تعد قضية الاستثمار في مصر من أهم القضايا التي توليها حكومة الإنقاذ الوطني قدرا كبيرا من الاهتمام في ضوء الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد خلال هذه الفترة والتي تشهد تراجعا في احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي وصل إلي ما قدره61 مليار دولار خلال الأشهر الماضية. مما تطلب بذل جهود كبيرة لتبني برنامج عاجل لإنعاش الحالة الاقتصادية وتهيئة مناخ أفضل للاستثمار في مصر والعمل علي تنشيط وزيادة فاعلية مشاركة القطاع الخاص, وتحفيز القائمين علي إدارته من المستثمرين في مصر, والمصريين العاملين بالخارج, والمستثمرين لرأس المال العربي والأجنبي. ولاشك في أن الاستقرار الأمني والسياسي يعدان من أهم الركائز الأساسية التي تكفل المناخ الملائم لدعم جهود مشروعات القطاع الخاص لكي يكون أكثر كفاءة وقدرة علي دفع جهود التنمية في جميع المجالات, لاسيما أن في مصر أعدادا كبيرة من المواطنين ممن لديهم القدرة المالية علي الإسهام في تنمية مصر. وتأتي دراسة جميع المشكلات التي تواجه المستثمرين علي قمة الأولويات المطلوبة لإزالة جميع المعوقات الإدارية التي تحد من قيامهم بدورهم بكفاءة وفاعلية أكبر, وذلك من خلال تطوير السياسات والاجراءات مما يسهم بقدر كبير في تشجيع وتنشيط حركة الاستثمار بصفة عامة.. إلا أنه ينبغي أن يتلازم مع هذا التطوير بذل المجهود من أجل إعادة الثقة بين المستثمرين وبين الأجهزة المختصة بالاستثمار, تلك الثقة التي ضعفت واهتزت خلال الفترة الأخيرة. ولإعادة هذه الثقة فإن الأمر يتطلب من تلك الأجهزة المختصة تأكيد ثقة حكومة الانقاذ في وطنية ونزاهة مجتمع رجال الأعمال من المستثمرين, وإذا كانت هناك قلة منهم قد انحرفت وجانبها الصواب فإنها لاتحسب علي الكثرة من المواطنين الشرفاء التي تؤكد رغبتها في دفع جهود التنمية في شتي المجالات والإسهام في إقامة العديد من المشروعات لإيجاد فرص عمل منتجة لشباب الخريجين. ولكي يتحقق ذلك فإن هناك عددا من المحاور الأساسية التي تتكامل مع بعضها البعض والتي تتطلب اتخاذ الاجراءات اللازمة للإسراع في تنفيذها, ومن أهمها: المحور الأول... ويتعلق بمشروعات التنمية الزراعية والتصنيع الزراعي حيث تؤكد الكثير من الدراسات أن القطاع الزراعي يتميز بالقدرة علي توفير عمالة كبيرة لاتحتاج إلي درجة عالية من المهارة. وتعد فكرة إنشاء المجمعات الصناعية الزراعية أحد الاتجاهات الحديثة التي تم تنفيذها في كثير من الدول النامية لتوفير المنتجات الزراعية بأسعار مناسبة, مما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي للمواطنين من الغذاء, وخلق فرص عمل حقيقية, منتجة لشباب الخريجين من خلال إقامة تلك المشروعات كثيفة العمالة التي يمكن أن تستقطب أكبر قدر من أعداد شباب الخريجين الباحثين عن فرص عمل. أما المحور الثاني.. فهو يتعلق بأهمية دعم المشروعات الانتاجية الصغيرة التي تحتاج إلي رءوس أموال محددة, والتي تسهم بدرجة كبيرة في توفير فرص عمل منتجة للشباب, وينبغي أن نوضح أن العبرة في إقامة تلك المشروعات ليست في منح شباب الخريجين القروض المالية فقط, وإنما الأهم من ذلك هو مساعدتهم من خلال تقديم جميع الخدمات لهم حتي يتسني لهم تشغيل تلك المشروعات بكفاءة ونجاح. وأخيرا فإننا نؤكد أن ظاهرة البطالة وقضية تشغيل الشباب هي قضية مركبة الأبعاد, وهي نتاج للعديد من العوامل الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية المختلفة, ومن ثم فإنه يجب أن تكون الحلول لها من خلال مجموعة متكاملة من السياسات والاجراءات العاجلة وطويلة الأجل التي تلتزم بوضعها وتنفيذها ليس الحكومة وحدها فقط, وإنما يجب أن تكون هناك مشاركة جادة وفعالة من جميع الأجهزة الحكومية ووحدات الادارة المحلية, والقطاع الخاص, والقطاع التعاوني, وقطاع الأعمال العام, والأحزاب, وجمعيات الحرفيين, والنقابات المهنية, وجمعيات الأسر المنتجة, وجميع المنظمات غير الحكومية. وأجهزة الإعلام المختلفة. المزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم