مع كامل الاحترام والتقدير لكل الآراء التي تنحاز لثورة03 يونيو3102, أو تلك التي تنحاز لثورة52 يناير1102, إلا أنني لا أتفق كثيرا مع من يفرق بين ما حدث في52 يناير وما حدث في03 يونيو, ولا أتفق أيضا مع الصراعات الفكرية والسياسية النابعة غالبا من اختلافات أيديولوجية, والتي تختلف حول تعريف ماهية الثورة, وماهية الانقلاب, وفي اعتقادي أن المقدمات وتتابع الأحداث ونتائجها ثم توابعها تكاد تكون متطابقة.. صحيح أن هناك بعض الاختلافات الشكلية في الحالتين, لكنها لا تؤثر أبدا علي مضمون ما حدث قبل الحدثين الكبيرين وبعدهما. والحقيقة أن الأخطاء التي ارتكبها نظام ما قبل52 يناير هي الأخطاء نفسها التي ارتكبها نظام ما قبل03 يونيو, بل استطيع أن أزعم أن الأخطاء التي ارتكبها ثوار ما بعد52 يناير في الفترة الانتقالية, التي تلتها هي ذاتها الأخطاء التي ارتكبها ثوار ما بعد03 يونيو, وفي ظني أن طبيعة الثورتين والانقسام المرعب الذي أحدثتاه بين المصريين كان يتطلب منا اعتماد فلسفة مغايرة تماما في بناء الدولة التي تكاد تنهار اقتصاديا وسياسيا ومجتمعيا, لكن الأخطاء استمرت كما هي والنتائج والتوابع أيضا, وذات العقلية التي تدير الأمر لم تتغير كثيرا, وبدلا من التوجهات الاحادية للاخوان غرقنا في التوجهات الأحادية لليبراليين. أما الممارسات فبقيت علي حالتها المتردية في فلسفة أو قل في غياب فلسفة كتابة الدستور, والأهم والأخطر من محاولة كتابة دستور جديد أو تعديل دستور2102 في ظل أحوال البلد المضطربة بشدة هو غياب الخطة ب حال تعثر مسار خريطة المستقبل لأي سبب, كأن يرفض الشعب الدستور المعدل في الاستفتاء مثلا, خاصة أن الاستفتاء سيكون علي الدستور المعدل ككل وليس المواد المعدلة فقط, وهو احتمال يظل موجودا حتي ولو بنسبة قليلة, وما لم يكن لدينا تصور للخطة البديلة في مثل الظروف الراهنة, التي تمر بها مصر, فإن المستقبل سيظل رهينا للصدف والاجراءات الاستثنائية التي قد تنقذ موقفا لكنها أبدا لا تبني وطنا, وسيعني قول نعم أو لا للدستور المعدل عمليا أننا نعيد الاستفتاء علي دستور2102, وبالتالي لا يمكننا العودة لذات الدستور اذا قال الشعب لا في الاستفتاء القادم, وهي نقطة مهمة يجب الالتفات اليها, ولو كان الأمر بيدي لتحسبت لذلك الاحتمال الضئيل لرفض الدستور الجديد القديم, بأن يقرر الرئيس المؤقت حينئذ إعادة العمل بدستور1791 المعدل وفق استفتاء91 مارس1102 لمدة5 سنوات, علي أن ينتخب البرلمان والرئيس فورا وفق دستور1791 وبالنظام الفردي البحت في الدورة القادمة فقط, لحين اقرار نظام جديد في الدستور الجديد الذي سيكون أمامنا5 سنوات كاملة لإنجازه, وهي فترة اعتقد أنها كافية لاستقرار أوضاع الوطن سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا كمقدمة وضرورة لإعداد الدساتير في مناخ مناسب, لأن الدساتير تكتب لتوحيد الشعوب وليس لتفريقها. د. أحمد الجيوشي عميد كلية التعليم الصناعي جامعة حلوان