحولت هذه المصارف إلي بنوك تنمية وائتمان زراعي في السبعينيات من القرن الماضي وخرجت عن الهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله وهو إعانة الأنشطة الزراعية والقضاء علي الفقر وحماية البيئة في المناطق الريفية. وأكد الحربش أن اقتصاد مصر في حاجة ملحة إلي طلعت حرب جديد للألفية الجديدة يعني بصياغة نظام جديد يعمل لمصلحة الفقراء بدلا من النظام الحالي الذي يستهدف الأغنياء.