علي كل من نسي أو تجاهل, وكل من لا يربط بين الأحداث هنا وهناك.. علينا جميعا أن نعي جيدا ظاهرة التقسيم التي تتبعها الدول الكبري مع الدول المعادية لها, وفي ذلك تتجسد أمامنا ألمانيا التي بعد أن دمرها الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية وحولوا أراضيها إلي جحيم مستعر لعبت خلاله القوات الجوية الأمريكية دورا رئيسيا, وبعد أن أصبحت كل المدن والقري الألمانية عبارة عن( خرابة) هائلة يتسول أهلها بقايا طعام قوات الحلفاء ويلتقطون( أعقاب) سجائر الغزاة, كما يفعل المتسولون في البلدان الفقيرة.. بعد كل ذلك كان أن قاموا بتقسيم ألمانيا, كما نعرف جميعا, إلي شرقية وغربية.. هذه تدور في الفلك الأمريكي, وتلك تدور في الفلك السوفيتي, أما العاصمة برلين فقد مزقوها إلي أربعة أقسام: أمريكي, وسوفيتي, وبريطاني, وفرنسي!. بالمثل تتمثل أمامنا كوريا التي شطروها إلي شمالية وجنوبية, وأصبح أهل الوطن الواحد ألد عدوين! وبالمثل طبقوا نفس هذا التكتيك الشيطاني علي فيتنام. وأصبح هناك فيتنام الشمالية تتحالف مع الاتحاد السوفيتي, وفيتنام الجنوبية تقف وراءها الولاياتالمتحدة واشتعلت الحرب الضروس بين دولتي الشعب الواحد إلي أن انتهت بانتصار أسطوري لهذا الشعب العظيم مازال هذا الانتصار ينخر في سيكولوجية الأمريكيين, حتي إنه بعد حرب الخليج عندما كونت واشنطن ما يسمي بقوات التحالف.. قوات تحالف من العديد من الدول انطلقت لتحارب عراق صدام حسين, وبعد أن تحقق الانتصار المحتم والمتوقع خرج الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب ليزهو وينتشي معلنا عبارته الشهيرة:( لقد رفسنا عقدة فيتنام مرة واحدة وإلي الأبد).. لاحظ هنا كلمة( رفسنا)!!. وحتي لا نستطرد في هذا التاريخ الطويل نكتفي بالإشارة إلي ما فعلته بريطانيا العظمي في شبه القارة الهندية, الذي أدي إلي انقسام هائل بين المسلمين والهندوس تبلور إلي انقسام شبه القارة الهندية إلي دولتين: الهند وباكستان, اللذين مازالا إلي يومنا هذا مصدر تهديد لبعضهما البعض ويهدد باشتعال نووي في أي لحظة.. إذن هي سياسة, أو استراتيجية, يتبعها العالم الغربي لتأكيد سطوته وانفراده بالسلطة فوق الكرة الأرضية بأكملها!. والآن, ومنذ ثلاث سنوات سبقها ما يقرب من عشر سنوات في التخطيط والإعداد وتجهيز العملاء.. الآن جاء الدور علي العالم العربي, ومنذ اللحظة الأولي لظهور هذا المخطط في الافق خرج الرئيس السوداني البشير ليوافق علي( تقسيم) بلاده إلي شمال وجنوب! ومن ثم فإنه بعد أن كان مطاردا, ومطلوب القبض عليه, اختفت كل الاتهامات التي كان الإعلام الغربي الحر يعزفها برتابة مملة وفجاجة عاهرة, واختفت التهديدات وأوامر القبض علي رئيس دولة! وقبل ذلك كان أن تم تقطيع أوصال العراق والقضاء علي قواته المسلحة وتغذية نعرة القوميات والمذاهب, وعندما تحقق ذلك كان أن انسحبت القوات الأمريكية بعد ضمان أن( حارس البوابة الشرقية للعالم العربي أضحي عاجزا عن حماية نفسه). وفي الشمال.. هناك في سوريا, حيث القوة العسكرية الثالثة في العالم العربي, أشتعل القتال بين القوات المسلحة السورية, وبين ما يسمي ب( الجيش الحر) الذي تم تدريب رجاله منذ سنوات طويلة في تركيا وفي الولاياتالمتحدة, وتحولت سوريا بدورها إلي( أرض خراب) أخري في العالم العربي... أرض خراب أجبروها علي تسليم ترسانتها من الأسلحة الكيماوية التي هي الأضعف في قائمة أسلحة الدمار الشامل, بينما خصمها اللدود: إسرائيل العظمي تختص وحدها بامتلاك ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية, علاوة وهو من المفارقات الهزلية والمأساوية في عالمنا المعاصر علي امتلاكها شبكة عصرية للدفاع ضد الصواريخ عابرة القارات! وشبكة أخري للدفاع ضد أسلحة الفضاء! كما لو أن العرب يملكون دون أن يدروا صواريخ عابرة للقارات وأسلحة تنقض من الفضاء خارج الغلاف الجوي للكرة الأرضية الأمر الذي لابد, أن يشكل خطرا داهما علي إسرائيل العظمي, والربيبة المفضلة لدي الولاياتالمتحدة.. الأمر الذي لا يمكن أبدا السكوت عليه!! وهكذا فإنه بعد تقطيع أوصال العراق الذي تمثل قواته المسلحة القوة العسكرية الثانية في العالم العربي.. بعد ذلك يجري استنزاف القوة العسكرية الثالثة الممثلة في سوريا, وذلك دون تدخل جندي أجنبي واحد, ولكن الفضل كله, ووحده, ينسب إلي ما يسمي ب( الجيش السوري الحر)..( سوري) يحارب سوريا, و(حر) يواجه الدرع التي تحمي وطنه, وقد أسفرت عمليات هذا الجيش السوري الحر عن دمار هائل في مدن وقري سوريا لم تستطع إسرائيل في أي يوم من الأيام أن تحقق مثل هذا الدمار, وذلك إلي جانب تشريد الملايين من أبناء الشعب السوري بما يفوق بكثير من قامت إسرائيل بتشريدهم من أبناء الشعب الفلسطيني!. ونصل الآن إلي مصر.. قلب العروبة النابض( كما يسميها العرب) والقوة العسكرية الأولي في العالم العربي, في هذا الاتجاه كان الهدف الأمريكي هو تقسيم مصر إلي مجموعة دويلات صغيرة: دويلة للمسلمين, وأخري للمسيحيين, وغيرها لأبناء النوبة, ورابعة للبدو, مع استقطاع مساحة صغيرة ومتواضعة لإقامة منظمة حماس.. ربيبة إسرائيل, وبالتالي أمريكا! أما بالنسبة للقوات المسلحة المصرية فقد تمثل الهدف فيما يسمي ب( إغراق) هذه القوات في حراسة المنشآت العامة والدفاع عنها ضد العملاء الذين هبوا علينا من كل فج, ومن كل ملة, ومن كل اتجاه, بجانب( إغراق) هذه القوات في محاربة الإرهابيين الذين جاءوا بهم إلينا وحشدوهم في شبه جزيرة سيناء! وهنا, وفي تصوري الشخصي لأنه لم يخرج علينا حتي الآن أي مسئول ليقول لنا ما يجري لنا, ومن حولنا فالوقت لم يحن بعد لكشف تفاصيل المؤامرة الكبري التي تستهدف مصر في المقام الأول, بجانب أن كشف( أوراقنا) سيحفز المتآمرون ضدنا علي تعديل, وتغيير مخططاتهم مما سيكون في غير صالحنا في تصوري الشخصي أن كل العمليات التي جرت داخل البلاد كانت لتشتيت واستنزاف قواتنا المسلحة, وقوات الشرطة, وجهاز المخابرات العامة الذي لعب دورا تاريخيا في هذه المعركة وجهاز المخابرات الحربية, وجهاز مباحث أمن الدولة الذي لا أعرف حتي الآن تسميته الجديدة التي أطلقها عليه نظام الإخوان المسلمين.. في تصوري هذا أن المرحلة الأخيرة والحاسمة كانت تستهدف تهديد قناة السويس, وتنفيذ عملية جريئة في هذا المجري المائي العالمي.. وحينئذ, وفورا, كما قامت قوات العدوان الثلاثي علي مصر في عام6591 تتدخل قوات( تحالف دولي) جديد لحماية هذا الشريان الحيوي بالنسبة للعالم كله, والذي لن تكون مصر قادرة عليحمايته! وبالقطع ستشارك قوات حلف الناتو في هذه العملية تماما, كما سارعت بالتدخل ضد قوات القذافي عندما أبدت مقاومة شديدة تهدد نجاح الثورة, وحينذاك لم ينس المتآمرون أن يبعثوا عميلا مخابراتيا فرنسيا ليغتال القذافي بسبب كما قلت من قبل إسقاط طائرة الركاب الأمريكية في لوكيربي! علي الفور تدخلت قوات حلف الأطلنطي, وبالمثل يمكن لهذه القوات وغيرها أن تتدخل في حالة تهديد قناة السويس. وبدون أي مبالغات أو مشاعر نرجسية أجزم بأن رجالنا استطاعوا حتي الآن بنجاح مبهر أن يجهضوا هذا المخطط العدواني الشامل والمتكامل, ففي الوقت الذي تقوم فيه قواتنا بالمناطق العسكرية المختلفة بمساندة قوات الشرطة في مختلف محافظات مصر خلال المظاهرات وعمليات الشغب التي تشتعل بانتظام بمجرد وصول الدولارات.. وفي الوقت نفسه تقوم قوات الجيش الثاني والجيش الثالث كل في نطاق مسرح العمليات المحدد له في سيناء بمطاردة الإرهابيين الذين أتحفتنا بهم واشنطن وحلفاؤها, وذلك في نوع من الحروب لم تمارسه قواتنا من قبل( حرب رجال العصابات) ومع ذلك استطاعت القوات المصرية أن تحقق نجاحات شلت تفكير أولئك العباقرة الذين قاموا بتخطيط تلك المؤامرة الحقيرة!. أما بالنسبة لقناة السويس التي كانت دائما وأبدا المفتاح الذي تتذرع به القوي المعادية للتدخل ضد مصر كما حدث خلال العدوان الثلاثي في عام65 هذا المفتاح كان سيتم تفعيله فورا بمجرد تعرض قناة السويس لعملية إرهابية من أي نوع, وعلي أي مستوي.. وبالنسبة لهذا الشريان المائي العالمي تشترك أيضا قوات الجيشين الثاني والثالث في حمايته من بورسعيد شمالا إلي السويس جنوبا, بل وداخل مياهنا الإقليمية في البحرين الأبيض والأحمر, وذلك طبعا بالتعاون الوثيق مع القوات البحرية والجوية. والآن ما علينا إلا أن نتماسك حتي اتمام انتخابات رئاسة الجمهورية عندنا.. وعندهم هناك في واشنطن عسي أن تسفر الانتخابات هناك عن انتخاب رئيس قوي ومتزن علي عكس الرئيس الحالي الذي ورط بلاده في أحط مؤامرة في تاريخ العالم!. لمزيد من مقالات محمد عبدالمنعم