لاشك عندي في أن مصر( منذ03 يونيو3102) تشهد حريا حقيقية بين مدرستين: مدرسة تريد أن تكون مصر في أقرب وقت علي درب الاستقرار والازدهار عن طريق استكمال خريطة الطريق باعتماد الشعب للدستور الجديد تم باختياره لأعضاء البرلمان وأخيرا بانتخاذ رئيس جديد لمصر يكون بوسعه قيادة مصر لمستقبل أكثر سلاما ونموا. وفريق آخر بذل ويبذل وسيبذل قصاري جهوده لإفشال وإجهاض مراحل خريطة الطريق المتبقية. هذا الفريق الثاني هدفه محصور في استعادته سدة الحكم في مصر أيا كانت الكلفة وأيا كانت الخسائر ولاشك عندي( من منطلق معرفتي بتاريخ مصر وحساسية لحظتها الراهنة وأيضا انطلاقا من معرفتي بدساتير مصر والعالم) ان الدستور الذي سيتوجه المصريون للاستفتاء عليه يومي41 و51 يناير هو دستور جيد وأكثر تقدما وعصرية من كل دساتير مصر منذ.2591 وقد تكون هناك مسائل في هذا الدستور الجديد لاترضي البعض, ولكن العبرة هي بإن الدستور في مجمله خطوة للأمام وأخشي ماأخشاه أن يتسبب بعض أعضاء النخبة المصرية في دفع بعض المصريين للركوض وراء المستحيل وترك الممكن. فمصر اليوم بحاجة تاريخية ماسة للتقدم للأمام وعمل كل مايمكن عمله لتجاوز المرحلة الانتقالية. ولا أعرف سبيلا لذلك إلا بالتصويت بنعم علي الدستور الجديد والمشاركة الكثيقة في الاستحقاقين التاليين: الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية. وقد تعلمت من دروس السنوات الثلاث الأخيرة أن أثق في خيارات الشعب المصري أكثر مما أثق في خيارات النخبة, فالشعب المصري هو الذي أعلن يوم03 يونيو3102 رفضه أن يحكم الإخوان مصر.وحتي لو كان بعض أعضاء النخبة قد شاركوا الشعب في هذا الرفض, فإن قدرات النخبة ماكانت لتتجاوز المئات القليلة من جمهور حركة كفاية التي كانت تقف بائسة علي رصيف نقابة الصحفيين منذ سنوات قليلة وهي عاجزة عن إحداث أي تغيير علي أرض الواقع. والنخبة أيضا هي من أحسنت الظن بعدد من المصريين( من الوافدين من الخارج) ثم اكتشفت أن الشعب كان الأسبق في اكتشاف بعدها عن طموحات الوطن. إن الهم الأكبر لإعداد مصر المدنية المستقرة المزدهرة والمتطلعة للتقدم ليس لهم من غاية أو هدف اليوم إلا أن لاتثمر إرادة الجماهير المصرية التي أذهلت الدنيا بحشودها يوم03 يونيو3102 ثلاث ثمار مهمة: ثمرة أولي هي الدستور المعتمد من الشعب, وثمرة ثانية هي برلمان منتخب بإرادة حرة وليس بإغراءات وضيعة وثمرة ثالثة( هي الأهم) وهي وجود رئيس لمصر منتخب بشكل نزيه وشفاف. وكلي أمل في أن يزيد عدد الذين سيعطون أصواتهم لرئيس مصر القادم عمن أعطوا أصواتهم لمحمد مرسي والذين كان نصفهم علي الأقل مدفوعا بالتصويت الانتقامي الرافض لأحمد شفيق. وآمل أن يتوقف الشباب الذي انشغل خلال الأسابيع الأخيرة بأنشطة لا تدخل إلا تحت مسمي الهدم عن تلك الأنشطة وأن يؤمنوا أن الهدم بطبيعته الفلسفية لايمكن أن ينتج أي شيء إيجابي. إن أعداء مصر التي نحلم بها( مصر المدنية المستقرة والمزدهرة والتي هي جزء من مسيرة التمدن والحضارة الانسانيين) عازمون علي تعطيل مسيرة الخروج من الانتقالي إلي العادي وسيبذلون قصاري جهودهم الهدامة من الآن وحتي انتخاب المصريين لرئيس جديد لهم. ولكن ثقتي هائلة في عزيمة المصريين الذين قاموا يوم03 يونيو بنفض تراب التخلف عن كاهل مصر العظيمة. وكلي ثقة في أن من اتخذ القرار التاريخي بوقوف القوات المسلحة المصرية مع إردة الشعب المصري التي مثلتها الحشود البشرية( بعشرات الملايين) يوم03 يونيو لن يخذل مصر والمصريين وهو( وهم) يعلمون أن عدم استكمال المسيرة سيعرض الوطن( مصر) لنكسة أو نكسات قد تعيدها لأسوأ مما كان يتربص بها قبل3 يوليو.3102 ولايمكن أن يكتمل هذا النداء دون تحذير جماهير03 يونيو من كل النداءات المشبوهة التي تهدف بجلاء تام لاضعاف ثقة المصريين( ولو جزئيا) في جنودها البواسل وفي المؤسسة التي هي حاضنة الوطنية المصرية أي جيش مصر الذي من الطبيعي أن نحبه ونثق فيه ومن الطبيعي أيضا ألا يحبه الإخوان وألا يثقوا فيه. فكيف يثق في المؤسسة التي حاربت من أجل الوطن أؤلئك الذين لا هدف لهم إلا سرقة الوطن بل تحطيمه كليا. فهم يعرفون الأمة ولا يحترمون الوطن ولست أنا من قال إن الوطن عفن وإنما مفكرهم الأبرز سيد قطب. لمزيد من مقالات طارق حجي