أصبح الإخوان المسلمون واقعا فرضه صندوق الإنتخاب, فبعد سنوات طويلة من الشد والجذب والإباحة والمنع وتكون فكر يعادي أفكار الجماعة ويشن الهجوم عليها, جاءت نتائج أول إنتخابات بعد الثورة بحمل الإخوان إلي البرلمان بأغلبية واضحة. ولا يمكن كما يري البعض إتهام المجلس العسكري بأنه كان وراء هذه النتيجة, فقد جرت الانتخابات في الوقت الذي تدنت فيه علاقة الشارع لأسباب ليست كلها صحيحة تجاه المجلس العسكري. ولو كان الإخوان هم واجهة المجلس لكان طبيعيا في ضوء تلك العلاقات المتدنية ألا تذهب كل هذه الأصوات إلي الإخوان. فمن الخطأ اختزال نجاح الإخوان في تأييد المجلس العسكري والأهم اليوم الواقع الجديد الذي أصبحنا نواجهه ويفرض علينا التعامل معه. وفي ذلك فهناك مدرستان رئيسيتان تري إحداهما أن الإخوان لم يسبق لهم الحكم وأنهم طوال السنوات الماضية كانوا يقفون علي الشاطيء وهذه أول مرة ينزلون فيها إلي بحر الحكم ومشاكله, وأنهم يريدون إثبات قدرتهم بدليل أن تصريحاتهم منذ النجاح إختلفت وآخرها ما قاله رئيس حزب الحرية العدالة ذراع الإخوان السياسية للنواب الجدد من الإخوان: الناس تريد منكم طعاما وشرابا وتعليما وصحة وإسكانا ومواصلات وطرقا آمنة وعليكم أن تكونوا علي قدر المسئولية (صحيفة الحرية والعدالة عدد الإثنين) وبالطبع فما يطالب به رئيس حزب الإخوان لن يحله طول الجلباب أو اللحية أو عصا النهي عن المنكر والنقاب, وإنما يحله عمل علي أعلي درجات الجدية. وفي مواجهة تلك المدرسة فإن هناك من يري أن تاريخ الإخوان لا يطمئن, وأن الإخوان يعتبرون الديموقراطية السلم المسنود إلي الجدار الذي ما أن يمكنهم من الصعود عليه إلي السطح حتي يسحبوه معهم ليمتنع علي غيرهم بعد ذلك الصعود. فهي مرة واحدة ينجحون فيها وبعد ذلك سيكونون بطريقة ما صورة أخري من الحزب الوطني الذي سيطر حتي ثار عليه الشعب بعد 30 سنة! أنا شخصيا أفضل إعطاء الفرصة بعيون مفتوحة. [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر