جاء الإعلان الدستوري الثاني الذي أصدره الرئيس عدلي منصور مساء الإثنين8 يوليو الجاري ملبيا لبعض أهداف ومطالب ثورة التصحيح التي فجرها الشعب المصري في03 يونيو. وبعيدا عن الدخول في مقدمات لاداعي لها, وبالقراءة المتأنية لهذا الإعلان الدستوري, يمكن رصد الملاحظات التالية: إن هذا الإعلان الدستوري تفادي الخطأ الجسيم الذي وقع فيه المجلس العسكري الذي حكم مصر بعد ثورة52 يناير, حينما استفت الشعب علي ثماني مواد معدلة في دستور1791, وإذ به بعد إعلان نتيجة الاستفتاء يصدر في03 مارس1102 إعلانا دستوريا في شكل دستور مصغر مكون من36 مادة وتضاربت الآراء وقتها حول مصير دستور1791, لكن الاعلان الدستوري الجديد علي إجراءات محددة أو ما يمكن أن يطلق عليه خريطة طريق لعمل التعديلات الدستورية لعدد من المواد في دستور2102 المعطل بصفة مؤقتة. أكد الإعلان الدستوري الجديد في مادته الأولي أن جمهورية مصر العربية نظامها ديمقراطي يقوم علي أساس المواطنة, مما يدحض الإدعاءات والافتراءات الكاذبة التي تقول إن ماحدث في03 يونيو كان انقلابا عسكريا. ولو كان ذلك صحيحا لتم تعطيل العمل دستور2102 بصفة نهائية كما حدث عقب وقوع الانقلاب العسكري في32 يوليو2591 حينما ألغي قادة الانقلاب دستور3291, لكن الحالة الراهنة في مصر تؤكد النهج الديمقراطي, وهو ماعبرت عنه المادة العاشرة من الإعلان الدستوري الجديد التي نصت علي حق المواطنين في تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب. يلاحظ تأكيد الإعلان الدستوري في مادته السابعة والثامنة علي حرية الرأي وحرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام, وحظر إنذار أو وقف أو إلغاء الصحف ووسائل الإعلام بالطريق الإداري, أي بقرارات إدارية من أي مسئول مهما كان منصبه, وألا يتم ذلك إلا بحكم قضائي. يؤخذ علي الإعلان الدستوري الجديد إحالة العديد من مواده إلي القانون, مما يعني الاتجاه لإصدار منظومة جديدة من التشريعات القانونية المفسرة لهذه المواد الدستورية, وهو اتجاه لم يكن مطلوبا في هذه المرحلة الانتقالية التي لن تزيد بمشيئة الله تعالي عن ستة أشهر طبقا للخريطة الزمنية التي وضع ملامحها الاعلان الدستوري في مواده أرقام03,92,82,.13 أحسن المشرع الدستوري حينما ألزم اللجنة المصغرة المكونة من عشرة أعضاء(6 قضاة و4 أساتذة قانون دستوري) والتي ستشكل بقرار جمهوري, بعرض مقترح التعديلات الدستورية علي لجنة تضم05 عضوا يمثلون كل فئات المجتمع علي أن يكون من بينهم عشرة علي الأقل من الشباب والنساء. لكن مايؤخذ علي احدي فقرات هذه المادة النص علي قيام مجلس الوزراء بترشيح الشخصيات العامة المشاركة في لجنة الخمسين, مما يعني تدخل السلطة التنفيذية مهما كان حسن نيتها في الصياغة النهائية للمواد الدستورية المعدلة. يلاحظ أيضا الاتجاه إلي الأخذ بنظام المجلس التشريعي الواحد وعدم الأخذ بنظام المجلسين, فقد نصت المادة رقم03 من الإعلان الدستوري علي أن يقوم رئيس الجمهورية بالدعوة لانتخاب مجلس النواب خلال51 يوما من تاريخ اعلان نتيجة استفتاء الشعب علي التعديلات الدستورية والعمل بها وخلا الإعلان الدستوري من أي نص يتعلق بمجلس الشوري, مما يعني الاتجاه لإلغاء جميع المواد المتعلقة به في الدستور المعطل مؤقتا. مما يؤخذ علي إحدي الفقرات التي حوتها المادة52 من الإعلان الدستوري, عدم الدقة في الصياغة وهو خطأ بلاشك غير مقصود, إذ نصت الفقرة السابعة من المادة المذكورة علي أن لمجلس الوزراء( عقد القروض ومنحها وفقا لأحكام الدستور), فأي دستور يقصد المشرع الدستوري الذي صاغ هذا الإعلان؟ إذ يعرف الجميع أن الدستور معطل مؤقتا وغير معمول به خلال المرحلة الأنتقالية. ورغم هذه الملاحظات التي لاتقلل أبدا من شأن هذا الإعلان الدستوري, فإنه يعد وثيقة مهمة في تاريخ مصر الحديث ويضع الدولة المصرية علي الطريق الديمقراطي الصحيح. إستاذ الإعلام السياسي بجامعة بنها لمزيد من مقالات د. عبدالله زلطة