يحب الناس دوما التعرف علي الحصاد الثقافي في نهاية كل عام, وتتنافس الصفحات والمواقع في التعرف علي هذا الحصاد ولاشك أن المساحات المفتوحة للتعرف علي هذا الحصاد في المواقع أكثر مرونة ما يحدث في الصحف من خلال المساحات المتاحة للكتابة ولا شك أن تلخيص وقائع عام بأكمله في جمل تلغرافية أمر بالغ الصعوبة خاصة حين يكون الحصاد خصبا تري هل الحصاد كان بكامل صحته في السينما المصرية والعالمية. أم أن هذا الحصاد أصابته أمراض عديدة من خلال العديد من الظواهر, ففي مصر شاهد الناس طوال العام23 فيلما جديدا ابرز ظاهرة فيها هي اللون الباهت, بمعني أن النجوم الذين عملوا في السينما المصرية بدوا وكأنهم فقدوا ألقهم, وصدم الناس وهم يشاهدون نجومهم في أربعة وعشرين فيلما غائبين عن الشاشة أو وهم ليسوا في أحسن أحوالهم, وعلي رأسهم حلمي الذي كان فيلمه علي جثتيمن أوائل الأفلام التي عرضت في العام الذي ينصرم. فالموضوع قديم للغاية يفتقد إلي الجديد الذي حرص الفنان علي تقديمه منذ سنوات, فالموضوع أقرب إلي بابا أمين الذي أخرجه يوسف شاهين عام1950 حول رب أسرة يرحل إلي العالم الآخر وتظل روحه تطوف حول داره من أجل حماية أسرته من تغيرات حادة تكاد تعصف بها. وطوال العام اختفي النجوم التقليديون من رجال ونساء ومنهم عادل إمام, وأحمد السقا, ومحمد هنيدي و بينما كرر محمد سعد نفسه من خلال مسمي جديد هو تتح, ولم يلفت أحمد مكي الأنظار إليه في سمير أبو النيل كما بدا وقد فقد هاني رمزي جزءا من بريقه في توم وجيمي, بينما ظهر أغلب النجوم في الدراما خاصة الذين التفوا حول عادل إمام في مسلسله الرمضاني, فكأنما الدراما هي البديل المضمون للسينما التي صارت باهتة, حتي وان كانت السمة الغالبة في أفلام النصف الثاني من العام تمجد البلطجية أصحاب الأسلحة البيضاء الذين يملأ ون العشوائيات في أعمال من طراز قلب الأسد والقشاش وأفلام أخري, بينما حاول السينمائيون أن ينسوا تماما مايجري علي أرض الواقع بتقديم أفلام تعتمد علي الكوميديا والغناء و وكأنما هذه السينما تعطي كبسولات للوقاية من الكآبة التي تملأ الصدور, فقد امتلأت الشاشات بأغنيات كثيرة في الأفلام التي عرضت في عيد لأضحي ومنها عش البلبلوهاتولي راجل, و8% وغيرها من الأفلام من جديد راهن المنتجون علي مخرجين جديد يتم إحراقهم بعد تجاربهم الولي ومنهم محمد شاكر, وبيتر ميمي, وماجي مرجان, وأحمد شاهين ورغم ذلك فان المخرجين القدامي المحترفين لم يكونوا في احسن حال ومنهم ساندرا نشأت في فيلمها الحفلة الذي استعانت فيه بنجمها المفضل أحمد عز, ولا نعرف هل الفيلم االذي عرض في اجازة منتصف العام كان ضحية للتحولات التي شهدتها البلاد في تلك المرحلة, أيأن فشل الفيلم كان سببه أمر أخري غير الألق الذي افتقده, كما أن المخرج المتميز محمد أمين قد قوبل فيلمه الأخير فبراير الأسود بآراء متناقضة بين نقاد أشادوا به وآخرين رأوه دون مستوي المخرج وسط هذا العدد القليل نسبيا من الأفلام وجد أكثر من مخرج الفرصة لتقديم أكثر من فيلم منهم أكرم فريد: نظرية عمتي وتوم وجيميوأيضا إسماعيل فاروق في القشاش ووكلبي دليليبينما تحولت عائلة السبكي إلي حالة من الاكتفاء السينمائي, فقد ظهر جيل جديد من المنتجين والمخرجين وكتاب السيناريو,واضطلع كريم السبكي بإخراج فيلمقلب السد الذي كاد يتعرض للخسارة بسبب أحداث رابعة العدوية والعنف الذي يمارسها الإخوان لكنالفيلم عاد ليتصدر الإيرادات بين أفلام عيد الأضحي ليس لدينا خريطة للسينما المصرية تتحدث عن حسابات المكسب والخسارة, لكن بعيدا عن القيمة الفنية للأفلام فان الكثيرين من المنتجين تخلوا عن الساحة في العام المنصرم واستكملت أسرة السبكي تواجدها وكأنهم يحملون رسالة للإبقاء علي السينما ككائن حي. خوت قاعات السينما تقريبا من الرواد لأسباب أمنية, وليست هناك قوائم أعدتها الشركات حول المكسب والخسارة بالنسبة لعروض الأفلام الأمريكية في مصر وعن الدرجة التي خوت بها القاعات طوال الأحداث المرتبكة التي شهدتها دور العرض, مثل مجمع سينما طيبة الذي ظل مغلقا تماما طوال أحداث رابعة و وقد عكست الخريطة ان دور العرض في المولات قد اكتفت بعرض أفلام الحركة طوال العام وكانت هناك ظاهرة أن الأفلام الأمريكية حصلت علي تصدير أفلام من طراز كاريوالجزء السادس من سريع وغاضبوالجزء الثالث من الرجل الصلبوأيضا الأجزاء الثانية من أفلام الكارتون التي نجحت أجزاؤها الأولي ومنها شركة المرعبين المحدودة و احتقرني وفيلم الحركةثور- الجزء الثاني- ووسط هذا الكم من أفلام الحركة لم يتمكن المشاهد المصري بالاستمتاع بالطبعة الجديدة من فيلم جاتسبي العظيم الذي تم إنتاجه مرتين في هوليوود ومرة واحدة في مصر نعم لقد تركت الأحداث السياسية والاجتماعية أثرها الواضح علي حصاد السينما في مصر ونتمني أن تصح خارطة الطريق السياسية في العام الجديد.. لينعكس ذلك علي حياتنا الفنية وليس في مجال السينما وحدها.