خلقت لجنة الخمسين حالة من البلبلة عندما فتحت عشية انتهاء أعمالها قضية مسار خريطة المستقبل وخطواتها, وناقشت بسرعة وتسرع مدهشين إمكان تغيير ترتيبها لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية. وعندما لم تتمكن من الاتفاق علي ذلك, وما كان لها أن تتفق وهي تناقش أمرا كبيرا في الوقت الضائع, أحالت الموضوع إلي رئيس الجمهورية في نص انتقالي لا معني له ولا لزوم. فقد نصت المادة230 علي:( يجري انتخاب رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقا لما ينظمه القانون, علي أن تبدأ إجراءات الانتخابات الأولي منهما خلال مدة لا تقل عن30 يوما ولا تجاوز90 يوما من تاريخ العمل بالدستور)|. وأثارت هذه المادة جدلا واسعا خلال الأيام الماضية استنفد الكثير من الجهد والوقت بلا داع. فلم تنتبه لجنة الخمسين ولا المنغمسون في البلبلة التي أثارتها إلي أن التنظيم الذي وضعه الدستور لاجراءات الترشح في انتخابات رئاسة الجمهورية يفترض إجراء الانتخابات البرلمانية أولا, ولا يترك أي مجال أمام المشرع للاختيار سواء وفق المادة230 ولا يدونها. فقد حدد الدستور طريقة الترشح لانتخابات الرئاسة, ونص علي أن يحصل المرشح علي تزكية20 من أعضاء مجلس النواب أو تأييد25 ألف ناخب كشرط لضمان جدية ترشحه. ويعني ذلك ضرورة وجود مجلس النواب عند فتح باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية, حيث نصت المادة141 علي:( يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكي المترشح عشرون عضوا علي الأقل من أعضاء مجلس النواب, أو أن يؤيده ما لا يقل عن25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في15 محافظة علي الأقل..). ويستحيل, والحال هكذا, فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة إلا في وجود مجلس النواب حتي يتمكن الراغبون في الترشح من الحصول علي التأييد اللازم منهم أو من الناخبين وفقا لظروف كل منهم واختياره. وتعود الاستحالة الواضحة هنا الي أن إجراء انتخابات الرئاسة قبل وجود مجلس النواب يحرم الراغب في الترشح من فرصة الحصول علي تزكية20 عضوا في هذا المجلس. فلماذا البلبلة إذن, وعلام هذه الضجة الكبري؟ لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد