إنها مهندسة الاتفاق النووي الايراني الأمريكي, الجندي المجهول داخل البيت الأبيض والمرأة الأكثر نفوذا في الولاياتالمتحدة, تهيمن علي كل كبيرة وصغيرة في قرارات الرئيس وكانت من أهم الأسباب في وصوله إلي الحكم, سلطتها تخطت السيدة الأولي ميشيل أوباما والتي كان البعض يعتقد أنها من تحرك الأمور من وراء الستار, إنها الإيرانية المولد فاليري جاريت أقرب مستشارة للرئيس أوباما وصديقته الوفية التي شق بها قناة اتصالاته السرية مع طهران قبل سنة من التوقيع العلني علي اتفاق جنيف. اسم فاليري جاريت لم يتردد كثيرا وقليلون هم الذين سمعوا به حتي في واشنطن, إنها امرأة سوداء وهي أقوي ثاني شخص في إدارة الرئيس الأمريكي الحالية. فمن أين تستمد هذه المرأة المغمورة نفوذها؟ في الاجتماعات الرسمية يدلي كل شخص من المجتمعين بما عنده, لكن فاليري جاريت هي آخر من يهمس في أذن الرئيس بعد انفضاض الاجتماع, كل الآخرين يرون الرئيس في قاعة الاجتماعات ما عدا جاريت التي تزوره في بيته, هي التي أقنعت أوباما كما يقال بتعيين سوزان رايس مندوبة أمريكا السابقة لدي الأممالمتحدة مستشارته للأمن القومي لتقعد في المكان الذي احتلته في عهد سلفه جورج دبليو بوش امرأة سوداء أخري هي كوندوليزا رايس. ويعرف الجميع بالبيت الأبيض أن جاريت خط أحمر ولا يجدر بأحد مواجهتها, كذلك فلم ينظر رام عمانوئيل عندما كان رئيسا لموظفي البيت الأبيض إلي قوة جاريت بارتياح, وشهدت العلاقات بينهما توترا شديدا إلي أن عاد إلي شيكاغو, ويبدو واضحا نفوذ جاريت حينما غرد جوبي جوزيف رجل الأمن القومي الأمريكي علي موقع التواصل الاجتماعي تويتر معربا عن امتعاضه من اعتماد أوباما علي شخصية وصفها ب الصفر, أي اللاشيء وكان يقصد فاليري جارت, فكانت الإقالة من منصبه رغم انه كان خبيرا في مسألة الانتشار النووي وضليعا في كل ما يتعلق بالملف النووي الإيراني, بكلمات أخري يأتي مستشار ويرحل آخر وجاريت باقية للأبد, تهمس في أذن أوباما ولكن لا تتحدي قراراته قط. لعبت فاليري التي تنتمي لأب وأم أمريكيين دور الوسيط السري بين الولاياتالمتحدة وإيران قبل إجراء المباحثات التي تمخضت مؤخرا عن إبرام اتفاق جنيف, وقالت دوائر في ردهات البيت الأبيض حينئذ إن جاريت التي تنحدر في أصولها من مدينة شيراز الإيرانية وتجيد الفارسية بطلاقة كانت ضالعة بشكل مباشر في القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بخصوص الملف الأكثر جدلا في منطقة الشرق الأوسط وربما علي الصعيد الدولي وهو الملف النووي الإيراني. وليس سرا كيف وصلت هذه السيدة الي هذه المرتبة, فهي من قادة المجتمع المدني في شيكاغو, عملت بالمحاماة وناصرت باراك أوباما منذ أن التقته لأول مرة في عام1991 وهي التي قدمته الي شبكتها المهنية, وقدمت له المشورة حول الخيارات الممكنة في مسيرته, وعندما خاض معركته الانتخابية الناجحة في انتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي يوم كان عضوا في مجلس شيوخ ولاية إيلينوي ثم في معركة الرئاسة, بذلت أقصي ما لديها من جهد وخبرات لإقناع كل من يستمع اليها بأن أوباما جدير بالدعم حتي في صفوف عتاة المتحفظين علي ترشحه, يحسب لها دفعها لأوباما علي دعم قانون كفل للنساء حماية الأجر العادل, كذلك أقنعته بإدخال إصلاحات علي قوانين الهجرة وجعلها من الأولويات, ولكن يؤخذ عليها سعيها إلي تمرير إصلاحات في المشروع الأكثر جدلا أوباما كير من دون الاكتراث بفشل إدارة أوباما فيه, وكانت حجتها أن ذلك سيعيد صورته المهتزة إلي الإستقرار أمام الرأي العام الأمريكي وهو ما لم يحدث علي الإطلاق. هناك معضلة تناقض في سمعة جاريت, نصف عبارات التشهير التي تتناولها تطلق للتقليل من شأنها بتصويرها علي أنها الأم الحانية عديمة الكفاءة المفتقرة الي المهنية التي وجدت من يدعوها الي البيت الأبيض لمجرد أن تمسك بيد الرئيس. أما النصف الآخر فإنه مخصص لتصويرها علي أنها شخصية مهيمنة تتمتع بسطوة شريرة, قد تراها صديقة دلوعة تملأ علب الهدايا, لكنها في الواقع شفرة أوباما في البيت الأبيض.